سبل العيش لمساعدة أصحاب المهن السوريين

ورشة صناعية برعاية مشروع سبل العيش تصوير دارين الحسن

ورشة صناعية برعاية مشروع سبل العيش تصوير دارين الحسن

"مساعدة أصحاب المهن على العودة إلى مهنهم، وتأمين أعمال تساعد النازحين على أعباء الحياة، وتخلق بيئة اقتصادية لتلبية احتياجاتهم الحياتية ودمجهم في المجتمع المحلي ."

نزح أبو إبراهيم من ريف حماه نتيجة القصف والتصعيد العسكري، تاركاً محله التجاري ومعدات مهنة الحدادة التي ورثها عن أبيه. بعد فترة من المعاناة من دون عمل، قدم له مشروع سبل العيش المعدات التي يحتاجها ليعود إلى مهنته ويبدأ العمل من جديد .
جمعية عطاء للإغاثة الإنسانية أطلقت مشروع “سبل العيش” في مخيمات ريف إدلب للعمل على مساعدة أصحاب المهن على العودة إلى مهنهم، وتأمين أعمال تساعد النازحين على أعباء الحياة، وتخلق بيئة اقتصادية لتلبية احتياجاتهم الحياتية ودمجهم في المجتمع المحلي .
مدير المشروع عدنان عباس (35 عاماً) يقول: “استفاد من المشروع نحو 200 عائلة في مخيمات ريف إدلب. وشمل المشروع عدة أقسام منها الجانب الزراعي الذي وفر الدعم لنحو 32 مستفيداً، تم منحهم معدات زراعية. إضافة إلى الجانب المهني الذي استفاد منه ٢٠ شخصاً حصل كل منهم على مستلزمات مشاريع مهنية ضمن أربع مهن أساسية وهي الحلاقة، الحدادة، مكانيك دراجات نارية والخياطة”.
وأضاف عباس: “كما تم توزيع ١٤٨ منحة عينية تضمنت معدات مهن مختلفة حسب رغبة كل مستفيد. ناهيك عن قيام المشروع بفتح ٥٠ محلاً تجارياً للمستفيدين لمزاولة مهنهم من جهة، وتلبية احتياجات النازحين من السلع والبضائع من جهة أخرى”.
ويؤكد عباس بأن لكل مستفيد الحق باختيار العمل الذي يريد، واختيار مكان مزاولة مهنته وآلية تصريف بضائعه وتسويقها. أما عن سبب تنفيذ المشروع في المخيمات يقول عباس: “أردنا مساعدة النازحين والمهجرين للاعتماد على أنفسهم في كسب لقمة العيش وتأمين مصادر رزق من خلال تدريبهم على مهن مختلفة وإعطائهم أدواتها، وتحويلهم من عاطلين عن العمل إلى منتجين قادرين على التغلب على ظروف النزوح القاسية “.
ويلفت عباس إلى أن منظمة الهجرة الدولية قدمت الدعم المادي لهذا المشروع بالشراكة مع منظمة بنيان التي قامت بفتح المحلات التجارية. وكشف عباس أن قيمة المعدات التي حصل عليها كل مستفيد تتراوح بين ٩٠٠ و ألف دولار أميركي. على أنه وبعد مدة ٦ أشهر يتم خلالها مراقبة عمل المستفيد من قبل جمعية عطاء وقياس مدى نجاحه ومساعدته على تخطي العقبات تصبح المعدات ملكاً له بشكل كامل .
أما عن طريقة اختيار المستفيدين الأكثر احتياجاً فيقول عباس: “قمنا بتشكيل لجنة تضم ممثلين يعيشون داخل المخيمات لترشيح أسماء المستفيدين، والتعريف بالأسر الأكثر حاجة وتضرراً بحيث كانت الأولوية للعائلات التي فقدت معيلها. ثم تم اختيار بقية الأسر بحسب درجات الضعف والضرر ومستوى الدخل”.
أبو عبدالله (41 عاماً) من ريف حلب استفاد من الدعم الزراعي. وأصبح يستطيع من خيرات مايزرعه أن يعتاش مع أسرته. ويقول أبو عبدالله لـ”حكايات سوريا”: “خضعنا للتدريب لمدة شهر على طريقة زراعة البيوت البلاستيكية والزراعة المكشوفة، ثم تم تسليمنا معدات زراعية كاملة للفلاحة وخراطيم مياه وسماد ومضخة لاستخراج المياه، إضافة إلى قطعة أرض تم استئجارها بالقرب من مكان إقامة كل منا”.
نزحت الأرملة أم علي (38 عاماً) من مدينة اللطامنة إلى المخيمات، وبقيت وأولادها دون معيل مما جعلها تدفع أولادها للعمل للحد من الضائقة الاقتصادية وتأمين مصدر رزق للعائلة. المشروع أعاد الأمل إلى حياة الأسرة من جديد، فقد امتهنت أم علي الخياطة وحصلت على معدات تدعم بدايتها.
وعن ذلك تقول أم علي: “أعمل في خياطة الملابس والمفروشات المنزلية. وأعتمد في ذلك على دورة الخياطة التي خضعت لها إضافة إلى مهارتي الشخصية وقدرتي على إنتاج أعمال تفصيل القماش المتنوعة. وقد حصلت من خلال المشروع على كافة المعدات من مكنة خياطة ومكنة حبكة ومكواة بخارية”.
وتضيف أم علي بتفاؤل: “لقد أمن لي المشروع فرصة العمل التي أنتظرتها لتخلصني من وضع صعب، وتعينني على الحياة وقسوتها بعد وفاة زوجي جراء الحرب الدائرة وتحيلني إلى معيلة لأبنائي الستة”.
عبد الحميد البكور (43 عاماً) أحد سكان مخيم عطاء وأحد المستفيدين من المشروع يتحدث عن أهميته قائلاً: “لقد خسر الكثير من الأهالي أرزاقهم ومصادر عيشهم جراء الحرب المستعرة، مما جعل فرصة إيجاد عمل من أكبر التحديات التي تواجهنا. لذلك كان المشروع ضرورة ملحة في حياتنا، حيث ساعدني على إتقان مهنة مكانيك الدراجات النارية. وقد استطعت أن اتقنها جيداً خلال فترة وجيزة، كما أن الكد والمثابرة جعلتني صاحب مصلحة وفتحت لي أبواب الرزق”.
الشاب محمود العمر (26 عاماً) من مدينة التمانعة في ريف إدلب. تعرض لبتر قدمه نتيجة إحدى الغارات الجوية التي طالت مدينته، استفاد من المشروع وتمكن من تحدي أصعب الظروف. وعن ذلك يقول: “اخترت مهنة صيانة الحاسوب والالكترونيات لأنها تتناسب مع وضعي الخاص وتواكب متطلبات الحياة التي نعيشها، وأحصل من خلال العمل على مدخول جيد يكفيني مرارة العوز والحاجة التي كانت تشكل الهاجس الأكبر في حياتي.”
كما يناشد العمر المنظمات بالالتفات لمثل هذه المشاريع التي تساعد على خلق فرص عمل جديدة تساعد الأهالي على البقاء والصمود بوجه الحرب. وتخفف من حدة الفقر الذي ترتفع معدلاته يوماً بعد يوم .