حافلة ركاب مهجورة بيتاً لعائلة نازحة

الحافلة المهجورة وقد أصبحت بيتاً للنازحين تصوير محمد ابراهيم

هيام دبيس (42 عاماً) التي فقدت قدمها جراء القصف الذي تعرضت له بلدتها في ريف إدلب الجنوبي هجرت منزلها مع عائلتها بسبب تقدم جيش النظام وسيطرته على قريتها. “المسجد كان خياري الوحيد بعد ان تم منعي من السكن في المدرسة ومنعتني حالتي المادية من استئجار منزل أو شراء خيمة” تقول هيام.

تقول هيام دبيس: “وجدت نفسي في الشارع بعد أن ضاقت بي السبل، ومنعتني حالتي المادية من استئجار منزل يأويني أنا وأطفالي الأربعة. فما كان لي إلّا اللجوء إلى أحد المساجد القريبة حتى ننام فيه، ونسعى لإيجاد مكان آخر بعد موجة النزوح التي تهجر من خلالها حوالي 500 ألف نسمة. ما سبب مشكلة إنسانية صعبة وتفاقم الأمر سوءاً بسبب عدم وجود أماكن سكن تستوعب كل الأهالي الهاربين من الموت”.

دبيس هي المعيلة الوحيدة لأسرتها وكان من الصعب عليها البحث عن مأوى غير المسجد، لأنها لا تستطيع المشي بالطرف الصناعي لمسافات طويلة، ولأنها أصيبت بعدة أمراض بعد بتر قدمها في قصف سابق ما دفعها إلى السكن في حافلة قديمة ومهترئة مركونة في مكان قريب من المسجد في منطقة تدعى بيرة أرمناز في ريف إدلب الشمالي .

وتضيف دبيس: “خرجنا بالملابس التي نرتديها فقط ولم نصطحب معنا أي شيء من الأمتعة من المنزل لأنه تعرض للقصف، وكان همي الوحيد هو محاولة النجاة بأرواحنا وإنقاذ أولادي حتى لا يعيشوا ألم الإصابة التي تعرضت لها”. ووجدت بالباص ملاذاً، وهو كتلة حديدية لا تقي برد الشتاء ولا حر الصيف ومع ذلك يبقى أفضل من الجلوس تحت الأشجار”.

ولفتت هيام دبيس إلى “أن الذهاب للحمام هو أصعب ما أعانيه من ألم، ففي كل مرة أضطر لـتركيب الطرف الصناعي حتى أتمكن من المشي لأنني مصابة بمرض السكري وأحتاج للذهاب لمرات عديدة إلى الحمام. فالباص مكان سهل بعض الشيء للأطفال والرجال أما بالنسبة لإمرأة من ذوي الاحتياجات الخاصة فهو كارثة حقيقية”.

وتتابع دبيس: “في صباح كل يوم نخرج للجلوس تحت أشجار الزيتون وننتظر من الجيران المحيطين بنا وجبة الإفطار، نظراً لوضعنا المأساوي وعدم وجود أي مقومات للحياة في الباص. تعاهد جيراننا بتقديم وجبة إفطار وغداء كل يوم لنا وتم تقسيم يوم مخصص لكل عائلة. فأنا لا أملك المال لشراء الطعام لأولادي ولا أستطيع العمل لكسب أي أجر مقابل ذلك”.

وعن ظروف المنامة تقول دبيس: “عند النوم أبقى مستيقظة طوال الليل خوفاً على الأطفال من لسع الحشرات والأفاعي ودخولها إلى الباص لعدم وجود أبواب أو نوافذ. كما نضطر للنوم كل اثنين على فراش واحد لعدم وجود فراش كافية للجميع، كما نحلم كل يوم بالعودة إلى البيت والقرية. ولكن في الصباح نصطدم بالواقع أننا لا زلنا في الباص”.

وتؤكد دبيس: “وضعت حبلاً لنشر بعض الملابس بعد غسيلها على طول الباص من الداخل. وكنت أترك الملابس لعدة أيام وهي معلقة لاستعمالها أيضاً كستائر. فالباص مكشوف من الداخل بشكل كامل ولا تستطيع أخذ حريتك فهو يقينا أشعة الشمس فقط” .

بالنسبة لأولادها نوهت هيام انهم وجدوا في الباص وسيلة تسلية رغم صعوبة ومرارة العيش فيه. وتقول: “ابني أحمد (10 أعوام) كان يجلس مكان السائق كل يوم وهو سعيد جداً بأنه يقود الباص ويعيش فيه، ويقول لنا أنه يتمنى لو تحدث معجزة ويمشي بنا الباص ويعيدنا إلى منزلنا” .

“لا يمكنك الشعور بالأمان في ظل عدم وجود باب لمكان إقامتك تغلقه وتنام” بهذه الكلمات تختم هيام دبيس   قصة إقامتها في الباص.