سوريات ناشطات رغم كل التحديات

“تعرضت لمحاولة اغتيال بزرع متفجرات داخل سيارتي ما ادى لتفجيرها عند الساعة الثانية من فجر يوم الجمعة 27 آذار/مارس 2015، وذلك نتيجة  نشاطاتي الثورية، ومساعدة النساء على اكتساب المعارف والمهن، من خلال المركز الذي أديره، والذي سبق أن تعرض للسرقة والحرق والمداهمة”. تقول مركز مزايا للنساء في كفرنبل غالية الرحال (40 عاماً)  وتضيف “لنا أعداء كثر، يعملون في الخفاء، ويفعلون ما يفعلون لمنع المراة من القيام بأي نشاط. وأشك على الأرجح بخلايا النظام والذين هم ضد الثورة. أستبعد ان تكون للجبهة يدا في ذلك لأنها لا تعمل في الظلام بل في وضح النهار”.

تشير الرحال إلى أن محاولات اغتيال الثوريين، كانت تحصل في كفرنبل حتى قبل دخول جبهة النصرة إليها. فقد تعرض الناشط ياسر السليم لتفجير سيارته لكنه نجا. جهاد زعتور (57 عاماً) انفجرت سيارته وهو بداخلها، ما أدى إلى وفاته، وهو أحد متزعمي الثورة في كفرنبل.  وكذلك أخوه أبو رومان (53 عاماً) الذي انفجرت سيارته دون أن يصاب بأذى. ابراهيم الهاجر (48 عاماً) وهو أحد اعضاء المكتب الثوري تم حرق سيارته. غالية على يقين أنها تفعل الصواب، ولن تردعها التهديدات أو المخاطر عن متابعة مسيرتها ونشاطاتها الثورية.

أحد مشايخ مدينة كفرنبل ويدعى الشيخ عبد الله (54 عاماً) يقول”نحن جميعا ضد ما يحدث من تخريب وأعمال عدوانية وخاصة ضد النساء، فهن لا يفعلن ما يشين، بل على العكس هن أثبتن وجودهن من خلال مايقمن به من نشاطات وأعمال خيرية”.

أحد وجهاء المدينة ويدعى أبو محمود (58 عاماً) يتساءل مستغرباً “لا أعرف ما الذي يدفع مثل هؤلاء لأذية مديرة مركز مزايا؟ لماذا؟ فكل ما تفعله هو مساعدة النساء على اكتساب العلم والمهن والحرف، في وقت هنّ بأمس الحاجة لذلك، حيث كثرة الأرامل والمحتاجات والمعيلات. هي تستحق الشكروالتقدير، وكل من يحاول أذيتها هو خائن ومندس”.

نساء أثناء التسوق في سوق حي الشعار في حلب. تصوير:حسام كويفاتية

التجارب الثورية النسائية في سوريا عديدة، أم مصعب (61 عاماً)  كانت ممن خرجن منادين بالحرية منذ بداية الثورة. تقول “لم تقتصر نشاطاتي على مشاركة الرجال في المظاهرات السلمية، بل ساعدت الثوار، حملت معهم السلاح عندما اصبحت ثورة مسلحة. وخسرت ولدي مصعب (43 عاماً) استشهد في إحدى المعارك بين الثوار وقوات النظام”. تتمنى أم مصعب لو يمد الله في عمرها لتستمر بعطاءاتها الثورية الى ان تشهد النصر ودحر هذا النظام الظالم.

للحاجة خديجة (58عاماً) تجربة نضالية طويلة مع هذا النظام. تقول الحاجة خديجة “خسرت ولديّ سالم (25 عاماً) ومحمد (28 عاماً) في  أحداث الثمانينات، حيث كنت أساعد الثوار وأقوم بتخبئتهم في بيتي أثناء ملاحقة قوات النظام لهم، واستمريت بمساعدتهم. وخسرت زين (20 عاماً) ولدي الثالث خلال هذه الثورة المباركة. قضى في سجون النظام”. وبصوت يرتجف مع ترقرق الدمع في العينين، تتابع الحاجة خديجة “الآن وغداً وفي أي وقت أنا مستعدة لخسارة كل شئ في سبيل القضاء على هذا النظام الغاشم”.

وعن الدور الكبير الذي لعبته النساء السوريات في مساعدة الثوار، والقيام بنشاطات فعالة في سبيل نجاح هذه الثورة يقول رائد الفارس رئيس المكتب الاعلامي في كفرنبل (43 عاماً) “تلك النسوة هن القوة التي تشحن عزيمة الرجال، وهن فخر سوريا وـمل مستقبلها شمعة ثورتها ومربيات أجيالها. ولن ينسى التاريخ تضحياتهن وعطاءاتهن”.

الدكتور مدين ديوب (48 عاماً)  إبن مدينة حماه والمقيم في كفرنبل يقول “المرأة السورية لم تقف مكتوفة الأيدي أمام ما يحدث في وطنها سوريا، بل شاركت وتشارك في فعل مايمكن فعله من أجل نجاح هذه الثورة وبناء مستقبل سوريا الحر”.

العضو في جمعية بسمة أمل الخيرية في معرّة انعمان أبو محمد (46 عاماً) يقول”لا يخفى على أحد دور المرأة منذ بداية الثورة فهي ساعدت الثوار، في جمع المعلومات عن المخبرين وجواسيس النظام، وخبأت لهم السلاح أثناء تواجد الجيش النظامي في المنطقة، وهي من ضحّت بأبنائها وآبائها وإخوانها، وضحت بالكثير في سبيل الثورة، وما نزال بحاجة لها في أعمالنا، فنحن نستعين ببعض الناشطات في توثيق الحالات الإنسانية، ومن هم بحاجة للمساعدة. فنقوم نحن بتقديم المعونات لهؤلاء المحتاجين، وهناك الكثيرات ممن يعملن في هذا المجال “.

وبالنسبة للمنظمات الداعمة لنشاط المرأة في المنطقة فهناك منظمات عديدة منها، وبحسب غالية الرحال، المنظمات الخيرية ومنظمات الهلال الاحمر الدولية والمكاتب الثورية. إضافة الى الفئات المثقفة في المنطقة والتي تقدم للمراكز والنشاطات النسائية الدعم المعنوي والتشجيع. فيما تقدم المنظمات الدولية الدعم المادي.

أخيراً قام مركز مزايا في كفرنبل وفي بادرة هي الأولى من نوعها بتكريم الناشطات السوريات في المنطقة، وذلك في يوم المراة العالمي  تقديرا لعطاءاتها، وتم تقديم هدايا رمزية. كما واحتفل مركز مزايا معرة حرمة ـيضاً، وهو أحد فروع مركز مزايا كفرنبل بعيد الأم وقد خصص هذا الاحتفال لتكريم الأمهات اللواتي فقدن أولادهن في هذه الثورة. “ستظل المراة في مجتمعنا شعلة نور تضيء من حولها، ولن تستطيع خفافيش الليل وشياطينه أن تطفئ نورها”. بهذه الكلمات أنهت غالية الرحال حديثها.