المجلس المحلي يزيل بعض العقبات في وجه الزراعة في البوليل
أعاد المجلس المحلي تشغيل مؤسسة للري ولكن مصاعب الزراعة تدفع بالبعض إلى تركها.
أحمد البوليلي*
(البوليل، سوريا) – تقع بلدة البوليل على ضفاف نهر الفرات، على بعد 25 كيلومتر من مدينة دير الزور، ويعتمد اقتصادها بشكل رئيسي على زراعة القمح والقطن والشعير.
تُروى هذه المحاصيل عن طريق جر المياه من الفرات، وهناك مؤسستان كانتا تشرفان على هذا العمل قبل الثورة، “المؤسسة العامة للإصلاح الزراعي” ومقرها في بلدة البوعمر التي تبعد 10 كيلومتر عن البوليل، وتغطي ست بلدات، و”الجمعية الفلاحية” في البوليل.
بعد سيطرة قوات المعارضة على هذه المنطقة، توقفت “الجمعية الفلاحية” عن العمل بسبب عدم توفر المحروقات والأموال اللازمة لصيانة الآلات وتشغيلها، أما “المؤسسة العامة للإصلاح الزراعي” ولأن مضخاتها تعتمد بشكل رئيسي على الكهرباء، فأيضاً انقطاع الكهرباء لفترات طويلة أعاق سير عملها.
بينما لا يزال عمل “المؤسسة العامة” متعثراً، أخذ المجلس المحلي في البوليل على عاتقه إعادة تسيير “الجمعية الفلاحية”.
يتقاضى المجلس المحلي 2000 ليرة سورية (حوالي 12 دولار) بدل ري كل دونم (أو 1000 متر مربع) من الأرض، بينما كانت “الجمعية الفلاحية” قبل الثورة تتقاضى عن ري المساحة نفسها مبلغ 3000 ليرة (حوالي 60 دولار بحسب سعر الصرف القديم). وتساهم هذه الرسوم في دفع أجور موظفي الجمعية.
مدير المكتب الزراعي في المجلس المحلي خليف الحشتر تحدث عن ضرورة إعادة تأهيل “الجمعية الفلاحية” بعد أن “حارب بشار الأسد ونظامه الفلاح في لقمة عيشه”، على حد قوله.
يقول الحشتر إن “الجمعية الفلاحية” تحاول إنقاذ موسم القمح، على رغم العقبات التقنية. ويضيف: “أصلحنا بعض محركات المازوت لكن عدم وجود المازوت النظامي (الذي تنتجه محطات التكرير الحكومية) واستخدام المازوت المصفى يدوياً أدى إلى تعطيل بعض الآلات فقمنا بشراء مضخات كهربائية، لكن انقطاع الكهرباء لفترات طويلة ومتكررة جعلنا نسعى لشراء مولد كهربائي”.
بحسب الحشتر يسمح المولد بتشغيل أربع مضخات معاً.
تحدث المزارعون عن مشاكلهم في ظل ارتفاع كلفة الإنتاج. أبو خليف، وهو مزارع في الستينات من عمره، يزرع القمح والقطن ويرى أن الزراعة في الوضع الراهن هي “شر لا بد منه”. يقول أبو خليف: “في ظل الحرب الدائرة وما تبعها من ارتفاع أسعار الأسمدة والبذار، إضافة الى ارتفاع أجر حرث الارض، لم نعد نحصل على مردود مالي يستحق هذا العناء والانتظار. لكن كوننا نربي الماشية وخاصة الاغنام، فنحن بحاجة ماسة إلى الزراعة من أجل الحصول على مرعى لأغنامنا”.
يقرّ أبو خليف بأن أسعار السلع التي يزرعها ارتفعت لأن التجار “شركاء النظام في تجويع أهلنا”، يهرّبونها إلى تركيا، لكنه يشكو في الوقت نفسه ارتفاع أسعار المواد الأولية.
يقول أبو خليف: “لا أخفيك بأن أسعار محاصيلنا قد تضاعفت. بينما كنا نبيع كيلوغرام القطن الواحد بـ 40 ليرة سورية للنظام نحن نبيع الكيلو الآن للتجار بـ 112 ليرة. أيضاً كنا نبيع كيلو القمح الواحد بـ 15 ليرة الآن نبيعه بـ 39 ليرة”. ويضيف: “بالمقابل كنا نحصل على كيس السماد مقابل 400 ليرة أما الآن فهو بـ 4500 ليرة سورية”.
يشير أبو خليف إلى إن تأهيل “الجمعية الفلاحية” هو “أمر مهم جداً وجاء في مرحلة حرجة” بعد انخفاض مستوى المياه في الآبار الجوفية، كما أن الخضروات تنمو عند سقايتها بمياه النهر بمعدل الضعف مقارنة مع سقايتها بمياه الآبار، بحسب ما قال. إلا أنه يشكو من أن عمل الجمعية ليس كافياً، ويتمنى منها ضخ المياه بوتيرة أعلى. ويقول: “القائمين على الجمعية الفلاحية الآن لا يشغّلون المحركات في كافة الأيام وإنما على دفعات والمشكلة أن الخضروات بحاجة الى المياه كل ثلاثة أيام”.
في ظل هذا الواقع المتردّي وما تعانيه الزراعة من عقبات، يعدّد ماهر البالغ من العمر 35 عاماً الأسباب التي دفعته إلى ترك الزراعة: “منذ ثلاث سنوات شهدت الزراعة تراجعاً كبيراً في منطقتنا نتيجة غلاء الأسمدة وعدم توفرها أحياناً، الأمر الذي دعاني إلى هجر الزراعة والتوجه نحو العمل في تصفية النفط من أجل توفير لقمة العيش لعائلتي”.
عائشة (30 عاماً)، وهي زوجة ماهر، ترى أن هجر الزراعة في الوقت الحالي وسيلة سمح للعائلة تحسين وضعها: “عندما كان زوجي يعمل في الزراعة كان غالباً ما يستدين مبالغ مالية من أجل شراء السماد والبذار وتسديد أجر حرث الارض. كان يستدينها من أقاربه ويعدهم بأن يسددها عند بيع المحصول. فكنا طوال هذه الفترة غارقين في الديون”. وتضيف عائشة: “كنا نعيش بذل الديون فكثيراً ما كنا نطلب المال من أشخاص ولكنهم يأبون منحنا إياه. كنا نحصد الموسم ونبيعه ثم نقوم بإيفاء الديون فلا يتبقى لدينا منه إلا القليل نستعين به على قضاء حوائجنا المنزلية”.
*اسم مستعار لصحافي داخل سوريا.