سيدة سورية تحقّق أحلامها بالرسم

“الحياة مستمرة رغم الحرب والفقر والإنسان الناجح يكافح فيها لتحقيق أحلامه رغم كل شيء، وإن فشل في حلم يسعى لتحقيق حلمه الآخر.بجهد وعطاء دون كلل أو ملل”. بهذه الكلمات تبدأ سلام حامض قصتها.

سلام  لم تتوقف عن المحاولة والتجربة لتتعرف على قدرتها الفنية.منذ صغرها أمسكت أقلام الرسم حاولت ترجمة خيالها برسوماتها.تدربت حتى نمت بموهبتها وباتت تستطيع إيصال رسائل قوية وناجحة من خلال لوحاتها التي تعبّر عن واقعها، وعن حلم الأمل والسلام.

سلام الحامض (28 عاماً)ولدت في مدينة جسر الشغور في ريف ادلب.متزوجة وأملثلاثة أبناء. درست علم الاجتماع في جامعة تشرين في محافظة اللاذقية.كانت تحب تخصصها وتمنّت أن تكمل دراستها لكن الحرب حالت دون تحقيق هذا الحلم.

غادرت مدينتها التي تحبها كثيرا بسبب القصف العنيف الذي كانت تتعرّض له، واستطاعت أن تبدأ حياة جديدة في قرية “جديدة”في ريف إدلب وحيث تفرغت لتحقيق حلمها الثاني، الرسم.

سلام تعشق الرسم وهو حلم لازمها عاماً بعد عام.كبرا معاً وأصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتها.الرسم والموهبة أتتها بالفطرة فهي لم تخضع لأي دورة ولم تذهبإلى معهد لتعلم الرسم.بل اعتمدت على ذاتها ونمّت قدراتها وموهبتها من خلال ممارسة الرسم بشكل يومي واتبعت اسلوب التغذية البصرية.

 تحاول سلام الحامض التعرف دائماً إلى كل ما هو جديد في عالم الرسم.  فالبشر بطبيعتهم مختلفون في الشكل والقدرات والمهارات وكذلك المواهب.حيثُ إنّ لكل إنسان موهبة خاصة به، موهبة الرسم الخاصة بها لا ترتبط بالتحصيل العلمي والأكاديمي.بل تعتمد على ميول الإنسان ورغباته وقدراته حسب تعبيرها.

تعمل سلام على لوحاتها من خلال إدراج الخطوط الخارجية للرسم، وكذلك على دمج الألوان وتوزيع الظلال.ويحتاج ذلك إلى الكثير من المحاولات والممارسة المستمرة.فهي تحاول أن تظهر للعالم حاجة المجتمع السوري للسلام والحرية لكنها تواجهالكثير من التحديات كونها انثى.

وتواجه موهبتها الفتية العديد من المصاعب تتمثل بتأمين المواد اللازمة والضرورية للرسم،رغم أنها تستخدم أدوات بسيطة في أعمالها كالحبر والألوان الزيتية.وهي ترسم بالفحم والرصاص أحياناً.

معظم رسوماتها تحكي عن المرأة والطبيعة.ترسم ما تتذكره من مناظر جميلة وتسافر فيها إلى عالم السلام.فهي تعيش مع الرسم رحلة إبحار، مسرعة بلوحاتها ورسوماتها إلى عالم مليء بالمحبة والسلام بعيداً عن الحرب والنزوح.وبعيداً عن هذا الواقع المؤلم.

لم تستطع سلام الحامض أن تشارك في معارض فنية من قبل، لكنها تفكر أن تفتتح معرضاً في الأيام المقبلة. كثيرون يتواصلون معها لشراءلوحاتها.لكنها تفضل أن تنشر لوحاتها الفنية المنجزة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.وتعتبر هذه الوسيلة الأفضل لها لإيصال رسالتها وأعمالها للناس والمجتمع.ولقد وجدت تفاعلاً كبيراً من قبل المتابعين على اللوحات التي نالت اعجابهم.

تبحث سلام عن فرصة عمل تخدم موهبتها وتقويها وتساعدها على تدبر أمور الحياة بعيداً عن بيع لوحاتها، بعد أن أصبحت هذه اللوحات، جزءاً منها. بعض اللوحات تؤثر بها أثناء رسمها للوحات أخرى، فمنها ما يذكرها بنفسها ومنها ما يذكرها بمدينتها التي غادرتها والكثير منها يذكرها بواقع الحرب التي تمر بها سوريا.أكثر اللوحات التي أثرت بسلام لوحة مدينتها التي رسمتها بعمق السلام بعيداً عن الحرب والدمار مدينة “جسر الشغور” التي ولدت وترعرعت بها.

سلام تتفرغ حالياً للرسم ورعاية أبنائها وتربيتهم.وتتمنى أن يصبحوا من أصحاب المواهب والإبداع.وتختم سلام بالقول: “دعوتي لكل امرأة أن تعمل على تجاوز جميع العوائق عبر المحاولة والتجربة، فمن خلال التجربة يمكن التعرف إلى قدرة الشخص على القيام ببعض الأمور، فمثلاً إذا أحب الإنسان الرسم يجب عليه التجربة بالرسم فإذا كانت لديه موهبة الرسم ستظهر من خلال المحاولة، وبمعنى آخر لا بدّ للإنسان من البحث عن الموهبة بنفسه مهما كان الأمر معقداً وصعباً في البداية”.