حاولوا اغتيال مدير الجامعة فأصابوا دراستنا

نساء من مدينة زملكا يمشون على الطريق وتظهر الابنية مدمرة بشكل كامل

نساء من مدينة زملكا يمشون على الطريق وتظهر الابنية مدمرة بشكل كامل

"لم نعرف ما حصل إلا بعد أن فتحنا أعيننا على شظايا البلور والزجاج ملأت الشارع بأكمله. الأصوات تعالت وصفارت سيارات الإسعاف. صديقتي وانا رمانا ضغط الإنفجار على الرصيف. "

بعد انتهاء عطلة عيد الفطر، يوم الأربعاء 20 حزيران/يونيو 2018، قررت السفر إلى مدينة ادلب، والبحث عن سكن هناك لقضاء فترة امتحانات الفصل الثاني.
البحث عن سكن في إدلب مهمة شاقة وشبه مستحيلة بفعل نزوح أهل الغوطة والمناطق المحاصرة إليها. بدأت البحث عن سكن أنا وصديقتي. ندخل المكاتب العقارية الواحد تلو الآخر. كل طمعنا ان نجد منزلاً مريحاً وقريباً من كليتنا.
وجدنا منزلاً في إحدى حارات إدلب. بدل الإيجار كان غالياً، والمنزل يقع بعيداً عن الكلية. وهو مزدحم بالبنات، 3 غرف في كل غرفة 5 بنات. قبلنا به نظراً لصعوبة الحصول على فرصة أخرى. الوضع كان صعباً جداً، لم نستطع الدراسة. الفوضى بين البنات فظيعة، بالإضافة لقلة الماء والكهرباء أو بالأحرى انعدامها في بعض الأيام.
وبعد أن قدمنا امتحان المادة الاولى، بدأنا أنا وصديقتي بالبحث عن بيت آخر نستأجره، لان الوضع لم يعد يطاق. أرشدتنا إحدى صديقاتنا إلى مكتب عقاري. ذهبنا إليه وسألناه فأخبرنا أن طلبنا موجود عنده لأننا كنا قد شرحنا له ما كنا نعانيه في ذلك المنزل.
منزل مريح وجميل ومفروش أيضاً، قريب من الكلية وفيه 4 بنات فقط. اشتراك الماء والكهرباء سيتكفل بهما صاحب المكتب العقاري، لكن المنزل يقع في منطقة غالباً ما يحصل فيها انفجارات. فكرنا ملياً لكننا لم نصمد أمام تلك الاغراءات. وقررنا الانتقال إليه، خصوصاً اننا سنة تخرج، ويتوجب علينا الدراسة جيداً.
كان كل شيء على ما يرام. في ذاك المنزل وجدنا الراحة والهدوء اللذين نبحث عنهما. ومرت الايام والهدوء يعّم إدلب كلها. قررنا في نهاية الأسبوع السفر إلى البلدة وقضاء الإجازة فيها. واثناء الإجازة وبينما كنت أتصفح أحد مواقع الأنترنت فوجئت بخبر انفجار ضخم في الشارع الخلفي للمبنى الذي نسكنه.
تحول البناء إلى ركام ورماد بلحظات. ولم يعد هناك من معالم بناء. وقع عدد كبير من الضحايا ومن بين هؤلاء طالبة في كلية الطب البشري في جامعة ادلب الحرة. انتابنا الخوف الشديد من تكرار الانفجارات والخوف من ان نكون نحن الضحية في المرة المقبلة.
بالرغم من كل الخوف عدنا إلى إدلب، الى منزلنا، أملاً في أن تنتهي الامتحانات ونحصل على شهادات التخرج بعد أقل من شهرين. قررنا المتابعة واتبعنا قوله تعالى (قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا) …
وبينما كنا أنا وصديقتي في طريقنا لتقديم المادة قبل الأخيرة، وعند وصولنا لحي الثورة وبينما كان الناس في الطرقات يسيرون حاملين أمتعتهم وأغراضهم. من دون سابق إنذار دوّى صوت انفجار ضخم هز مدينة إدلب. قلب الأمور رأساً على عقب.
لم نعرف ما حصل إلا بعد أن فتحنا أعيننا على شظايا البلور والزجاج ملأت الشارع بأكمله. الأصوات تعالت وصفارت سيارات الإسعاف. صديقتي وانا رمانا ضغط الإنفجار على الرصيف. صديقتي أصيبت بجروح طفيفة أما أنا فلم أصب سوى برضوض.
وعدنا أدراجنا الى البلدة دون ان نكمل امتحاننا الأخير. رغم ذلك لدينا أمل بدورة اضافية نتخرج فيها. أما الانفجار الذي كاد يودي بحياتنا كما أودى بحياة آخرين فكان محاولة اغتيال لرئيس جامعة ادلب الحرة ولم يصب بأذى، ولم نفهم لماذا تم هذا التكتم على الشخص المقصود بالاغتيال …
تقى الجمال (26 عاماً) كانت تعمل مديرة لمركز دعم نفسي للأطفال وتقيم حاليا في بلدة معرة حرمة في ريف ادلب الجنوبي.