سعاد انتصرت على سوء المعاملة بالعمل والطلاق

من أشغال سعاد في الخياطة تصوير رزان السيد

وجدت سعاد (24 عاماً) بالشاب الذي تقدم لخطبتها ويدعى أيمن (35 عاماً) رجل أحلامها. كان طويل القامة وسيماً، أحبّته من النظرة الأولى، وقررت الموافقة على طلبه بالزواج منها متناسيةً أنها ليست الزوجة الأولى. فقد كان قد تزوج في السابق من إمرأة عاش معها مدة قصيرة وطلقها.

أشهر قليلة من زواج سعاد عاشتها بسعادة، وغالباً ماكانت تسأل أيمن عن سبب طلاقه لزوجته السابقة فيتفلت من الإجابة ويختصرها بأنها لم تكن الزوجة التي يرغب.

لم يمض وقت طويل على زواج سعاد لتكتشف السبب الحقيقي وراء طلاق زوجته الأولى، إنه الضرب والإهانات. سرعان ما كشف الزوج قناعه ليظهر وجه آخر يعلوه التعجرف والتذمر والغضب. وخاصة أمام أهله الذين تعيش معهم سعاد في منزل واحد.

في غرفتيهما كان يتصرف بشكل طبيعي، أما أمام أمه وأبيه فقد كان إنساناً مختلفاً، وكأنه  “يريد أن يثبت لهما بأنه رجل بكل معنى الكلمة. لا أدري أين الرجولة حين يوبخ الرجل زوجته ويضربها ويهينها أمام أهله، وهما يبدو عليهما الرضا مما يفعله، فلا يمنعاه ولا حتى يلوماه على تلك التصرفات”.

حاولت سعاد أن تشرح لأهلها مشكلتها مع أيمن وكيف أن العيش معه أصبح جحيماً لا يطاق. لكنهم وضعوا اللوم عليها لأنها وافقت على الزواج به دون أي اعتبار لرأيهم به. وليتمكن والد سعاد المسن من تخفيف الضغط على ابنته اقترح على زوجها أن يعيشا في منزل مستقل عن أهله. شارحاً له بأن من حق كل زوجة أن تنعم بحياة مستقلة.

فما كان من أيمن إلا أن استشاط غضباً وهو يقول: “لن أعيش بعيداً عن أهلي، فابتعد عن هذا الحل، وإن أرادت ابنتك الطلاق في سبيل هذا الحل فسوف أطلقها ولست نادماً”. فما كان من والد سعاد إلا التراجع عن اقتراحه، فهو لا يرغب بتطليق ابنته علّ الأحوال تتغير مع الأيام، ويحسن معاملة سعاد لاسيما وأنها تنتظر مولوداً.

عادت سعاد لذات السيناريو مع أيمن، حاولت جاهدة أن ترضي الجميع بما فيهم الزوج ووالديه دون جدوى، فكل ذلك لم يردعهم عن معاملتهم السيئة لسعاد.

أنجبت سعاد طفلها الأول والثاني وأسمتهما علي وعلاء. وكان أن مضى على زواجها خمس سنوات، كان أيمن فقيراً، قليل العمل، يعتاش على الراتب التقاعدي لوالده المسن الذي لا يسمن ولا يغني من جوع. وهنا بدأت سعاد تشعر بحاجة ولديها للكثير من الأشياء والملابس والغذاء والدواء.

 حتى الحلويات التي يشتريها الأطفال عادةً، لم يكن باستطاعة والدهما تأمينها لهم، فقررت العمل، بالرغم من ظروف الحرب والقصف المستمر الذي يطال قريتها احسم. وهنا انطلقت لتتعلّم مهنة الخياطة في أحد المراكز النسائية.

وفعلاً تعلمت المهنة في وقت قصير، وبدأت بمزاولة المهنة بعد أن استدانت ثمن آلة الخياطة من والدها. بدأت العمل وبدأت أحوالها المادية تتحسن، لم تعد تكبت سعاد دموعها كلما طلب منها ولديها بعض الحاجيات بل أصبح بإمكانها شرائها لهما.

هذا الحال لم يعجب الزوج الذي راح يأمرها بمنحه جميع المال الذي تجمعه من عملها لينفقه على ملذاته الشخصية وعلى سهراته مع رفاقه. وحين كانت سعاد ترفض ينهال عليها ضرباً ويأخذ منها ما جمعته بالقوة أمام ولديها اللذين كانا ينفجران بالبكاء خوفاً من عنف أبيهما.

قررت سعاد الطلاق من أيمن فلم تعد تستطيع التحمل أكثر من ذلك، وخاصة بعد أن أصبح لديها ولدين مجبرين على مقاسمتها كل تلك المآسي مع ذلك الزوج.ولم يكن طلاق سعاد أمراً سهلاً. فقد تعرضت مع أهلها للكثير من المضايقات من زوجها الذي وعد بأنه لن يطلقها بسهولة، وهو ما تسبب لوالدها المسن بجلطة قلبية كادت أن تودي بحياته.

رفعت سعاد دعوى تفريق للمحكمة الشرعية في كفرنبل القريبة من قريتها، وصرحت للقاضي بنيتها بالطلاق من زوجها والأسباب التي دفعتها لذلك، ولأنها تنازلت عن جميع حقوقها ضغط القاضي على زوجها فطلقها لينتهي بذلك كابوس حياتها معه.

سعاد اليوم تعمل وتعيل ولديها، وتحاول أن تكون لهما الأم الحنون والأب المسؤول، وعاهدت نفسها بعدم الزواج ثانية.