حملة مناصرة لتعليم الفتيات في سوريا

علم بنت بتعلّم عيلة شعار من شعارات الحملة على الجدران تصوير دارين الحسن

علم بنت بتعلّم عيلة شعار من شعارات الحملة على الجدران تصوير دارين الحسن

"مهما كانت الأسباب سواء أمنية أو مادية، لا يجب حرمان أي فتاة من التعليم"

دارين الحسن

أفرزت الحرب في سوريا ظروفاً صعبة أعادت إلى الواجهة مجموعة من المشكلات الإجتماعية التي كانت قد بدأت بالإنحسار، ومنها حرمان الفتيات من الحق في التعلّم. وتعود أسباب هذه المشكلة للظروف المادية والأمنية الصعبة في ظل الحرب، بالإضافة إلى موروثات ثقافية سابقة.

ولمواجهة هذه الظاهرة أطلقت حملةُ “بكرا أحلى” حملةَ مناصرة شملت مناطق واسعة من إدلب، وذلك لدعم حق الفتيات بالتعلّم كقضية تهم الأسرة والمجتمع السوري ككل.

أبو حسين (32 عاماً) مسؤول حملة “بكرا أحلى” يتحدّث لموقع حكايات سوريا قائلاً: “هناكَ الكثير من الأهالي الذين يمتنعون عن إرسال بناتهم إلى المدارس، مما يسبّب مشكلة تُعد من أكبر الأخطار التي تنعكس سلباً على المجتمع. باعتبار أنَّ المرأة تشكّل حجر الزاوية في تربية الأطفال .وبالتالي هي التي تصنع المستقبل جيلاً بعدَ جيل… لذا فإنَّ حرمان أي فتاة من التعليم، أمر يُضر بها ويُضر بأجيالٍ قادمة، لذا أطلقنا هذه الحملة”.

ويلفت أبو حسين إلى أنّ الحملة غطّت مناطق واسعة من إدلب، منها كفرنبل، حاس، معرة النعمان، إحسم، أريحا… وتستخدم الحملة أساليب رسم الجداريات في الشوارع والملصقات سواء على الملابس أو القبعات، وجميعها يحمل شعارات الحملة وأبرزها: “علِّمْ بنت… تعلِّمْ عائلة”.

ويختم أبو حسين بالقول أنهُ مهما كانت الأسباب سواء أمنية أو مادية، لا يجب حرمان أي فتاة من التعليم.

بدورها المرشدة الإجتماعية نورا كرامي (36 عاماً) تعلّق على الحملة بالقول: “تستطيع الفتاة عن طريق التعليم أن تحقق ذاتها وتطوّر شخصيتها ويمنحها التعليم استقلالاً ذاتياً فتشعر بالرضا. كما تنمّي مهاراتها وتحقق تطوّراً من النواحي الفكرية والعلمية والإجتماعية وتُسهم في تنمية بلدها”.

وتُضيف كرامي: “البعض يرى أنّ الفتاة ينحصر دورها بالأُمومة، أقول لهم أنَّ التعليم هو في صلب ذلك الدور كي تتمكّن من تربية أطفالها أفضل تربية، لذا تأتي أهمية الحملة في توعية الأٌسر وتحذيرها من حرمان الفتيات من حق التعليم لأسباب جندرية تُضر بالفتاة نفسها وبأسرتها بالمستقبل وبالمجتمع ككل”.

زينب الأحمد (14 عاماً) كانت قد تركت المدرسة ثمَّ عادت بعدما مرّت “بمعاناة” تقول لموقعنا: “نزحنا من حلب إلى معرة النعمان، فأُجبرت على ترك المدرسة بسبب فقدان الأمان والمسافة الكبيرة بين بيتي والمدرسة وعدم توفر وسيلة نقل توصلني إلى المدرسة! لذا شعرتُ بالحزن وبدأتُ أقول لنفسي: هل سأُصبح جاهلة حين أكبر؟ شعرتُ بالقلق على مستقبلٍ مجهولٍ بعدما كنتُ قد رسمتُ صورةً مشرقةً لمستقبلٍ لم يأتِ .”

تبتسم زينب لأنَّ ما تتحدّث عنهُ باتَ ماضياً، وتضيف: “بعد انطلاق حملة بكرا أحلى ونشر التوعية في منطقتي، إقتنع والداي بضرورة متابعة تحصيلي العلمي ففي السابق كنتُ أُقنعهُما دون جدوى… وعدتُ إلى المدرسة وعادت إلي الحياة… وهذه ليست فقط قصتي إنما قصة فتيات أخرياتفي الحي قد عُدنَ معي إلى المدرسة”.

زينب وزميلاتها عدنَ إلى المدرسة، لكنّ فتيات أُخريات لم يعدن بعد، وبعضهن يسلك طريق الزواج المبكّر.

وعد الموسى ( 17عاماً) من قرية خان السبل شمال معرة النعمان أجبرها أهلها على ترك المدرسة. ثمَّ الزواج في سن الـ 15، ليتوفى زوجها بعد عام تاركاً لها طفلاً. تشعر وعد بحزنٍ شديد لأنها تركت المدرسة وتزوّجت بسنٍ مبكر، فتقول لحكايات سوريا: ” لم أجد من أهلي آذاناً صاغية لمتابعة دراستي، وكان قدري المحتوم الزواج ثمَّ أن أُصبح أرملة دون أن أتعلَّم”.

وتُضيف وعد: “كَم هو مؤلم أن يقتل جهل الأهل أحلام الطفولة، كان حلمي من صغري أن أُكمل تعليمي… والآن لا حل أمامي وقد أصبخت امّاً وأبحث عن طريقة لإعالة طفلي، فالأعراف والتقاليد البالية دمّرتنا ولا ترى بالفتاة سوى ربّة منزل!”

المدرّس علي العبدو ( 37عاماً) من قرية التح التابعة لمعرة النعمان يتحدّث عن الظروف السيئة التي أجبرت بعض الأسر على حمل بناتهم على ترك المدرسة، فيقول: “مشكلة التعلّم سواء للذكور أو الإناث في الوقت الراهن هي مشكلة كبيرة، وتسرّب الفتيات من المدارس كان بالأصل موجوداً، لكن ارتفعت نسبته في السنوات الأخيرة نتيجة الظروف الأمنية والمادية فالخوف على الفتاة أكبر…”

ويشدد العبدو على” أهمية حملة بكرا أحلى، فمهما كانت الظروف، التعلّم هو حق، خاصة وأنّ هناك جمعيات ومدارس وجهود كبيرة تُبذل لإعطاء حق التعلّم للجميع”.