برامج إغاثية ومشاريع تعليمية وتنموية في الداخل السوري
أخيرا استطاع أسامة (10 سنوات) أن يعود إلى مقاعد الدراسة مع إخوته الثلاثة، وذلك بعد حصولهم على كفالة من منظمة بردى للإغاثة والتنمية. ولم يكن أسامة وإخوته وحدهم من حصل على هذه الكفالة بل أكثر من 750 يتيما في الداخل السوري ومن بينهم أيتام معرة النعمان في ريف إدلب.
يقول أسامة “لا أعرف لماذا منعتني أمي من الذهاب إلى المدرسة بعد استشهاد والدي العام الماضي. ولكنني اليوم سعيد جدا بعودتي للدراسة”. كانت عائدة (35 عاماً) تعاني من الفقر والعوز، ما حال دون تمكنّها من شراء اللوازم المدرسية لأسامة وإخوته. ولكن هذا الحال تغيرت مع بداية عام 2016 ، لكون منظمة بردى تكفلت بجميع متطلبات أبنائها التعليمية خاصة. تشكر عائدة جميع القائمين على هذه الجمعية التي ساعدت على انتشال أطفالها من براثن القلة والحاجة.
الدكتور سعد العثمان (44 عاماً) وبصفته المشرف العام على المنظمة يقول: “نتيجة الظروف والأحوال الصعبة التي وصل إليها أهلنا في سوريا بسبب الحرب والتي أسفرت عن قتل وتشريد مئات الآلاف، فقد دعت الحاجة إلى قيام منظمات وهيئات تقوم على تقديم الخدمات الأساسية وتحسين الظروف المعيشية لهؤلاء النازحين والمتضررين، ومن هذه المنظمات كانت منظمة بردى للاغاثة والتنمية. التي تأسست في بداية عام 2016 ، وهدفها إيصال الدعم المقدم من المتبرعين وأهل الخير في مختلف الدول الإسلامية والعالمية إلى المحتاجين والنازحين وأبناء الشهداء في الداخل السوري”.
ويوضح العثمان “أن أماكن عمل المنظمة لا تغطي منطقة إدلب وريفها فحسب وإنما أيضا ريف حماة الشمالي، ريف حلب الجنوبي والغربي، ريف اللاذقية الشمالي وجبل التركمان بالإضافة لعملها في تركيا”.
دعم الأفران بمادة الطحين يعتبر من أهم مشاريع منظمة بردى، وذلك لأن استراتيجية المنظمة تقوم على تأمين المواد الأساسية والهامة للسوريين في الداخل. وعن هذا المشروع وغيره يتحدث أحد أعضاء المنظمة ويدعى أبو محمد (38 عاماً) فيقول “أكثر من 480 طناً من الطحين كانت تقدمة بردى للمحتاجين في الداخل، حيث تكفلت المنظمة بخبزه وتوزيعه مجانا عليهم، وكذلك قدمت مئتي طن من التمر، و2500 علبة حليب أطفال وأكثر من ألفي بطانية و3 آلاف سلة غذائية، هذا عدا عن المبالغ النقدية التي وزعت على أهالي المناطق المحاصرة”.
أسعد العبدو (42 عاماً) وهو صاحب أحد الأفران في ريف إدلب يقول “لقد أمّنت لنا المنظمة كميات وافرة من مادة الطحين، الأمر الذي ساهم بخفض سعر كيس الخبز بعد أن كان مرتفعاً”. ويؤكد بأنهم في هذه الأفران يوزعون الخبز مجاناً على المحتاجين، الذين يملكون بطاقة من المنظمة، في حين يبيعون كيس الخبز بسعر رمزي لعامة الناس.
أم عابد (28 عاماً) من أهالي معرة النعمان، تحصل بشكل مجاني على خبزها اليومي تقول “لقد تكفلت منظمة بردى بنفقات أولادي الأيتام، وعدا عن ذلك فهي تقدم لنا خبزاً مجانياً أيضاً” وتلفت إلى أن حالها بات أفضل بكثير من السابق، فهي لم يكن لديها من يعيلها بعد وفاة زوجها إلا آلله. أمّا أم وليد من جهتها فلديها زوجها ولكنه لا يستطيع أن يكون معيلا بعد أن بترت ساقه نتيجة القصف، فكانت هي الأخرى ضمن المستفيدات من مساعدات المنظمة.
لم تقتصر مشاريع منظمة بردى على الإغاثة، وإنما أيضا عملت في المجال التعليمي من خلال فتح العديد من المدارس والمعاهد في الداخل السوري المحرر.
أسامة (14 عاماً) يقصد معهد بردى كل يوم ليلتقى التعليم، ويقول “استفدت كثيراً من دورات التقوية المقامة في المعهد للعديد من المواد بالإضافة إلى دورات تحفيظ القرآن الكريم”. ويشير إلى أن المعهد يوزع قرطاسية عليهم، ويقيم نشاطات تنافسية بين الطلاب وهنالك توزيع هدايا وجوائز للمتفوقين والرابحين. يشعر أسامة بالمتعة والتفاؤل بتردده على معهد بردى لأنه يعتبره مكملا بالنسبة له لما افتقدته المدارس بسبب القصف والحرب.
العثمان وبصفته المشرف العام على المنظمة يشرح آلية عملها بالقول “إنها تعمل بشكل مؤسساتي ضمن فريق، بحيث يغطي كافة المناطق المشمولة بعملها، كذلك يتم التعاقد مع منظمات وجمعيات وهيئات ومجالس محلية لضمان سير العمل بشكل ممتاز، وبأسرع وقت والوصول لمعظم المحتاجين”.
كلام العثمان يؤكده أبو أحمد (43 عاماً) وهو أحد أعضاء المجلس المحلي في معرة النعمان، ويقول أبو أحمد “لقد كان لمنظمة بردى بصمتها الخاصة والمحببة في الداخل السوري، فهي تسعى جاهدة من أجل العمل على إعادة الحياة الطبيعية للسوريين المنكوبين”. لافتاً إلى قيامها مؤخرا بحملة إغاثية كبيرة خاصة بأسر الشهداء والمعتقلين بالتعاون مع منظمة شهيد في معرة النعمان، وقد تضمنت الحملة توزيع ألبسة وأغذية وأغطية ومبالغ نقدية، كل ذلك للتخفيف ولو بشيء بسيط عن هذه العوائل التي فقدت أعزاءها ومعيليها.
سحر (33 عاماً) أم لولدين زوجها معتقل منذ سنتين، تعيش ظروفاً صعبة لفقدانها المعيل، كانت ضمن المستفيدات من مساعدات منظمة بردى تقول سحر “لقد أعادت لي منظمة بردى ثقتي بنفسي، فبعد قدمت لي الكثير من المساعدات، قامت أيضا بتأمين فرصة عمل لي كمعلمة في إحدى معاهدها الشرعية لمساعدة الأطفال على حفظ القرآن الكريم”.
وفي جعبة منظمة بردى العديد من المبادرات المستقبلية ومنها مشروع دار بردى للاستشفاء إضافة لمشروع الدواجن وتربية الأبقار، وهناك مشروع معمل لإنتاج الثلج سيبدأ العمل به مع بداية فصل الصيف.
“تعتمد بردى في دعمها على مجموعة من التجار والميسورين، إضافة لشراكاتها مع عدد من المنظمات الأخرى” بحسب ما يقول العثمان قبل أن يختم حديثه بالتعهد بـ”أن منظمة بردى لن نستكين أمام تفاقم معاناة أهلنا في مناطق النزوح والحصار والقصف اليومي، سنسعى لنكون دائما شمعة الأمل التي تمد أهلنا وأطفالنا بالقوة والصمود”.