المركز السوري لمحاربة التطرف

مبنى مركز مكافحة الفكر المتطرف تصوير عبد القادر محمد

مبنى مركز مكافحة الفكر المتطرف تصوير عبد القادر محمد

"ويستهدف المركز العناصر السابقين في تنظيم الدولة وفق ثلاثة مستويات، الأول للمقاتلين الذين انشقوا عنه ولم يرتكبوا جرائم. والثاني من الأسرى الذين شاركوا في قتال المعارضة، أما الثالث فهو للعناصر الأجانب وهو الأكثر تعقيدا."

“نشأت فكرة المركز السوري لمحاربة الفكر المتطرف في مدينة مارع بعيد انسحاب تنظيم الدولة الإسلامية من المنطقة بهدف تخليص العناصر السابقين في التنظيم من الأفكار التي اعتنقوها، والتي من الممكن أن تشكل خطرا في مناطق المعارضة” يقول مدير المركز حسن ناصر.
يستقبل المركز أكثر من 100 مقاتل سابق في التنظيم. ويعتمد المشرفون على برنامج يومي منتظم، يشمل الرياضة البدنية والدروس النظرية التي تتمحور حول الشريعة الإسلامية الصحيحة والعلاج والدعم النفسي، إضافة إلى تقديم معلومات طبية وصحية.
ويستهدف المركز العناصر السابقين في تنظيم الدولة وفق ثلاثة مستويات، الأول للمقاتلين الذين انشقوا عنه ولم يرتكبوا جرائم. والثاني من الأسرى الذين شاركوا في قتال المعارضة، أما الثالث فهو للعناصر الأجانب وهو الأكثر تعقيدا.
ناصر يلفت إلى “أن المركز يحتوي على ثلاثة أقسام أساسية، الأول مختص باستقبال المهاجرين، والثاني مختص بالسوريين، أما القسم الثالث فهو مختص بمن تلطخت أيديهم بالدماء وثبت عليهم ارتكاب جنايات القتل بحق عناصر من الجيش الحر في المنطقة”.
ويضيف ناصر: “نقدم في المركز كل ما يحتاجه النزلاء، وهناك علماء بالشريعة وأطباء نفسيون يقدمون محاضرات ودروس من أجل تصحيح أفكار النزلاء، إضافة إلى عرض الأفلام التي توضح حقيقة تنظيم الدولة الإسلامية”.
ويكمل قائلاً: “نجد تقبلا وتحسناً كبيراً في تصحيح أفكار العناصر السابقين في التنظيم من السوريين، بسبب أنهم قد غرر بهم من قبل التنظيم عبر الوسائل التي تعلمونها جميعا من إعلام وما شابه، وتم تخريج أول شخص وهو طفل عمره 14 عاما بعد شفائه ونتيجة الدراسة المطولة لحالته قررنا الإفراج عنه وهو من ريف إعزاز”.

وعن مصير المهاجرين المنضمين للتنظيم من خارج سوريا، قال ناصر “هناك وعود قوية من قبل الأمم المتحدة لنا عبر تواصلها مع الدول التي لديها رعايا في سوريا لتسليمهم خلال مدة قصيرة”.
في الشمال السوري يعتبر المركز بحسب المجالس المحلية والجهات الرسمية خطوة جديدة غير مسبوقة وعمل إيجابي ينطوي على نتائج من شأنها تأمين الاستقرار والسلم هناك.
عضو مجلس بلدة دابق في ريف حلب عبد السلام أحمد يقول لـ “حكايات سوريا”: “المركز السوري فكرة جيدة ورائدة في الشمال السوري، وبدأ كتجربة تحولت إلى عمل ناجح ومستمر في تصحيح الفكر لدى عناصر التنظيم السابقين”.
ويضيف أحمد: “أهمية العمل تكمن في استبدال سجن هؤلاء العناصر لسنوات، الأمر الذي لن ينزع منهم طريقة تفكيرهم. بل قد يستمرون على سياسة الانتقام من المدنيين، فالأفضل تكوين فكر معتدل يقوم على فهم الإسلام بالشكل الصحيح”.
ويتابع أحمد: “شخصيا أؤيد المشروع ونتمنى له الاستمرار والتقدم لأن الأفكار التي زرعها تنظيم الدولة في عقول الشبان لها آثار كارثية على المجتمع السوري”.
تختلف وجهات نظر الأهالي في ريف حلب الشمالي حول المركز. بين نظرة تفاؤلية حول إمكانية العمل على تصحيح الفكر المتطرف لدى العشرات من أبناء الريف ذاته، وهم ممن انضم إلى التنظيم متأثراً بالدعاية الإعلامية وزعماء وأمراء التنظيم، الذين كانوا ينتشرون في المنطقة قبل انسحابه جراء معركة “درع الفرات”.
عبد الرحمن محمد من أهالي ريف حلب الشمالي يقول لـ “حكايات سوريا”: “الكثير من أبناء ريف حلب انضموا إلى تنظيم الدولة متأثرين بفكرة الخلافة الإسلامية وإعادة أمجاد العرب المسلمين، وهي المفاهيم الأساسية التي دأب التنظيم على تبنيها لجذب الشباب من مختلف أنحاء العالم، وقد خسرنا الكثير منهم جراء معارك التنظيم مع التحالف الدولي وفصائل المعارضة وأيضا النظام السوري”.
ويكمل محمد: “بعد انحسار تواجد التنظيم في شمالي سوريا، كان لا بد من إيجاد مرجعية فكرية للأهالي والشباب كي تكون بديلاً عن فكر التنظيم، وقد وجدنا في المركز مثالاً جيداً لهذه المرجعية، كون العمل يتم بطريقة سلمية ودية، لا تعتمد على العنف أو الإكراه”.
ويرى محمد أن المركز وسيلة “وقاية” تمنع عودة فكر التنظيم في ريف حلب الشمالي. داعياً إلى أن يقوم المركز بندوات ومشاريع تدريبية يشارك فيها عدد كبير من الشباب، وألا يقتصر العمل والجهد على أعضاء ومقاتلي التنظيم السابقين.
لعل “المركز السوري لمحاربة الفكر المتطرف” يمثل بارقة أمل في الشمال السوري بهدف إعادة تأهيل العناصر السابقين في تنظيم الدولة الإسلامية. ويسعى القائمون على المركز جاهدين لإصلاح ما يمكن إصلاحه من خلال جلسات دعم نفسي وأخرى تعليمية وفقهية تقدم للمنتسبين للمركز، كي يعود هؤلاء لحياتهم من جديد.