تشاؤم حيال مهمة المراقبين الدوليين في سوريا

“مبادرة كوفي عنان خطوة جيدة وتشكل نقلة نوعية لأنها صدرت كقرار من طرف مجلس الأمن،” هذا ما كان يراه الناشط الحقوقي رديف مصطفى في بداية العمل بالمبادرة.
ولكن بعد مرور قرابة الشهر على دخول المراقبين إلى الأراضي السوريّة، يقول مصطفى إن “المبادرة بعد تطبيقها لم تلبِّ مطالب الشارع السوري كونها لم توقف القتل ولم تطلق سراح المعتقلين ولم تؤدِّ الى إعادة الجيش لثكناته العسكرية وغير مدعومة بالفعل بآليات لإلزام نظام دمشق بتنفيذها قسراً.”

وتنص مبادرة السيد كوفي عنان على نقاط ستة، من أبرزها وقف جميع أطراف النزاع لأعمال العنف المسلح بكل أشكالها تحت مراقبة الأمم المتحدة، حماية المواطنين وإيصال المساعدات الإنسانية إلى جميع المناطق المتضررة من الصدامات المسلحة وامتثال الهدنة الإنسانية لمدة ساعتين يومياً، وإطلاق سراح جميع المعتقلين الذين شاركوا في الحملات الإحتجاجية فوراً، وتأمين حركة حرة للصحافيين في كافة أنحاء البلد واحترام حرية التجمعات والحق في إجراء المظاهرات السلمية.

ومع أن النظام السوري – الطرف الأساسي في المبادرة – قد رحب أيضاً بمبادرة عنان، إلا أنّ الدم السوري ما زال يُسال في شوارع المدن السورية وما زالت الاعتقالات التعسفية، كما التعذيب داخل السجون، مستمرة. وقد وصل عدد الضحايا منذ تطبيق المبادرة في 1042012 إلى 979 قتيل منهم 56 طفل و73 إناث بحسب شبكة شهداء سوريا، وهو ما يبرره أركان النظام ومؤيديه بأنّ “العصابات المسلحة والمجموعات الإرهابية” تعمل على إشاعة الفوضى في سوريا وبث الرعب في نفوس المواطنين.

لم يقم النظام بتطبيق أي بند من بنود المبادرة الستة إلى حد هذه اللحظة، حسب رأي نضال، العضو القيادي في الهيئة العامة للثورة السورية في ريف دمشق. ويرى نضال أنّ النظام السوري قد غّير من استراتيجيته منذ قدوم المراقبين الدوليين حيث “يعمد إلى إحداث التفجيرات في بعض المناطق والمراكز الأمنية من أجل إرسال رسائل إلى المجتمع الدولي واتهام الثوار بها وإرعاب المواطنين،” على حد قوله.

نور الدين العبدو، ناشط إعلامي في محافظة إدلب، يقول إنه شهد خرق لبنود المبادرة من قبل قوات النظام عن قرب، وإنّ قوات الأخير مازالت ترتكب الجرائم بحق المدنيين وتقصف منطقة إدلب، خاصة جبل الزاوية. ويضيف العبدو: “هذه المبادرة تشكل الحد الأدنى من مطالب الشعب السوري عبر وقف القتل والعنف ودخول البلاد إلى مرحلة سياسية جديدة لكنها لم تعلن صراحة رحيل النظام السوري وهو ما لا يقبله الشارع السوري المنتفض بوجه أركان النظام .”

الجيش الحر هو الطرف الآخر من الصراع في سوريا وقد طالبته المبادرة أيضاً بوقف عملياته العسكرية ضد أفراد الجيش النظامي والأجهزة الأمنية وهناك اتهام للجيش الحر بأنه يخرق بنود المبادرة ويقوم بعمليات عسكرية على مراكز وأجهزة النظام. صبحي، أحد أفراد هذا الجيش في مدينة حرستا بريف دمشق، يرد على هذا الإتهام بالقول: “لا نستطيع ان نتهم الجيش الحر بأنه غير ملتزم. فقد أصدرنا بياناً أعلّنا فيه أننا نرحب بالمبادرة وسنلتزم بها.” ويضيف صبحي المنشق منذ تموز/يوليو الماضي: “نحن نتواجد في بعض المناطق ونقوم بحماية المظاهرات التي تخرج. وعندما يقوم النظام وشبيحته بالهجوم على تلك المظاهرات نتدخل وندافع عن المواطنين فتحدث اشتباكات بيننا وبين الجيش النظامي والأجهزة الأمنية.”

يتوقع بعض الناشطين أنّ الأيام القادمة ستكون عصيبة في ظل العنف المستمر وغياب أي بوادر جدية لحل سياسي. يعتبر نضال، العضو القيادي في الهيئة العامة للثورة السورية، أن مهمة المراقبين قد فشلت منذ لحظة وصولهم إلى دمشق.”عقلية النظام السوري لا تقبل التنازل أو التفاوض على نقل السلطة فحتى في ظل وجود المراقبين في مدينة حمص تم إطلاق الرصاص الحي عليهم وعلى المواطنين، ولن يستطيع المراقبون فعل أي شيء في ظل التفجيرات التي يفتعلها النظام السوري في المناطق التي تشهد احتجاجات شعبية،” يقول نضال.