حملات اليوم التالي في سوريا لمستقبل أفضل
من حملة لا للسلاح بين المدنيين
"تتعدد نشاطات منظمة اليوم التالي التي تأسست في بداية العام 2012 على يد نشطاء سوريين رسموا تصوراً لخطة التحوّل الديمقراطي في سوريا ما بعد رحيل نظام الأسد، في ما يخص الإصلاحات الاجتماعية والسياسية والانتخابات ووضع دستور جديد وكل ما يتعلق بنظم الدولة مستقبلاً... وترجموا التصور بمشاريع عديدة. "
ليتخلص من عبء التشرد والإيجارات قرّرَ الحاج صبحي الحبوش (50 عاماً) شراء منزلٍ جديد، بعد نزوحه من ريف دمشق إلى مدينة سراقب في ريف إدلب… ولكن الحبوش واجه مشكلة ضمان حقه بملكية منزله الجديد، مع غياب المحاكم العقارية في المنطقة.
منظمة اليوم التالي The Day After عبر مراكزها الخاصة بتوثيق العقارات، وجدت حلاً للحاج صبحي الحبىش وغيره الكثيرين، عبر ضمان حقوقهم من خلال وجود نسخ عن السجلات العقارية داخل المنظمة، ولدى الحكومة المؤقتة ومجلس المحافظة، حيث تمّ نسخ وحفظ ما يقارب الأربعة ملايين وثيقة.
يقول الحاج صبحي مبتهجاً: “الآن بتُّ قادراً على النوم قرير العين بعد أن ضمنتُ حقي!”
لم يكن مشروع توثيق العقارات، الوحيد الذي أطلقته منظمة اليوم التالي، وإنما هناك العديد من المشاريع الفاعلة لا سيّما في مجال التحول الديمقراطي لسوريا، منها مشروع مسؤولية التواصل ومشروع استطلاعات الرأي. إضافة للكثير من الحملات مثل: “لا للاعتقال التعسفي”، “لا للسلاح بين المدنيين” وغيرها.
وتتعدد نشاطات منظمة اليوم التالي التي تأسست في بداية العام 2012 على يد نشطاء سوريين رسموا تصوراً لخطة التحوّل الديمقراطي في سوريا ما بعد رحيل نظام الأسد، في ما يخص الإصلاحات الاجتماعية والسياسية والانتخابات ووضع دستور جديد وكل ما يتعلق بنظم الدولة مستقبلاً… وترجموا التصور بمشاريع عديدة.
مدير مكتب منظمة اليوم التالي في غازي عنتاب أحمد مراد (40 عاماً) يقول لموقعنا: “تعمل منظمتنا عبر فرق موزّعة في الداخل السوري سواءً في مناطق النظام أو مناطق المعارضة، وتتألف من أعضاء مجلس إدارة من الكفاءات السياسية العالية”.
ويضيف مراد: “منظمة اليوم التالي تأسست عام 2012 بعدما وضع نخبة من المعارضين ورقة عمل كرؤية للمرحلة الانتقالية في سوريا، وكان أول مشروع في المنظمة هو مسؤولي التواصل. تعمل المنظمة على 6 قطاعات رئيسية هي العدالة الانتقالية وسيادة القانون وإصلاح القطاع الأمني والانتخابات والدستور والنظم الاقتصادية والاجتماعية”.
للمنظمة عدة مشاريع أهمها مسؤولي التواصل ويتكون من 11 فريقا في كافة المناطق المحررة، تعمل هذه الفرق على أنشطة خاصة بأهداف المنظمة بالتعاون الوثيق مع المجالس المحلية باعتبارها سلطة شرعية، نفذت الفرق نشاطات مختلفة في الحوكمة وتمكين المرأة والاختفاء القسري والاعتقال التعسفي والانتخابات وتفعيل المذكرات القضائية والمعتقلين، والعديد من حملات المناصرة التي حققت نتائج جيدة في المجتمعات المحلية، بحسب مراد.
وتهتم المنظمة بتوثيق السجلات خوفاً من فقدانها أو تعرضها للتلف، فمعظم السجلات المتبقية في المناطق المحررة هي سجلات ورقية ومعرضة لأخطار متعددة منها القصف والتلف نتيجة تراكم الوقت، أو إساءة استخدامها، ووثقت المؤسسة بالتعاون مع المجالس المحلية وحقوقيين السجلات العقارية في عدة مدن سورية وخلاصات السجل القضائي في مدينة حلب بنسبة 70% قبل أن يسيطر النظام على المدينة.
كما يتحدّث مراد عن مشروع خارطة توثيق الانتهاكات الذي أطلقته المنظمة مؤخراً. ويقوم المشروع على جمع كل التقارير الصادرة عن الجمعيات والمحاكم الدولية بشأن الانتهاكات بحق الشعب السوري منذ العام 2011 في تقرير واحد، وذلك بالاعتماد على باحثين سوريين كفوئين.
ويضيف مراد: “يُعتبر هذا المشروع الأول من نوعه، وهو بمثابة مرجعية لكافة الباحثين والخبراء في الشأن السوري للإطلاع على ما تمّ توثيقه من جرائم حربٍ في سوريا”.
المهندس عمران الحلبي (29 عاماً) أحد العاملين ضمن فرق المنظمة في مشروع استطلاعات الرأي، يتحدّث لحكايات سوريا عن أهمية الاستطلاعات بالقول: “نعمل كمستطلعين ضمن آليات بحث واختيار عينات مناسبة كوننا لا نستثني أي منطقة من المناطق السورية سواءً التابعة للنظام أو المعارضة. وأكثر القضايا التي طرحناها في الاستطلاعات هي المفاوضات، العدالة الانتقالية، المجالس المحلية، مسألة الطائفية وغيرها”.
يُضيف الحلبي: “نحن أكثر من 40 باحثاً في هذا المجال، ونتائج الاستطلاع تناقشها المنظمة مع مجموعة تنسيق العدالة الانتقالية وهي عبارة عن منظمات حقوقية منظمتنا واحدة منها إضافةً للشبكات السورية لحقوق الانسان، مركز توثيق الانتهاكات، مركز الكواكبي لحقوق الانسان، تجمع المحامون السوريون الأحرار وغيرها”.
المدرّس فهد تناري (26 عاماً) من معرة النعمان، يُبدي رأيه بمشروع استطلاعات الرأي الذي تعتمده منظمة اليوم التالي قائلاً: “من المهم أن يتم الأخذ برأينا حيال القضايا الهامة، ولكنّ الأهم أن نجد أذناً صاغية لمعاناتنا من المعنيين والمجتمع الدولي، مما قد يُسهم في وضع حدٍّ لمآسينا والوقوف عند تطلعاتنا كشعبٍ سوري”.
يعمل صهيب (30 عاماً) وهو المتخصص في المجال الحقوقي ضمن حملة “لا للاختفاء القسري”. ييقول صهيب لموقعنا عن الحملة: “نتيجة انتشار ظاهرة الاختفاء القسري في سوريا، باشرت المنظمة بإجراء جلسات مركّزة استهدفت الكوادر الحقوقية المتواجدة في الداخل السوري. تمّ التوصل لخلاصة ماهية الحقوق الأساسية التي من الممكن مساعدة ذوي المختفين قسرياً من خلالها للمطالبة بأبنائهم. وهذه التجربة تمنح خبرة أكبر للمنظمة في حال إطلاق حملات مناصرة في المستقبل، وكل ذلك يساعد المواطن السوري في النهاية”.
ويتحدّث صهيب عن عدم الاستجابة في السابق للحملات التي كان يتم إطلاقها، لكنّ هذا الواقع تغيّر وصار هناك استجابة سواء من الجهات المدنية أو العسكرية. ويعطي مثلاً على ذلك حملة لا “للسلاح بين المدنيين” التي أطلقتها المنظمة نتيجة انتشار ظاهرة حمل السلاح بين المدنيين ولا سيما في معرة النعمان وقرى جبل الزاوية.
هذه الحملة أعطت نتائجَ وصفها صهيب أنها صارت ملموسة، بعد أن خفّ انتشار السلاح والمسلحين في الفعاليات المدنية والأسواق والشوارع والمدارس وغيرها.
لا يزال في جعبة “اليوم التالي” الكثير، ومن مشاريعها المستقبلية إطلاق العديد من الدورات التدريبية في الحوكمة الرشيدة لنشطاء وناشطات منظمات المجتمع المدني والمجالس المحلية.
معتصم السيوفي المدير التنفيذي لمنظمة اليوم التالي، يقول: “مهمتنا الانخراط مع السوريين لتطوير رؤية تُعالج تحديات التحوّل الديمقراطي من خلال شراكات مع منظمات المجتمع المدني الأخرى ومع جميع المهتمين بالعمل معنا.
ويعد السيوفي ببذل الجمعية قصارى الجهد للدفاع عن قضية الحرية وحقوق الإنسان وسيادة القانون في سوريا، والعمل لجعل الصوت السوري مسموعاً في الخطاب السياسي”. ويختم بالقول: “في المنظمة نتطلع إلى مستقبل يكون أكثر إشراقاً لسوريا وللسوريين”.