القنيص مهنة متجددة في سوريا
"تشتهر مدينة الرحيبة في القلمون الشرقي بمهنة القنيص، وتعتبر أكبر سوق للطيور الحرة، في سوريا والدول المجاورة"
أهالي القلمون الشرقي حملوا معهم خلال رحلة نزوحهم بعض عاداتهم ومهنهم ومنها مهنة القنيص او صيد الطيور الحرة. وهي مهنة موسمية تمتد بين شهري أيلول/سبتمبر وتشرين الثاني/نوفمبر فقط، وهي فترة هجرة الطيور.
يذكر أن الطيور الحرة هي الطيور المهاجرة الجارحة وغير الجارحة، فيتم صيدها أثناء مرورها في منطقة حوض المتوسط و آسيا الوسطى، خلال رحلتها بين أوروبا واقريقيا.
أبو خليل (35 عاماً) نازح من أهالي القلمون الشرقي يقول: “عندما تمر في المكان، لن تلاحظ شيئاً، سوى خيمة صغيرة، وصوت طيور. لن يعرف أن المكان مليء بالشراك والمصائد، سوى أصحاب المهنة، فالأمر يحتاج حنكة وخبرة وصبر كثير، هذا ما يميز مهنة صيد الطيور الحرة، أو القنيص كما نسميه”.
ويضيف أبو خليل: “كانت مهنتنا الرئيسية في القلمون هي القنيص، ولكن النظام ضيًق علينا كثيراً بالقصف والحصار، فاضطررنا الى النزوح شمالاً. وكما ترون هنا يوجد الكثير من أهالي القلمون، تعرفنا على عدد من الصيادين منهم، وقررنا إحياء هذه المهنة هنا، حتى نعيل أنفسنا، ولكي تبقى ذكرى القلمون حية في قلوبنا”.
أبو بلال (47 عاماً) من نازحي القلمون الشرقي أيضاً، يقول: “تشتهر مدينة الرحيبة في القلمون الشرقي بمهنة القنيص، وتعتبر أكبر سوق للطيور الحرة، في سوريا والدول المجاورة، ومنها تصدَر الطيور الى دول الخليج العربي، ويباع بعضها بأسعار خيالية”.
و يردف أبو بلال: “قمنا مع بعض الصيادين بالتخيّيم في جبال ريف حلب الغربي، بالقرب من الحدود التركية السورية، حيث تمر من هذه المنطقة الطيور الحرة أثناء هجرتها بين قارتي أوروبا وأفريقيا، بحثاً عن الدفء والغذاء”.
وتتنوع الطيور المهاجرة بين صغيرة وكبيرة و بين جارحة وغير جارحة، ولذلك تتنوع المصائد والفخاخ بحسب الطير المراد صيده.
يشرح أبو خليل عن بعض أنواع المصائد التي قاموا بإعدادها في المكان، فيقول: “من أجل صيد طيور السمان ننصب شبكة ناعمة لا تكاد ترى، بشكل صندوق مفتوح، وبإرتفاع يصل الى ثلاثة أمتار، ونضع في وسط الصندوق جهازاَ كهربائياً يصدر صوتا يشبه صوت السمان، وهذا ما يجلب طيور السمان الى المصيدة”.
ويضيف أبو خليل: “أما لصيد الطيور الجارحة، كالصقر، أو الباشق، أو الغوسيه، وهو أحد أنواع الطيور، نقوم بنصب مصيدة الحفرة. وهي بإختصار، خيطان يخرجان من الحفرة، خيط نربط فيه الطعم وخيط لسحب الشبكة المدفونة في التراب، لكي تمسك بالفريسة عندما تنقض على الطعم. وكل ذلك يحدث بحركات معينة يقوم بها الصياد الذي يمكث يراقب الحفرة المموهة بالتراب”.
أبو عادل (37 عاماً) من ريف حماه، يقول لموقع حكايات سوريا: “نحن أيضاً نازحون من ريف حماه، ولكن من خلال هذه المهنة، تعرفت على هؤلاء الصيادين من القلمون الشرقي، وكما ترون نحن نخيّم معاً، عسى أن نحظى بصيد طير جارح، غالي الثمن، فالحياة أصبحت صعبة”.
لا بد للصياد أن يبقى في حفرة الصيد الصغيرة تلك لمدة 24 ساعة، يراقب فريسته. و هذا بالنسبة لمجاهد (20 عاماً) شاب من ريف ادلب، “من أصعب الأمور التي يختص بها القنيص” ،ويؤكد مجاهد لحكايات سوريا، أنه يحاول تعلم هذه المهنة من أهالي القلمون، لأنها تدرب الإنسان على الصبر للوصول الى الهدف، ولأنه شعر انه بالحضور معهم في هذه الخيمة الصغيرة، فإن ذلك يولد شعوراً لديهم ،أنهم أينما ذهبوا في سوريا، فكأنهم في ديارهم في القلمون.