سيارات في المناطق المحررة صناعة محلية

في سوريا سيارات بدفع رباعي مصنعة محلياً تصوير إيهاب البكور

في سوريا سيارات بدفع رباعي مصنعة محلياً تصوير إيهاب البكور

"صناعة هذه المركبات و توافرها في المناطق المحررة يحمل الكثير من الإيجابيات للمواطنين، لرخص تلك المركبة و قوتها"

إيهاب البكور

لطالما كانت السيارة حلم كل سوري. ظن الكثيرون أنه ومع قدوم مسيرة التحديث والتطوير بقيادة بشار الأسد، ستصبح سيارات “السايبا” (saipa)  الإيرانية الصنع،  و”الجيلي” (GEELY) الصينية الصنع، وهي من أرخص أنواع السيارات،  بمتناول جميع السوريين.

لم تدم فترة الأحلام أو الأوهام طويلاً. وضعت الحرب حدّاً لكل تلك التمنيات. ولكن ولأن الحاجة أم الاختراع، عمد بعض المواطنين في المناطق المحررة إلى محاولة تصنيع مركباتهم الخاصة. وكانت بلدة حلفاية الرائدة في ذلك.

عماد حلفاوي (40 عاماً) صاحب ورشة تصنيع السيارات تمكن من انتاج مركبة رباعية الدفع، أطلق عليها اسم “الحلفاوية”.

يقول حلفاوي “كانت صناعة هذه المركبات ملاحقة من قبل النظام، وكل من يقوم بتصنيعها معرض للإعتقال. و حتى المركبة بعد تصنيعها، كان النظام يصادرها عندما يمسك بها. و كما هو معروف كانت السيارات المستوردة باهظة الثمن، ولا يوجد مركبات رخيصة يمكن أن تعيننا على الحياة. فنحن مجتمع زارعي في غالبيته، أو صناعي، و لا بد من مركبة تخدم متطلبات العيش هذه”.

ويضيف حلفاوي “سابقا كان النظام هو العائق أمام التصنيع، واليوم بعد قيام الثورة، أصبحنا في المناطق المحررة بحاجة أكثر من قبل لهذه المركبات”.

ويلفت الحلفاوي إلى أهمية انتاج هذه السيارة خصوصاً مع توقف حركة التصدير الى المناطق المحررة. ما عدا السيارات الخاصة والسياحية القادمة من تركيا، والتي غالباً ما تأتي بطرق غير مشروعة، ناهيك عن غلاء ثمنها.

وكان مستشار وزير النقل في الحكومة المؤقتة  إبراهيم العلي قد ذكر في تصريح لصحيفة القدس العربي  “ان تدفق السيارات الأوروبية متوقف إلى الأراضي المحررة منذ ثمانية اشهر، ويقتصر الإدخال على السيارات الموجودة أصلا في تركيا، بمعنى آخر يسمح للتاجر بإدخال سيارات تركية مستعملة إلى سوريا فقط ولا يسمح بإدخال سيارات قادمة من أوروبا أبدا”.

أبو أكرم (35 عاماً) صاحب سيارة حلفاوية يقول لـ«حكايات سوريا» :”كنت أعمل في التعهدات الإسمنتية وعلى الطرق، ولا بد لي من مركبة قوية تتحمل الأوزان الثقيلة،و تتناسب مع السيولة المتوفرة معي، فلم أجد كسيارة الحلفاوية حلاً لي. فسعرها لا يتجاوز المليون ليرة سورية في أفضل حال”.

و اعتبر أبو أكرم أن صناعة هذه المركبات و توافرها في المناطق المحررة يحمل الكثير من الإيجابيات للمواطنين، لرخص تلك المركبة و قوتها.

يبدأ تصنيع السيارة أولا بالهيكل الحديدي الذي يتم تطويعه في ورشات التصنيع المحلية. ثم بعدها يتم تركيب المحرك الذي يتنوع بحسب رغبة الزبون. وهذا بحد ذاته تطور في هذه الصناعة. فقد كانت الصناعة تقتصر على نوع واحد من المحركات.

أبو سالم (34 عاماً) يعمل في ورشة لتصنيع السيارات يقول: “بعدما تحررت مناطقنا، ازدهرت صناعة الحلفاويات، وأصبحنا نذلل الصعوبات شيئاً فشيئاً، حتى أصبحنا اليوم نستطيع تركيب محركات لماركات “ميتسوبيشي,Mitsubishi” و “هيونداي,Hyundai” و “كيا,kia”.

ولا يغيب عن أبي سالم التذكير بالصعوبات التي تعترض التصنيع، من إغلاق المعابر، والحصار، و القصف. “كلها تشكل عراقيل في حركة التصنيع، ولكن الإصرار على الحياة أقوى من تلك العراقيل” يقول أبو سالم.

تخرج السيارة من ورشة الحدادة الى ورشة الدهان، ومن ثم الى المحطة الأخيرة وهي ورشة التنجيد و الكهرباء، ثم تخرج بحلة جديدة تسر الناظرين.

مصطفى البكري (42 عاماً) زبون ينتظر انتهاء سيارته من التصنيع، يقول لـ” حكايات سوريا”  “ان سمعة هذه السيارة جيدة بين المزارعين والتجار. وهي رخيصة الثمن ورخيصة الإصلاح مقارنة مع السيارات الأجنبية، خاصة أنها مصنوعة من الصفيح، وهذا يعني أن إصلاحها أرخص”.

و أكد البكري أن المناطق المحررة معرضة للقصف بشكل دوري، وهذا يعني تضرر السيارات بشكل مستمر، وهذا سيكون مكلفاً جدا في حال كانت السيارة أجنبية.

رئيس المجلس المحلي في بلدة حاس ناصر الأعرج (38 عاماً) يؤكد “أن هذه الصناعة تساعد الأهالي في كافة القطاعات، ونحن بدورنا كمجلس محلي نشجع على ازدهارها، وتطورها، ولا نجد مشكلة في تواجدها في مناطقنا”.

و نوه الأعرج الى أنه لايوجد جهة أو مؤسسة تقوم بترسيم هذه المركبات، و هذا يعد سلبية كبيرة تسجل لهذه السيارات، فذلك لا يضمن حقوق المواطنين المالكين والمتضررين على حد سواء خاصة في حالة حدوث الحوادث، علما أننا نساعد الشرطة الحرة و نتعاون معهم في حالة حدوث مثل تلك الحوادث.