ثانوية الحرية في كفرنبل انطلاقة نحو المستقبل
لم يتقدّم أحمد لامتحانات شهادة التعليم الأساسي، نتيجة نقل النظام لمراكز الامتحان إلى مدينة إدلب في العام الدراسي الماضي بسبب الأوضاع الأمنية السائدة في المنطقة. بعد حصوله على الشهادة عن طريق الامتحانات التي أشرفت عليها المعارضة، اضطر للعمل على أحد حواجز الحراسة التابعة لإحدى فصائل الجيش الحر في كفرنبل. وفور سماع أحمد بخبر استحداث ثانوية لا تتبع للنظام بادر للتسجيل والالتحاق بها بهدف إكمال تعليمه. كان أحمد من الطلاب المتفوقين دراسياً وكان يأمل بالحصول على الشهادة الثانوية ليتمكن من متابعة تعليمه الجامعي، إذا تبدلت الأوضاع في سوريا أو سيتجه للهجرة من أجل ذلك.
تم تكليف الأستاذ مصطفى (50 عاماً) إدارة ثانوية الحرية في كفرنبل. وشهدت المدينة حملة إعلانات ترويجية للثانوية أكان عبر أثير إذاعة راديو فريش أو من على منبر بعض المساجد أو عبر الملصقات على الجدران.
الاستاذ مصطفى وخلال لقائه “دماسكوس بيورو” أوضح “أن ثانوية الحرية في كفرنبل بدأت بالعمل على أمل جمع أكبر عدد من الطلاب، خصوصاً الذين لم يتمكنوا من متابعة تحصيلهم العلمي في مدارس النظام في المرحلة الثانوية. وكان الهدف الرئيسي إنقاذ هؤلاء الطلاب من الضياع في الشوارع وإبعادهم عنها. إضافة لإفساح المجال لهم من أجل إكمال تعليمهم الثانوي الذي حرموا منه في مدارس النظام و تعويضهم قدر الإمكان بعض ما فاتهم من المنهاج خلال الفترة الماضية”.
ولكن المدرسة وبحسب الأستاذ مصطفى تعاني من غياب داعم حقيقي لها ومن عدم توفر كافة أنواع الوسائل التعليمية المساعدة، من مختبر ووسائل شرح بصري، وخرائط ومعدات للمختبر، وحتى أجهزة حاسوب، أو مكتبة علماً أن هناك غياب واضح لتدريس بعض المواد مثل التربية البدنية الرياضية بسبب عدم توفر الملاعب أو مادتي الرسم والموسيقا لتوفير أجر المدرسين.
رئيس المجمع التربوي في كفرنبل كاسر علي الشيخ (50 عاماً) يقول:” تم استحداث ثانوية الحرية بالتعاون مع منظمة اتحاد المكاتب الثورية في كفرنبل. بدأت الدراسة منتصف شهر شباط/فبراير 2015 . والتحق بالدراسة نحو 46 طالباً موزعين على ثلاث شعب. اما بالنسبة لمنهج الدراسة فهو نفسه المعتمد في مدارس النظام باستثناء مادة الثقافة القومية. ويعمل في الثانوية 12 مدرساً إضافة للمدير وأمين السر والمستخدم”.
وبحسب الاستاذ كاسر “المدرسة عبارة عن قبو مؤلف من أربعة صفوف وغرفة إدارة وباحة صغيرة، جميعها غير مجهز من ناحية التدفئة، حيث تحمل الطلاب والمدرسون البرد القارس خلال فصل الشتاء، بسبب الدعم المحدود المخصص للمدرسة إضافة لاعتماد الأضواء التي تعمل على البطارية الجافة في تنوير غرف المدرسة”.
يخطط المجمع التربوي في كفرنبل بحسب رئيسه لفتح صفوف لتدريس الصف الثاني الثانوي بفرعيه الأدبي والعلمي. ويتوقع كاسر علي الشيخ “ازدياد ملحوظ و متوقع في أعداد الطلاب في العام الدراسيالم قبل، بسبب تحرير مدينة ادلب وانتهاء سيطرة النظام عليها. حيث زاد عددالمسجلين في امتحانات شهادة التعليم الأساسي التي ستجريها مديرية التربية الحرة. والناجحون منهم يحتاجون لمدرسة ثانوية يكملون تعليمهم فيها”.
مدرس مادة التاريخ أحمد السلوم (33 عاماً) يقول: “فور عرض الإدارة عليّ تدريس مادة التاريخ في ثانوية الحرية، وافقت مباشرة ودون تفكير لسببين، أولاً لأنني غير موظف ولا يوجد لدي دخل شهري وثانياً لأنني أحب مهنة التعليم التي حرمني منها
النظام الذي كان يعتمد على الرشوة والواسطة في تعيين المدرسين علماً أنني تقدمت لأكثر من مسابقة لكن دون جدوى”.
المدرس عمر الدندوش (56 عاماً) يشعر بفراغ كبير بعد صرفه من الخدمة من قبل النظام منذ أواخر صيف 2014.
الدنودش مدرس مادة الكيمياء منذ 32 عاماً، وافق مباشرة على الدعوة للتدريس في ثانوية الحرية. وهو سعيد بهذه الفرصة التي سمحت له بمعاودة العمل في مهنته التي يرى نفسه من خلالها، إضافة إلى كونها تعويضاً عن الأجر الشهري الذي حرم منه بسبب صرفه من الخدمة في سلك التعليم.
لم يستطع محمد (16 عاماً ) الذهاب إلى ادلب لتقديم امتحان شهادة التعليم الأساسي لأن والده مدرس مفصول من الخدمة لأسباب أمنية. يقول محمد “خفت أن يتم اعتقالي، كما أن ثانويات النظام لم تقبلنا في صفوفها لأن شهادتنا صادرة عن وزارة التربية في الحكومة المؤقتة. لذلك فإن استحداث هذه الثانوية جاء بشارة لنا لأنه يحل لنا مشكلة متابعة تعليمنا الثانوي”.
الطالبة سلام (15 عاماً ) قالت: “لأن أبي مطلوب لفروع الأمن، كونه من الثوار الأوائل الذين خرجوا في التظاهرات، فقد منعني من تقديم الامتحان في مراكز النظام خوفاً علي، ولعدم إيمانه بالتعامل مع النظام بكافة النشاطات. جاءت هذه الثانوية كالملاذ الأخير للطلاب أمثالي، حيث حرمنا النظام من متابعة تعليمنا الثانوي في مدارسه لأننا حصلنا على شهادة مرحلة التعليم الأساسي عن طريق المعارضة”.
طالب الصف الأول الثانوي محمود الفارس (15 عاماً ) لم يمكّنه مجموع علاماته من متابعة المرحلة الثانوية لعدم حصوله على النسبة المحددة من قبل مديرية التربية في النظام، يقول: “وجدت في هذه الثانوية مرادي وفرصة لمواصلة ما أخطط له مستقبلاً. لم أستطع تحصيل النسبة التي تمكنني من متابعة التعليم الثانوي في مدارس النظام بسبب تعرضي لوعكة صحية أثناء الامتحان، وقد فرحت كثيراً عند سماعي إعلان افتتاح ثانوية في مدينة كفرنبل”.