الفن التشكيلي رسالة معاناة سورية للعالم
الواقع السوري اليوم كما يراه سليم مصطفى تصوير شريف فارس
يصرّ إبن قرية عين البيضا في ريف جسر الشغور الفنان التشكيلي سليم مصطفى (60 عاماً) على البقاء في سوريا، لسيتمد من المعاناة اليومية مادة للوحاته التي يراها كرسالة إلى العالم.
الفن التشكيلي له دور يتمثل بالرسالة الجمالية التي يملكها الفنان بحاسة فنية وجمالية في تلمس واقع مجتمعه وهمومه وقضاياه، ثم يسعى إلى عكسها في أسلوب فني لإيصال رسالته بطريقة أكثر جاذبية. وقد استجاب للثورة الشعبية في سوريا مجموعة من الفنانين الذين وهبوا فنهم ولوحاتهم لإيصال معاناة النازحين والتعبير عن مشاكلهم فكان لهم دورهم البارز في تعزيز وهج الثورة والحفاظ على حيويتها وروحها.
مارس سليم مصطفى هوايته بالرسم منذ الصغر. عندما كان في المرحلة الابتدائية شارك في نشاطات فنية واختص بالرسم، ولتميزه بالنشاطات ورسوماته أصبح يخرج مع الطلاب جولة ضمن المحافظات السورية للمشاركة في معارض الرسم الطلابية.
لم يكن مصطفى يدرك أن الرسم هو فن بحد ذاته فهو كان يعتبره نشاطا وموهبة له حتى أنه كان يرسم لأصدقائه ما يرغبون به. واستمر بتقوية موهبته رغم أنه لم يكمل تعليمه بل استمر وتفرغ ليزداد مهارة في رسمه التشكيلي بعيداً عن الشهادات والدراسات فكان الرسم يستهلك كل وقته .
مصطفى وبعد اكتساب موهبة قوية بالرسم التشكيلي لكنه لم يستطع التعبير بحرية عن فنه ولوحاته التي تعبر عن المظلومين في سوريا بسبب النظام القمعي فسافر إلى الأردن حيث انخرط في مجتمع الفنانين التشكيليين واستطاع التواصل مع شرائح كثيرة من الشبان الفنانين منهم الفنان التشكيلي الأردني محمد بوليس والفنان مأمون ظبيان.
تمكن مصطفى بفضل موهبته وفنه وروعة لوحاته المعبرة من التسجيل في عضوية نقابة الفنانين الأردنيين، وشارك بحوالي 20 معرضاً في معظم محافظات الأردن. وكانت معظم أعماله المشاركة في المعارض تتحدث عن القضية الفلسطينية كونه تأثر كثيراً بها. فكانت أعماله ترسخ معاناة الفلسطينيين وهجرتهم وكان يجسد الحياة الاجتماعية لشعب أي بلد يقطن فيه عبر لوحاته الفنية .
عمل الفنان سليم مصطفى في مجال الديكور وترميم المقتنيات القديمة. وشاركن أعماله في العديد من المعارض الفنية التشكيلية في دول عدة منها تونس، ليبيا، إيطاليا، هولندا، كندا، فرنسا وبلغاريا. ونالت أعماله استحسان المهتمين بالفن.
عاد الفنان مصطفى إلى سوريا ليجسد معاناة شعبه في المخيمات والتهجير والنزوح. وفي لوحاته بوح وصراخ الأرامل والأيتام من خلال الواقع الحي لكل مخيم. فهو قد ناصر العديد من القضايا الإنسانية في كل بلد سافر إليه. ورسم العديد من اللوحات التي تعبر عن أوجاع النازحين وخصوصا في المخيمات وقت هطول الأمطار فوق رؤوس قاطنيها وغرق أمتعتهم وجميع ما يملكون.
عاد إلى بلده سوريا ولم يغادر مرة أخرى، رغم وضعه المادي الصعب. وما زال يرسم طوال الوقت ويمارس هوايته المفضلة. لأنه يؤمن بأن للفن دوره في إيصال معاناة النازحين والمهجرين في العراء.
ورغم ظلم الحرب له ولفنه مثله مثل الكثير من الفنانين الذين ظلمتهم الحرب يبقى سليم مصطفى صاحب مسيرة إبداعية طويلة ومتمرسة في استنباط مفاهيم ومفردات الإنسانية.