رجال الحسبة تطبيق للشريعة أم تضييق على الأهالي
محمد الديري
رجال “الحسبة” يرتدون الللباس الباكستاني كبقية عناصر الدولة الاسلامية. فضلاً عن رواتبهم الشهرية يحصل عناصر الحسبة على سدس الأموال المجموعة من الغرامات.
(دير الزور- سوريا) رجال الحسبة أو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التابعة للدولة الإسلامية, يتخذون في كل بلدة أو مدينة مركزا لهم. يتوزع عناصره أثناء إقامة الصلاة على اغلب مساجد المنطقة المتواجدين فيها, لإجبار الناس على إقامة الصلاة. كما تسير الحسبة دوريات تابعة لها لجمع الضرائب والمخالفات من الأهالي. رجال الحسبة يرتدون الللباس الباكستاني كبقية عناصر الدولة الاسلامية. فضلاً عن رواتبهم الشهرية يحصل عناصر الحسبة على سدس الأموال المجموعة من الغرامات.
يقول أحد مناصري الدولة الإسلامية ويدعى عيد محمد (30 عاماً) “عندما أرى رجال الحسبة يأمرون بمعروف أو ينهون عن منكر يذهب بي الخيال إلى زمن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه, كل ما يطلبونه هؤلاء الرجال هي أمور شرعية حضّ عليها ديننا الحنيف”. ويضيف “المسلمون بسبب تجاهلهم واستخفافهم بأمور هي من أساسيات الدين أثقل كاهلهم اليوم مطالبة إخوانهم لهم بهذه المتطلبات من حجاب شرعي والتزام بالصلاة في المساجد وما إلى ذلك”.
أبو خطاب التونسي أمير في الحسبة، وهو خطيب معتمد من الدولة الاسلامية في مساجد البوكمال بريف دير الزور الشرقي، رجل في متوسط العمر، في خطبة أحد أيام الجمعة أبلغ الناس بما هم له فاعلون “نحن نأمر بالمعروف إذا أظهر الناس بتركه، وننهي عن المنكر إذا أظهر الناس فعله، ونصون المجتمع من الانحراف، ونحمي للدين من الضياع”.
يتندر أهالي المنطقة بتاريخ رجال الحسبة، وأغلبهم من أهالي المنطقة، فالكثير ممن لم يكن يؤدي الصلاة سابقا أصبح اليوم في الحسبة. يضرب بعضهم بعصا الدولة الإسلامية ليغيظ أعداءه أو من يختلف معهم بوجهة النظر, حيث يتم تصوير المجتمع السوري بعامته على أنه كافر.
يقول وائل السليمان البالغ من العمر 40 عاما وهو أحد رجال الدين الصوفيين “تبا لهم كيف يطلقون الاحكام الشرعية بدون أدلة, الا ينظرون إلى المساجد متى بنيت وإلى الحجاج من المنطقة متى طافوا ببيت الله, المجتمع السوري مجتمع مسلم على الفطرة فلا يجوز لهم تكفيره”. ويقرّ السليمان بـ “تقصير المجتمع السوري ببعض الأمور الشرعية كالاختلاط في المحافل، أو عدم ارتداء النساء للحجاب الشرعي الكامل”.
ويبقى أن لإدارة الحسبة لشؤون المنطقة جوانب أخرى ومنها تلك المتعلقة بالرسوم والضرائب. ويتساءل مواطنون هل ما زال يتوجب عليهم دفع الفواتير التي من شأنها ترفيه القادة والمسؤولين كما كانوا في زمن حزب البعث الحاكم؟ وهل يحق للحسبة تغريمهم؟ في هذا المجال يقول محمد وجيه (22 عاماً) “أنا لم أعد أعرف هل هم كما يقولون خلافة إسلامية أم خلافة مالية”. ويعتقد وجيه “إن جلّ ما يسعى خلفه هؤلاء الرجال ليس تطبيق الأحكام الشرعية على حد قولهم، لأن ديننا دين يسر وليس دين عسر, ولكنهم يسعون لجمع الضرائب والمخالفات أكثر من أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر”.
يؤكد وجيه أنه في مناطق سيطرة الدولة “عندما تصادر كميات من السجائر فعادة لا يتم حرقها كما يتصور الجميع، بل إن أجزاء كبيرة من المصادرات تذهب إلى منازل عناصر الدولة حيث يدمن أغلب الأنصار على التدخين”.
عبادة الخلف (36 عاماً) يؤيد ما جاء على لسان وجيه “أغلب الأنصار هم من مدمني التدخين وأغلب المصادرات تعود بالنفع عليهم”. ويرى الخلف أن ممارسات الحسبة لم تزد الناس إلا بغضا بما يفعلونه “إن الأفعال الإجرامية التي ينفذها من يدعى الحرص على الإسلام هي من يسيئ للإسلام، فعلى سبيل المثال لم أقرا في كتب السيرة بأن أحدهم اعتقل عريسا في ليلة زفافه لساعات مهما كان السبب كما يفعل اليوم رجال الحسبة لوجود اختلاط أو أي تجاوز آخر”.
الخلف يرى أن المردود المالي من الضرائب المادية والمخالفات هو ما زاد جشع رجال الحسبة “لهم سدس ما يتم جمعه من المخالفات، وهذا ما زاد في سطوتهم ضد المواطنين بينما يذهب القسم الأكبر لبيت مال المسلمين على حد قولهم”.
أما في ما يتعلق بالرسوم الذي تجمعها الحسبة عن المخالفات فمنها على سبيل المثال:عدم ارتداء الحجاب الكامل غرامة خمسة آلاف ليرة سورية. الإتجار بالسجائر غرامة 25 ألف ليرة سورية، مع سجن لمدة اسبوع. ضبط المدخن غرامة تتراوح بين ألف وألفي ليرة سورية، مع سجن يوم كامل.
يعتقد طارق الموسى (40 عاماً) وهو أحد مناصري الدولة الإسلامية أن رجال الحسبة على الطريق القويم ويقول “عندما أصدر رجال الحسبة التوجيهات بضرورة الالتزام بالحجاب الشرعي، الاقلاع عن التدخين، التقيد بمواقيت الصلاة ومنع الاختلاط، لم تكن هذه القرارت من محض إرادتهم بل هي أوامر ربانية”. يتابع الموسى “عندما يتقاعس الكثيرون عن الالتزام بهذه الأوامر يحق لرجال الحسبة تغريمهم وتعزيرهم “. والتعزير لا يوجد له ضوابط محددة فحسب رأي القاضي أو الأمير يعزر كل شخص حسب تهمته وغالبا ما يتراوح التعزير من 20 جلدة الى 40 جلدة, وفي بعض الحالات يكون التعزير بدفع مبلغ مادي يعينه القاضي في المحكمة الإسلامية.
من جهته يرى علاء ضويحي (40 عاماً) أنه لا يحق لرجال الحسبة “معاقبة المتكاسل عن أداء الصلاة، أو تكفير بعض المسلمين الذين ينتهجون طريقة إسلامية غير طريقتهم كالإخوان المسلمين والصوفية”.
وتقول راضية منديل وهي شابة في العشرينيات من عمرها “على هؤلاء الرجال التوقف عند هذا الحد من الإساءة للإسلام. الإسلام دين العفة والتسامح, وليس كما يطبقونه من غلظة وشدة, فالكثير من النساء اللواتي كن يرتدين الحجاب واليوم هن مرغمات على لبس النقاب سيخلعن النقاب بأقرب فرصة ويعدن إلى فطرتهن, ما لم يتم إقناعهن به ورضاهن على ارتدائه”. وتضيف “إن كانوا يظنون أن الغرامات (المخالفات) التي غرّموها للكثير من النساء ستبنى جيلا إسلاميا كما يريدون فأريد طمأنتهم أن ذلك لن يأتي سوى بالبغض والكره لهم”.
“لوكان بشار الأسد يأمرنا ويشدد علينا من أجل إقامة الصلاة لما خرجنا في ثورة ضده” يقول نورس خليل المناصر للدولة الإسلامية.