حملة لمعرفة مصير الذين اختطفهم تنظيم داعش
"بعد طرد عناصر تنظيم داعش من مدينة الرقة على يد قوات "قسد"، أراد أهالي المختطفين معرفة مصير أبنائهم، من خلال حملة أطلقوها على مواقع التواصل الاجتماعي، لتسليط الضوء على من غيبهم التنظيم في سجونه"
أطلق عدد من أهالي المُغيبين عبر مواقع التواصل الاجتماعي ووسماً، حملةً اسموها “أين مختطفو داعش”، وكمبادرةٍ من ناشطيّ محافظة الرقة، للكشف عن مصيرِ أبنائهم، الذين لم يعثروا على أحدٍ منهم.
وتأتي هذه الحملة عقب سيطرة قوات سوريا الديمقراطية “قسد” والمدعومة من التحالف الدولي، على محافظة الرقة السورية، التي كان تنظيم داعش يعتبرها عاصمة له. فقد عمدت “قسد” إلى فتح ملف المغيبين قسراً، والمعتقلين من المدنيين الذين كانوا يقبعون في سجون التنظيم.
ووفقاً لتقديرات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فإنّ هؤلاء المعتقلين والمغيبين، بلغ عددهم 7419 بين معتقلٍ ومخطوف، من مختلف المناطق السورية، من بينهم 2500 معتقلاً من أبناء الرقة.
أحد مؤسسي حملة” أين مختطفو داعش” عمر الهويدي (37 عاماً)، ابن محافظة الرقة، يقول لموقع حكايات سوريا: “ما جعلنا نطلق الحملة هو أنه لم ولن ينسى أهالي المختطفين أبناءهم، المغيبين قسراً في سجون تنظيم داعش الإرهابي، منذ عدةِ سنوات”.
ويضيف الهويدي: “بعد طرد عناصر تنظيم داعش من مدينة الرقة على يد قوات “قسد”، أراد أهالي المختطفين معرفة مصير أبنائهم، من خلال حملة أطلقوها على مواقع التواصل الاجتماعي، لتسليط الضوء على من غيبهم التنظيم في سجونه”.
وبحسب الهويدي يتنوع من غيبتهم داعش بين “مدنيين وناشطين وعسكريين كانوا في صفوف الجيش السوري الحر، وتم توثيق مئات حالات الخطف، نُفذت من قبل “تنظيم داعش” بحق المدنيين والناشطين والعسكريين، طيلةَ فترة هيمنة التنظيم على محافظة الرقة، ولم يتم الكشف عن مصيرهم حتى هذه اللحظة” .
ويلفت “الهويدي” إلى أن “قسد” لم تعر أي اهتمام لمصير المختطفين، مع العلم أنها تتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية، بكونها تمتلك الأوراق والمستندات التي تركها التنظيم في مقراته، بعد أنّ وضعت يدها عليها، بالإضافة لأنه يمكن الاستفادة من مجريات التحقيقات التي أجريت مع عناصر محتجزين لدى “قسد” يتبعون للتنظيم.
ويعتقد الهويدي “أنّ أهم هدف تم تحقيقه منذ انطلاق الحملة، هو توثيق وحفظ حقوق المختطفين، والمحتجزةِ حريتهم لدى تنظيم داعش، وستستمر الحملة بمهامها حتى تحقق هدفها. ورغم تواصلنا مع منظمات حقوقية وعالمية، كرابطة المحامين الأحرار، لتوثيق تلك الحالات، لكننا لم نجد تعاوناً ملموساً من قبلهم، سوى وعودٍ للتواصل مع قسد”.
ابن محافظة الرقة مازن حسون (22 عاماً)، وهو أحد القائمين على الحملة قال لموقعنا: هذه الحملة هي حملة اهلية، أطلقها أهالي وعائلات وأصدقاء المخطوفين والمغيبين قسراً من قبل تنظيم داعش، في مدينة الرقة، منذ عام ٢٠١٣، من اجل معرفة اي معلومة عن مصيرهم”.
وأوضح حسون “أنّ الحملة انطلقت للضغط على قسد وعلى المنظمات الدولية، من اجل فتح تحقيق بخصوص قضية المعتقلين، للحصول على اي معلومة بخصوص مصيرهم، في ما اذا كانوا على قيد الحياة أم لا”.
ولفت حسون إلى أن منظمة هيومن رايتس ووتش، أصدرت وبعد التواصل معها تقريراً صغيراً بخصوص المخطوفين، ولجنة التحقيق الدولية الخاصة بسوريا، ولكن النتائج لم تكن كما كان متوقعاً.
ويضيف حسون: “قسد اكتفت بالقول انها لم تجد معتقلين في الرقة، دون ان تذكر اي شيء عن تحقيقها مع عناصر داعش، الذين اسرتهم في الرقة، والذين لا بد أن يعرفوا معلوماتٍ بخصوص مخطوفينا”.
يقول حسون أن ابن عمه واسمه مازن خلف الحسون كان يبلغ من العمر ٣١ عاماً، كان شخصاً مسالماً خدومٌ بطبعه. بتاريخ ١٩ مارس/آذار ٢٠١٤، وبعد مشادة كلامية لأسبابٍ تافهة، مع احد عناصر تنظيم داعش، حضرت دورية تابعة لداعش واعتقلته.
ويروي حسون كيف سأل أهل مازن عنه لدى التنظيم، محاولين معرفة اية معلومةٍ عن ابنهم، فكان رد داعش خلال مرتين متتاليتين، انهم سوف يفرجون عنه قريباً، واحتجازه ليس الا اجراءً روتينياً، وبمجرد أنّ ينتهي التحقيق معه، سيطلقون سراحه. لكن أهله لم يسمعوا أي خبرٍ عنه منذ ذلك الحين، ولا نعلم إنّ كان حياً للآن أم ميتاً.
هبة الحامض (23 عاماً) خطف تنظيم داعش والدها الطبيب الجراح إسماعيل الحامض من مواليد مدينة إدلب ١٩٦٤، وهو أب لأربع بنات وشاب، هو معارضٌ سياسي سابق لنظام الأسد الأب والأبن، وأحد المشاركين في إعلان دمشق ٢٠٠٥.
وتقول هبة الحامض: “عندما بدأت الثورة السورية، عاد والدي من السعودية حيث كان يعمل إلى الرقة، ليشارك السوريين حلم الحرية، عُرِفَ بطبيب الثورة في مدينة الرقة، حيث كان يعالج جرحى المظاهرات سراً، كما يقدم المساعدات الطبية والإنسانية للاجئين القادمين من مختلف المدن السورية، التي تعرضت للقصف والتدمير”
وتضيف: “ساهم والدي بعدة مشاريعَ إغاثيةٍ وإنسانية في المدينة، وبشكل أكبر بعد خروج مدينة الرقة عن سيطرة النظام، حيث كان يعالج جرحى قصف النظام. مع بداية ظهور تنظيم داعش، تابع والدي الدكتور اسماعيل نضاله من أجل الحرية ضد المستبدين الجدد”.
تشير هبة الحامض إلى أن والدها حيث صرح برفضه انتهاكات التنظيم بحق سكان المدينة، كما شارك باعتصامات ضده، ما أدى إلى اختطافه بتاريخ ٢ تشرين الثاني/نوفمبر 2013، من قبل التنظيم، حيث اعترضه مسلحون ملثمون، وهو في طريقه لعيادته، وقاموا باعتقاله ومصادرة سيارته”.
وتؤكد الحامض “أن حادثة اعتقاله شاهدها بعض شبان حارتنا، كون حادثة الاختطاف حصلت في مكانٍ قريبٍ من منزلنا، وهم من أخبرنا بما جرى، وقامت والدتي عدة مراتٍ بالسؤال عنه لدى مقرات التنظيم، الا أنّهم كانوا ينكرون وجوده لديهم، ومنذ ذلك اليوم لم نسمع عنه أي خبرٍ، سوى مجرد شائعات”.
تواصلت هبة الحامض مع عدة منظمات دولية وانسانية بهذا الشأن، كالصليب الأحمر الذي كان جوابه، أنه ليس لديه حرية التحرك على الأرض، ومنظمة هيومن رايتس ووتش، التي قالت أنها ستحاول تحريك القضية، ومنظمة أمنيستي التي لم تلق أي ردٍ منهم.
وختمت الحامض بالقول: “الآن وقد مضت أربعة أعوامٍ عليه في سجون الظلام، ورغم أنّه لا توجد أي معلومات عن مصيره، لم نفقد الأمل بعودته، ولا زلنا بانتظاره”.
محافظة الرقة السورية، ضمت أكبر السجون ومقرات التعذيب التابعة لجاعش، والتي قُدِرَ عددها بـ 8 سجون بالإضافة لمعتقلاتٍ سريةٍ كانت توجد في شققٍ سكنيةٍ عادية داخل المدينة. ورغم خروج داعش من الرقة، حتى هذه اللحظة، لم يعرف مصير أي معتقلٍ كان في سجون التنظيم.