بنك الدم في كفرنبل حل لأزمة يواجه أزمة

صالة كبيرة مقسمة الى غرف، تحوي كل منها أجهزة ومعدات وبرادات لحفظ الدم. وفي إحدى الغرف يوجد أكثر من ثمانية كراسي، وعلى منها يوجد شخص يتبرع بالدم، وأكثر من أربعين رجل بالخارج ينظرون دورهم بالتبرع. هذا الإقبال يأتي بناء لدعوة المرصد وحيد الحسني (43 عاماً) والذي توجه فيه إلى “أهل المدينة ممن يستطيعون التبرع بالدم، التوجه الى بنك الدم في مدينة كفرنبل”. وكانت  تدور معارك عنيفة ضد معسكر القرميد ومعسكر المسطومة والحواجز المحيطة بهذه المواقع التابعة لجيش النظام.

في مدينة كفرنبل الواقعة في ريف ادلب الجنوبي يوجد العديد من المشافي الخاصة والميدانية. جميع هذه المشافي بحاجة الى كميات كبيرة من الدم، نتيجة القصف على المدينة وعلى القرى المجاورة والمعارك الدائرة في المناطق القريبة منها، مما دفع مدير مكتب الإسعاف الخارجي بدر الشامان (47 عاماً) إلى إنشاء مركز للتبرع بالدم.

برادات بنك الدم في كفرنبل الصورة من صفحة المركز على موقع فايس بوك

الشامان الذي يتولى حاليا منصب مدير مركز بنك الدم يقول: “منذ قيام الثورة كنت أعمل مدير مكتب إسعاف خارجي، ومن خلال هذا العمل قمت بإنشاء مركز بنك الدم في مدينة كفرنبل، كونها وجهة طبية، ويوجد فيها ثمانية مشافي ثلاثة منها ميدانية. مع العلم أن هذا المركز يخدم ريف إدلب الجنوبي وسهل الغاب وريف حماه الشمالي وجميع الأراضي المحررة. وكل من يستطيع الوصول الى هذا المركز”.

ولا ينفي الشامان اتكال بنك الدم عند انطلاقته على منظمة اتحاد المكاتب الثورية URB  لشراء عدد من الأجهزة الضرورية، ومواد تحليل دم. كما قدمت الإغاثة الإسلامية (إسلام ريليف) حافظات دم وكيتات تحليل قيمتها 39000 ليرة تركية و1400 كيس دم وزمر تحليل دم، وقدمت جمعية الهدى الخيرية مولدة 15KVA وديزل لمدة عام واحد، وتعويض شهري لممرضين لمدة خمسة أشهر كما تم دعم المركز من مديرية الصحة وشركة سبيكترو ومؤسسة سيما الطبية”. ويأمل الشامان لو كان بمقدوره توسيع بنك الدم ليشمل مخبر وصيدلية ومشفى التلاسيميا.

يحتاج بنك الدم بحسب مديره مدير إلى 6000 دولار شهرياً بين رواتب موظفين ومواد تحليل وديزل. تبرع عدد من أبناء المدينة المغتربين بثلاثة مولدات كهربائية، وتلقى البنك دعماً من جمعية الهدى الخيرية بالمازوت لتشغيل المولدات الثلاثة لمدة ثلاثة اشهر، وقدم لواء فرسان الحق 500 دولار ثمن ديزل. ويحتاج المركز جهازاً لفصل الدم .ويحذر الشامان من الحالة المأساوية التي يواجهها بنك الدم حالياً لعدم قدرته على تأمين رواتب شهرية لجميع العاملين بالمركز. ويؤكد أن المركز قام على جهود شخصية، وبدون دعم من جهات رسمية، فكان عدد من أبناء المدينة المغتربين يساعدون في شراء الأجهزة الضرورية. ويلفت إلى وجود 14 موظفاً سبعة منهم يتقاضون رواتب من لواء فرسان الحق والراتب لا يتعدى الـ 75 دولار. وبعضهم تطوعوا للعمل في بنك الدم وهم يعملون في مشفى الأورينت.

تدني أجور الموظفين دفع الممرض نزيه الأسود (39 عاماً)، إلى العمل بعد الدوام مزرعة أبقار لكي يعيش مع زوجته واولاده، ويسأل الأسود “كيف لي ان أعيش بمبلغ 75 دولار شهريا، فهي لا تكفي اسرتي الصغيرة لمدة عشرة أيام في ظل ارتفاع الأسعار”.

يصف الطبيب إبراهيم الخطيب (50 عاماً) حالة المشافي بالمأساوية، ويؤكد أهمية وجود بنك للدم في المنطقة ويقول: “أعمل بمشفى ميداني بجبل الزاوية، وأغلب العمليات التي نجريها يكون المصاب قد نزف كمية كبيرة من الدم، وقبل وجود بنك الدم كنا نؤجل العملية ريثما يتواجد متبرعون، أما في الوقت الحالي فإننا نذهب إلى بنك الدم في مدينة كفرنبل ونطلب حاجتنا من أكياس الدم، وفي حالات المعارك يقدم لنا بنك الدم كميات أكبر و بزمر متعددة وذلك بسبب كثرة الإصابات”.

ويشكر الخطيب القائمين على بنك الدم في مدينة كفرنبل، كونه المركز الوحيد في المنطقة، متمنياً على المنظمات الداعمة القيام بعدة مشاريع من هذا النوع، لأنها تساعد المشافي أثناء المعارك والقصف العشوائي على المدن و القرى.عامل المختبر في مشفى أورينت هيثم العيسى (50 عاماً) يقول: “أعمل بمركز بنك الدم كخدمة إنسانية، لعدم قدرته على إعطاء رواتب لجميع الموظفين، وانا اعمل في مشفى الاورينت وأتقاضى راتب 200 دولار شهرياً، فهي تكفيني بالرغم من ارتفاع الأسعار، وفي وقت فراغي أستطيع المساعدة داخل مركز بنك الدم”.

مدير المكتب المالي في إتحاد المكاتب الثورية عبد الوارث البكور (33 عاماً) يشرح الواقع: “لم يكن بإمكاننا المساعدة في إنشاء بنك دم في المدينة إلا بمبالغ بسيطة، فلم تكن لدينا قدرة مالية تسمح بشراء جميع حاجيات المركز, فقد كنا نمر بأزمة مالية جراء المشاركة بعدة مشاريع داخل المدينة وخارجها. مع العلم ان بنك الدم هو مركز ضروري للمدينة، فهو يساعد المشافي على تأمين كميات الدم المطلوبة وبكافة الزمر”.

رامز الحسن (29 عاماً) صاحب ورشة ألومنيوم يقول: “لولا وجود بنك الدم في المدينة لكانت حالة طفلتي التي لم تكمل عامها الثالث في خطر كبير، وذلك نتيجة اصابتها بشظية في الصدر بفعل قذيفة استهدفت المدينة، وبعد نقلها الى المشفى كانت قد نزفت كمية كبيرة من الدم، ولم يكن يوجد في المشفى أكياس من زمرة دم طفلتي، فذهب أحد إخوتي الى مركز بنك الدم واحضر الكمية المطلوبة “.