الناشطون في ريف حلب يفضلون تسليح المعارضة على التدخل العسكري الخارج
أيمن محمد
كثرت الأحاديث عن إمكانية قيام الغرب وتحديداً الإدارة الأمريكية بعمل عسكري ضد النظام السوري، في وقت يجمع معظم النشطاء منذ بداية الحراك السلمي على رفض أي تدخل خارجي مباشر، ويرون في هذا التدخل حرباً على الثورة التي قامت لإسقاط النظام بيد أبناء البلد، ويفتح الطريق لعراق جديد لا يريدون لسوريا إعادة تجربته المريرة.
“الغرب يريد تأمين مصالحه في المنطقة بالدرجة الأولى، سواء كانت مع النظام أم مع المعارضة، وهو لا يريد للنظام أن يحسم معركته مع المعارضة عسكرياً، نحن لا نؤيد أي تدخل غربي على الأرض السورية”، هذا ما بدأ بقوله ابراهيم أبو حسين (28 عاماً) وهو مهندس وناشط من مدينة جرابلس.
ويرى البعض أن الحديث عن إمكانية القيام بتدخل عسكري أمر شبه مستحيل. الناشط نعمان خليل (30 عاماً) وهو موظف في مصلحة البريد في منبج، قامت الحكومة مؤخراً بقطع راتبه، يعتقد أن كل هذه الأخبار هي مجرد كلام، لأن الغرب لا ينوي إقحام نفسه في معركة مع حلفاء النظام، وإن دخل مثل هذه المعركة فهي ليست لصالح الشعب وإنما سعياً وراء مصالحهم، ويضيف:” لو كان الغرب يريد الوقوف إلى جانب المعارضة كان بإمكانه منذ بداية الحراك الضغط الحقيقي على النظام لإسقاطه. هم شاهدوا مظاهراتنا السلمية، وكل العالم يدري أن الشعب السوري خرج سلمياً مطالباً بحريته وكرامته، لكن النظام دفع نحو المواجهة العسكرية عبر استهدافنا واعتقالنا وقتلنا وتدمير مدننا. اليوم يتحدثون أن النظام تخطى الخط الأحمر، وكأن الضرب بكل أنواع الأسلحة خطوط خضراء لبشار لأسد، لا نريد منهم التدخل، فليعطوا الثوار السلاح المطلوب وهذا كفيل بإسقاط النظام”.
ويعتقد آخرون أنّ القرار الأميركي والغربي بوجوب تسليح المعارضة أو الحديث عن تدخل عسكري لن ينهي “الأزمة السورية” بل سيقابله دعم وتسليح للنظام من قبل حلفائه.
يقول الناشط أحمد أبو قدامة (40 عاماً) وهو رسام مقيم في جرابلس: “الغرب لا يريد إنهاء الأزمة في سوريا، كما يسمونها الآن، وتسليح المعارضة سيقابله تسليح للنظام… وبالتالي إبقاء الكفة متوازنة، والغاية إطفاء سوريا مثل الشمعة وإنهاك المقاتلين من الطرفين”، ويضيف: “نرفض أي عمل عسكري مباشر ضد سوريا، لأن الغرب إن تدخل سيفرض أجندته وعملاءه، واتخاذ الغرب مثل هذا القرار جاء خوفاً من تنامي قوة إسلامية تخرج عن سيطرتهم، والواقع يقول إن أغلب المناطق المحررة في سوريا تحكم بالشرع الإسلامي… والقوة العسكرية عظمت عند الكتائب التي تنادي بدولة اسلامية مثل أحرار الشام وتجمع انصار الإسلام وجبهة النصرة ولواء الإسلام وتجمع أنصار الخلافة ولواء الأنصار وغيرها”.
من جهته يقول الناشط أبو جعفر الحلبي، وهو مراسل لقناة “الجزيرة مباشر” إن الشعب السوري لا يحتاج إلى تدخل ولن يأخذ حقه إلا بأيديه، ويضيف: “نحن قادرون على إسقاط النظام ونقف ضد أي تدخل عسكري قد يشنه الغرب، والإرادة هي السبيل للنصر على النظام”.
أما الناشط وسيم أحمد (27 عاماً) وهو طالب جامعي من حلب يقيم حالياً في منبج، يقول لـ”دماسكوس بيورو”: “لا نريد لبلدنا تذوق السيناريو العراقي الذي تسبب بمقتل أكثر من مليون شخص وشرد الملايين ودمر البنى التحتية، وانتهى بتسليم العراق لأذيال واشنطن والغرب ومن ثم تسليمه لأذيال إيران، سوريا للسوريين، والشعب دفع التضحيات وليس بحاجة إلى تدخل لا غربي ولا غير ذلك، قلب الموازين على الأرض كفيل بإسقاط النظام. الضغط السياسي على النظام وحلفائه قد يكون أفضل في الوقت الحالي، إلا في حال دراسة جدوى تزويد المعارضة بالسلاح وما ستؤول إليه الأوضاع على الأرض”.
ويضيف أحمد: “الغرب بدأ يدرك فظاعة ما آلت إليه الأوضاع في سوريا، ولكن صحوتهم جاءت متأخرة، كان بإمكانهم تفادي ما كانوا يخشون منه، فبعد هذا القتل الذي مارسه النظام ضد الشعب سيميل الكل للتطرف، وهذا أمر طبيعي، وتدخل “حزب الله” إلى جانب النظام فاقم الأمور أكثر وزاد من حدة التطرف، والغرب يكتفي بالتنديد والشجب ويمنع وصول السلاح للمقاتلين على الأرض”.وينهي بالقول: “فليمنحونا السلاح النوعي وليرى العالم كيف ستنتهي مأساتنا مع هذا النظام، لا نؤيد تدخلكم العسكري، لم نخرج بثورتنا لكي تحررونا أنتم”.
إلى ذلك يرى البعض أنه في ظل انقسام فصائل المعارضة بأطيافها السياسية والعسكرية والإيديولوجية وفي ظل انقسام المجتمع الدولي لن يؤدي تزويد المعارضة بالمزيد من السلاح إلى إسقاط النظام.
يقول الناشط الكردي عمر إبراهيم، وهو مدينة عين العرب (كوباني): “في ظل انقسام المعارضة المسلحة على ذاتها وكذلك المعارضة السياسية، لا يمكن أن يؤدي تزويد المعارضة بالسلاح إلى اسقاط النظام، وذلك لسبب واضح هو انقسام المجتمع الدولي أيضا حول الملف السوري، وعجزه على دفع الامور باتجاه الحلول الممكنة، وبآليات فعالة للتأثير على مجريات الأحداث, فالدب الروسي لن يتخلى عن النظام عندما تقوم واشنطن بإرسال شحنات الأسلحة للمعارضة المسلحة، وبالتالي يتمكن النظام من البقاء ويحارب على عدة جبهات سياسية وعسكرية ودبلوماسية، والحال سيستمر إلى سنين أن بقيت الأمور كما نحن عليه الآن”.
ويشترط إبراهيم: ” توحيد قوة المعارضة المسلحة على الأرض تحت قيادة واحدة وتصفية القوة الظلامية السلفية ممن يضرون بالثورة”.
ويردف: “الأمر الآخر هو توحيد القوة السياسية وإعلان مشروعها لسوريا ما بعد النظام… شكل الدولة ونظام الحكم فيها… وحقوق القوميات فيها”.ويعرب عن اعتقاده أن موضوع التدخل الدولي مستبعد على الأقل في الوقت الراهن.
إلى الآن، يبقى قرار التسليح أو التدخل من خلال فرض منطقة حظر طيران أو ضربة جوية أهم المواضيع التي يبحثها ساسة الغرب، بينما يصر الناشط السوري في الداخل على تحقيق أهداف ثورته دون الاستعانة بأي طرف خارجي على الأرض، وضرورة التسليح فقط لتحقيق التوازن العسكري بغية التوصل لحل سياسي يضمن سيادة سوريا الثورة.