راديو فرش يغلق أبوابه بضغط من جبهة النصرة
“إلى جميع العاملين في راديو فرش وموقع فرش أونلاين الإلكتروني: تم ايقاف العمل في كل من الراديو بجميع أقسامه والموقع اعتباراً من تاريخه 14 حزيران/يونيو 2016، وحتى إشعار آخر”. إعلان فاجأ العاملين في كل من الراديو والموقع، تم نشره من قبل مجلس الإدارة في صفحة على الفايس بوك خاصة بمنظمة اتحاد المكاتب الثورية.
تأسس راديو فرش في مدينة كفرنبل في ريف إدلب الجنوبي، بتاريخ 15 تموز/يوليو 2013، أي أنه اقترب من الاحتفال بالسنة الثالثة. ويعتبر الراديو من مؤسسات منظمة اتحاد المكاتب الثورية. ويضم أكثر من 100 موظف وموظفة، يعملون في جميع اختصاصات الراديو، من تغطية الأحداث إلى الإلقاء إذاعي وتحرير أخبار وأمور أخرى متنوعة.
انبثق عن الراديو موقع إلكتروني بتاريخ 1 أيلول/سبتمبر 2014، يعنى بمتابعة آخر الأخبار الميدانية والسياسية. ويضم في ثناياه أبواب متنوعة ليكون هو الآخر أداة إعلامية توثق الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري. ويعمل في الموقع الإلكتروني 27 موظفاً وموظفة.
غيث الشيخ (29 عاماً) من مؤسسي راديو فرش، ومدير الموقع الإلكتروني التابع لها، يحمل إجازة جامعية في الأدب العربي يقول: “انطلقت راديو فرش منذ ثلاثة أعوام، وفي بداية الأمر لم نكن نتوقع أن نصل إلى ما وصلنا إليه في هذا المجال. استطعنا خلال ثلاث سنوات أن نرتقي بالإذاعة إلى مصاف الإذاعات المتقدمة، حتى أننا تمكنّا من نيل المرتبة الأولى من خلال التقييم الذي قامت به المنظمة الداعمة”.
ويشير الشيخ إلى أن الكادر بدأ صغيراً جداً، لا يتعدى الخمسة أشخاص، وبخبرات ومعدات بسيطة جداً، والآن كادر الراديو والموقع أكثر من 150 شخص بين ذكر وأنثى.
ويضيف الشيخ: “لم أدرك ما الذي حصل لي عند رؤيتي لذلك المنشور الذي قام مجلس الإدارة في المنظمة بنشره على صفحة مغلقة خاصة بنا. ومفاده تم ايقاف العمل في كل من الراديو والموقع الإلكتروني ولم تظهر الأسباب التي أدت إلى هذا الأمر في البداية، ولكن تبين لنا لاحقا أن ضغوطات مارستها وشروط فرضتها جبهة النصرة على الإدارة. هذه الشروط لم تناسب الجهة الداعمة ما اضطرها إلى قطع الدعم عنّا، كنت أعلم أن هذا الأمر سيأتي عاجلاً أم آجلاً، لأن الإعلام محارب من جميع الجهات، لم أحزن على نفسي ولكن حزنت على ال 150 عائلة التي فقدت دخلها بإغلاق الراديو والموقع الإلكتروني”.
نها الخالد (25 عاماً) إحدى المذيعات في راديو فرش تقول: “كان وضعنا سيئ جدا، وبحثت كثيرا عن عمل إلى أن نشر راديو فرش إعلاناً يطلب فيه موظفات من أجل العمل معهم كمذيعات، وبالفعل تقدمت إلى هذه الوظيفة وتم قبولي، كان عملي أنا وزميلاتي تحرير الأخبار وإذاعتها على الراديو، واستفدت كثيرا من المرتب الشهري نتيجة سوء حالتنا المادية، حيث كنت أساعد زوجي في مصروف المنزل كونه شرطي منشق عن نظام الأسد”.
وتؤكد الخالد أن مكان العمل الذي تتواجد فيه الموظفات منعزل تماما عن الشباب، حيث لا يوجد اختلاط بين الطرفين، ويتم التواصل بينهم عن طريق “فلاشة” يتم تناقلها. في إشارة إلى أن الإشاعات التي تحدثت حول أن سبب إغلاق الراديو هو الاختلاط بين الجنسين لا أساس لها.
محمود الأنور (28 عاماً) طالب جامعي في سنته الرابعة مادة الأدب الفرنسي. يعمل كمحرر في موقع فرش أونلاين يقول: “خوفاً من الاعتقال، تركت جامعتي قبل التخرج ولم يكن أمامي سوى بضعة مواد، وأمضيت فترة طويلة عاطلاً عن العمل إلى أن سنحت لي الفرصة وتوظفت في الموقع الإلكتروني التابع لراديو فرش لمدة سنة تقريباً. وخلال هذه الفترة تعرضنا لكثير من المضايقات من قبل الفصائل المسيطرة على الأرض، إلى أن تم اغلاق الراديو والموقع تحت ضغوطات من جبهة النصرة، فكلمة الحق ربما هي التي أودت بمسيرة راديو فرش وموقعها الإلكتروني. في هذا الوقت الذي كممت فيه أفواه المواطنين من قبل كل من يمتلك سلطة، وأضحى قرابة ال200 شخص عاطلين عن العمل”.
رائد الفارس (44 عاماً) المدير العام لمنظمة اتحاد المكاتب الثورية، ووفق بيان نشره على المجموعة الخاصة بالعاملين في المنظمة أكد “أن فرش لم تمت وستكون ماتت حين نرى نعوتها. قد تمرض وقد تكون في غيبوبة، ولكن من يدري فقد يقبّلها أمير ما في وقت ما، قد لا يكون بعيدا أبداً وتستيقظ وعندها ستكون أقوى”.
وأضاف الفارس: “اشتد الضغط من كل الفرق المسلحة على المحطة لإغلاقها، ووضعت شروط تعجيزية لا يقبل داعم خليجي بها فما بالكم بمن يعتبر تلك الفرق تنظيمات إرهابية؟ أرادوها مسخرة وليست وسيلة إعلام وهذا ليس مقبولاً عند أحد”.
من جانبه قال قيادي في تنظيم جبهة النصرة من مدينة كفرنبل رفض الكشف عن اسمه: “مسألة الراديو مسألة بسيطة، وكان بالإمكان أن يستمر في عمله إن أراد القائمون عليه هذا الأمر، نحن لم نطلب المستحيل منهم، فهناك مخالفات شرعية لا يمكن أن يسمح بها شرع الله، كبث الموسيقى والاختلاط بين الذكور والإناث، ونحن بدورنا طلبنا منهم أن يزيلوا هذه المخالفات ويستمر الراديو في عمله بدون أي تدخل من أي جهة كانت”.
أحد العناصر في تنظيم النصرة يعمل في الحسبة رفض الكشف عن اسمه، أشار إلى أن القائمين على الراديو فضّلوا إغلاقه على إزالة المخالفات الموجودة فيه.
كثير من الشباب في مدينة كفرنبل غدوا من دون عمل لترتفع نسبة البطالة في المدينة بعد أن تم اغلاق الراديو. وتساؤلات كثيرة طرحها الأهالي عن سبب هذا الإجراء، أحد وجهاء المدينة فضل عدم الكشف عن اسمه يقول: “سمعنا أن جبهة النصرة أغلقت عمل راديو فرش وموقعه الإلكتروني لدواعي شرعية وارتكابات تخالف الدين مثل الاختلاط بين الذكور والنساء، ومثل بث الموسيقى على الراديو، ومن خلال جلوسنا مع بعض القائمين على العمل تم نفي هذه الادعاءات، وأكدوا لنا أن بث الراديو يقتصر على الأغاني الثورية، وأن العاملات في الراديو يتواجدن ضمن بناء خاص، بعيد عن الاختلاط بالذكور، ونحن بدورنا وجهاء مدينة كفرنبل نطالب جبهة النصرة أن تتحقق من هذا الأمر لأن الكثير من شباب المدينة والذين يقتاتون على مرتب الراديو غدوا عاطلين عن العمل”.