“خدمات إدلب” للهواتف المحمولة
"مبرمجان سوريان خريجا هندسة معلوماتية من مدينة سراقب، أطلقا تطبيقاً خدمياً للهواتف المحمولة تحت مسمى "خدمات إدلب". يحتوي التطبيق على معلومات عن أطباء ومشافي وصيدليات ومجالس محلية ومعلومات طبية متنوعة يقدمها أطباء في المناطق المحررة"
“أن تقطن في منطقة ليست منطقتك أمر صعب جدا. عانيت الكثير في بداية الأمر، مثلي مثل العديد من الأهالي النازحين من ريف حماة الشرقي. تطبيق خدمات إدلب وفّر عليّ سؤال الكثير من الناس للوصول إلى مبتغاي”. يقول أبو خالد (33 عاما).
في أواخر العام 2017 وتحديدا 17 كانون الأول/ديسمبر، وفي بادرة تعتبر الأولى من نوعها في المناطق المحررة في سوريا، مبرمجان سوريان خريجا هندسة معلوماتية من مدينة سراقب، أطلقا تطبيقاً خدمياً للهواتف المحمولة تحت مسمى “خدمات إدلب”. يحتوي التطبيق على معلومات عن أطباء ومشافي وصيدليات ومجالس محلية ومعلومات طبية متنوعة يقدمها أطباء في المناطق المحررة.
علاء جنيد (25 عاماً) أحد مبرمجي التطبيق، يقول: “الوضع الحالي الذي تعيشه محافظة إدلب، من صعوبة السفر والتنقل بين المناطق بسبب القصف العنيف، يفرض علينا كشباب ثوريين إيجاد الحلول لمشاكل ربما تعرض أحدهم إلى الخطر. من هنا طرحت فكرة تطبيق خدمات إدلب بيني وزميلي محمد حبار”.
ويضيف جنيد: “ارتأيت أنا ومحمد أن نعكس ما تعلمناه في الهندسة المعلوماتية على أرض الواقع من خلال هذا التطبيق. قبل الشروع والبدء بالعمل أجرينا استطلاع رأي بين أهالي مدينة سراقب بعد أن تكوّنت لدينا رؤية أولية عن المشروع فكانت معظم آراء الناس إيجابية، وقاموا بتشجيعنا على إنشاء هذا التطبيق”.
ولأنه عمل تطوعي نابع من القلب لا يبغي مكاسب مادية، قام المبرمجان برحلة بحث وجمع للبيانات دامت ما يقارب أربعة أشهر. واجه فيها الشابان صعوبات كثير علّ أبرزها امتناع بعض الجهات كالمشافي العامة عن تزويدهم ببيانات الأطباء العاملين فيها.
محمد حبار (25 عاما) وهو المبرمج الثاني، يقول: “عندما يكون عملك خدمة للأهالي لا أفهم سبب تمنّع بعض الجهات عن المساعدة في المشروع، فبدل أن ينجز العمل خلال شهرين استمر العمل فيه أربعة أشهر، بسبب ما قاسيناه من صعوبة التواصل مع كافة الأطباء وأخذ بياناتهم المطلوبة”.
ويلفت حبار إلى بعض المشاكل التقنية الأخرى التي واجهتما أثناء إنشاء التطبيق، كإدراجه في متجر “غوغل بلاي” وجعله مجاني متاح لجميع الناس، ما اضطرهما للتواصل مع أحد الأشخاص المقيمين في الخارج وطلب المساعدة منه، يقول حبار: “تواصلنا مع خبير تقني في الخارج من خلاله تم حل كل مشاكل التطبيق التقنية التي صعبت علينا”.
وبجسب حبار وجنيد يتم العمل على تحديث بيانات التطبيق بشكل مستمر، وسيتم إصدار تحديث جديد فور اكتمال المعلومات المطلوبة المكونة لقسميه الأساسيين.
ويقول جنيد: “يحتوي التطبيق على قسمين، الأول وهو أساسي يضم في ثناياه دليل الأطباء. ويتضمن أطباء محافظة إدلب وريفها كل حسب مدينته، ودليل للمشافي يتضمن اسم واختصاص كل مشفى، ودليل للصيدليات، ودليل للدفاع المدني وأرقام التواصل مع مراكزهم في أنحاء المحافظة، ودليل للخدمات والمجالس المحلية، ومعلومات طبية متنوعة يقوم بتقديمها أطباء محليون من المحافظة بما يتناسب مع حاجة الأهالي مثل كيفية التعامل مع غاز الكلور وطرق الوقاية منه”.
وعن القسم الثاني، يحدثنا حبار: “كل ما في التطبيق ناتج عن بحث واستشارة المختصين، فالقسم الثاني يحتوي على معلومات مختلفة في الطب والتغذية وغيرها، بالإضافة إلى مقالات وحوادث عن الدفاع المدني تبرز أهمية هذا العمل وحجم المخاطر التي تواجهه”.
أقسام جديدة يتطلع القائمان على التطبيق إضافتها إليه في المستقبل القريب نزولاً عند رغبة الكثير من الناس، وجاءت قطاعات التعليم والمحامين والمهندسين في مقدمة الرغبات، كما أن إيجاد دليل تجاري في التطبيق يكون بمثابة الوسيط بين التاجر والمستهلك من ضمن الخطط المستقبلية، بحسب ما ذكر حبار.
ويؤكد حبار على استمرارية التطبيق بشكل مجاني تماشيا مع الأهداف التي أنشئ من أجلها وهي خدمة الأهالي، وعدم تحويله إلى منصة دعائية ممولة، ويقول حبار: “قدمت لنا العديد من العروض من أجل وضع إعلانات ممولة لمحال تجارية وغيرها ولم نوافق على أي منها”.
“لم أتوقع نجاح إطلاق هذا التطبيق في بداية الأمر، حين طلبوا مني البيانات الخاصة بي وقمت بتقديمها للعاملين عليه، إلى أن تفاجأت بأحد المرضى حيث قدم من مدينة سراقب وهو من نازحي ريف دمشق بحثا عن طبيب عيون، وعند سؤالي له كيف استدل على العنوان أخبرني عن طريق تطبيق إدلب”، يقول الدكتور حميدو الحميدو (44 عاماً) وهو من أبناء مدينة كفرنبل وأخصائي عيون.
أحمد الناصر (25 عاماً) صيدلي في بلدة حاس يعتقد أن التطبيق لا يمكن أن يقدم أي خدمة للصيدليات المتواجدة في محافظة إدلب إلا عبر طريقة واحدة وهي وجود نظام يضبط عمل الصيدليات في كل مدينة وبلدة ويضع برنامجا للمناوبات، وبهذه الطريقة يستطيع أبناء كل مدينة معرفة الصيدلية المناوبة ويوفر عناء البحث الطويل.
يلاقي التطبيق رواجاً وانتشاراً كبيراً بين الناس. وبلغ عدد تحميلاته على متجر “غوغل بلاي” خلال 48 ساعة بعد انطلاقه ما يقارب 4 آلاف مستخدم.
رضى اليوسف (27 عاما) من أبناء مدينة سراقب، يقول: “مدينة سراقب تفتخر بهذين الشابين. كنت أعتقد أن اليابان فقط هي من تستطيع إنشاء مثل هذه التطبيقات. عند معرفتي بأمر التطبيق سارعت على الفور إلى تحميله رغبة مني لمعرفة محتوياته والاطلاع عليه بشكل كامل. الذي يميزه سهولة البحث عنه في متجر بلاي، وحجمه صغير جدا”.