سوق جديد للخضار في سراقب

"من خلال مشروع السوق تمكن المجلس المحلي من خلق أكثر من 100 فرصة عمل، موزعة بين محاسبين وجباة وحراس ليليين وتجار وسائقين، إضافة لعمال النقل والتفريغ."

سوق الهال الجديد الذي أنشأه المجلس المحلي في المدينة يوفر على أبو أحمد (43 عاما) تاجر البطاطا الوقت والجهد في بيع بضاعته. ويقول أبو أحمد: “سابقا كنت أمضي وقتا طويلا حتى أتمكن من بيع بضاعتي أما الآن وبسبب تجمع تجار الجملة في مكان واحد لا أكاد أصل إلى السوق حتى تنفذ البضاعة كلها”.
في 27 آب/أغسطس 2017 افتتح المجلس المحلي في مدينة سراقب سوق هال جديد لتجارة الخضروات والفواكه والذي يعتبر أحد أكبر أسواق سوريا. هنا يجتمع كافة تجار الجملة في المدينة ومن المتوقع أن يغطي احتياجات أغلب المناطق في ريف إدلب الشمالي. ويتألف السوق من 22 مكتب وأجهزة ميزان إلكتروني وهو مجهز بشبكات المياه والصرف الصحي والكهرباء.
رئيس المجلس المحلي في مدينة سراقب مثنى المحمد (40 عاما) يقول لموقعنا: “الهدف من إنشاء السوق هو تأمين مورد مادي ثابت، يستطيع المجلس المحلي من خلاله تقديم بعض الخدمات في جوانب أخرى، كالكهرباء والمياه والنظافة. وذلك في ظل نقص الدعم المقدم للمجالس المحلية عامة”.
ويضيف المحمد: “هناك أسباب أخرى دفعتنا إلى العمل على تنفيذ فكرة السوق أبرزها الاختناقات المرورية في المدينة، نتيجة تواجد الشاحنات والبرادات داخل شوارعها، ومن ناحية أخرى هناك توجه لدى المجلس نحو نقل بعض الفعاليات التجارية خارج المدينة تجنباً لمخاطر القصف”.
وينوه المحمد بأنه وبالرغم من انطلاق عمل التجار في السوق الذي يمتد على مساحة 10 آلاف متر مربع، والذي استمر التجهيز له قرابة السنة إلا أن العمل فيه لا يزال قائما حتى الآن لتشطيب وإنهاء أعمال التجهيز النهائية. وقد بلغت كلفة بناء وتجهيز المساحات المشتركة 5 ملايين ليرة سورية أما المحال فكلفة بنائها على أصحابها.
واكتسب سوق الهال الجديد في مدينة سراقب أهميته لعدة أسباب، فإلى جانب الناحية الاقتصادية والموقع الجغرافي المتميز، تمكن السوق من توفير الكثير من فرص العمل لشباب المدينة العاطل عن العمل.
مدير السوق محمد عكلة (43 عاما) يقول: “مردود السوق المادي يعود لخزينة المجلس المحلي، وذلك عن طريق استيفاء رسوم دخول الشاحنات المحملة بالبضائع وأجور الميزان الإلكتروني”.
ويلفت عكلة إلى أنه من خلال مشروع السوق تمكن المجلس المحلي من خلق أكثر من 100 فرصة عمل، موزعة بين محاسبين وجباة وحراس ليليين وتجار وسائقين، إضافة لعمال النقل والتفريغ.
كغيره من المشاريع واجه السوق صعوبات كثيرة، يتحدث عكلة عنها: “تعرضنا خلال فترة انجاز العمل لكثير من الصعوبات وأبرزها مخاطر القصف، وتأمين المواد اللوجستية، ناهيك عن المخاطر الأمنية، والمعوقات المادية التي تم تجاوزها ضمن الإمكانات المتاحة للمجلس”.
ويختتم عكلة حديثه: “تم إنشاء السوق وفق المواصفات المطلوبة والمتعارف عليها، فبالإضافة إلى 22 كتلة بناء هناك مستودع كبير، ومكتب لتجار الشحن، إضافة لتجهيزات خدمية من مطاعم، واكسبريس، وشبكة انترنت، بالإضافة إلى تجهيز مرافق صحية ومسجد وتجهيز كل مكتب بدورة مياه وبوفيه”.
يلاقي السوق الجديد قبولا كبيرا من قبل التجار الذين يعملون فيه ورضى لما فيه من تنظيم وخدمات وفق ما أكد أبو صالح (38 عاما) أحد تجار السوق، ويقول أبو صالح: “أصبحت الأمور بوجود السوق الجديد أكثر تنظيماً. ومن أهم حسناته أنه تخلصنا من العشوائية التي كنا نعاني منها سابقا. الآن هناك جهة رسمية وهي المجلس المحلي لها الحق في التدخل بشؤون السوق وتنظيم أموره”.
ويضيف أبو صالح: “لا نستطيع القول إنه سوق مثالي ويرقى إلى أسواق المدن الكبيرة ولكن ضمن الإمكانات المتاحة هو عمل ممتاز وقلل نسبة المشاكل والمشاجرات التي تحصل كثيرا في مجال عملنا والتي من الممكن أن تتطور في وقتنا الحالي إلى إشهار السلاح”.
البعض من تجار الجملة في المدينة الغير منتفعين من السوق نظروا إليه على أنه سبب في قطع رزقهم أو إنقاصه لتحول الكثير من الناس إليه، يقول أحد التجار في المدينة فضل عدم الكشف عن اسمه: “أغلب أصحاب المحلات التجارية الصغيرة التي كانت تأخذ بضاعتها من المدينة تحولت إلى السوق وهذا أمر انعكس علينا سلبا. الكثير منّا لا يستطيع ترك محاله التجارية في المدينة والخروج إلى السوق الجديد”.
ويشهد سوق الهال الجديد إقبالا كبيرا من الناس وخاصة أصحاب المحال التجارية الصغيرة المنتشرة في حارات المدينة، موسى المحمد (27 عاما) صاحب محل خضار يقول: “من الجيد أن تقوم باختيار بضائعك بنفسك وأنك غير ملزم بالشراء من تاجر معين. سابقا كنّا نتشارك في كثير من الأحيان عدة محلات لجلب بضائعنا من منطقة بعيدة عن المدينة ولم نكن نختار البضائع وهذا أمر سيئ، فكثيرا من الأحيان نجد نسبة كبيرة من البضاعة غير طازجة وغير صالحة للبيع أو الأكل، أما الآن لا نأخذ إلا ما يحلو لنا”.
تعبّر أم محمد (55 عاما) إحدى نساء مدينة سراقب عن امتنانها وسعادتها بالسوق مازحة بزغرودة صغيرة وغير مسموعة، تقول: “أخيرا أصبح بإمكاني الذهاب صباحا لأختار خضاري الطازجة وغير ملزمة بمحل واحد. أيضا اختلف عليّ الأمر من الناحية المادية فأغلب البضائع هنا تكون أرخص”.
بهدف تقديم أفضل الخدمات وأن يكون عونا للأهالي يسعى المجلس المحلي في مدينة سراقب لأن يكون نموذجا يحتذى به من قبل نظرائه في المدن المحررة، وأن يجد لنفسه تمويلا ذاتيا يستطيع من خلاله تقديم الأفضل للمدينة.