السوريون يواجهون زراعة الحشيش والحبوب المخدرة
صادرت أخيراً قوات من جيش النصر التابعة للجيش السوري الحر، كميات كبيرة من محاصيل نبتة الحشيش أو القنب الهندي، كما أقدمت على إتلاف الأراضي المزروعة بهذه النبتة المخدرة في منطقة سهل الغاب.
زراعة نبتة الحشيش المخدر أو القنب الهندي، ازدهرت في المناطق السورية التي تعتبر خط تماس بين المتحاربين، نظراً لصعوبة الوصول إليها تمهيدا لإتلافها.ويستغل بعض المزارعين حالة الحرب والفوضى التي تعيشها البلاد منذ 5 سنوات لتحقيق أرباح من هذه الزراعة التي تهدد مستقبل الشباب وحاضرهم.فيما لجأ إليها مزارعون آخرون نتيجة الحاجة والبطالة وكساد المحاصيل أو صعوبة زراعتها والاهتمام بها.
أبو فيصل (30 عاماً) قائد عسكري في جيش النصر التابع للجيش السوري الحر، أوضح أن عملية إتلاف المحاصيل المخدرة تمت بناء على معلومات حول وجود أراضٍ مزروعة بنبات له شكل غريب وغير مألوف عند المزارعين من قبل.وتم الاستعانة بخبراء زراعيين وقد تأكدوا بأن تلك الأراضي مزروعة بمواد مخدرة.
وقال أبو فيصل: “قمنا بحرث تلك المزروعات وإتلاف المحصول بشكل كامل بالإضافة إلى تسيير دوريات مراقبة في سهل الغاب المشهور بالزراعة والمياه الوفيرة، وذلك لمنع أي مزارع تسول له نفسه بزراعة تلك المواد المضرّة بالناس، والتي تؤثر بشكل سلبي على المجتمع”.
وبحسب أبو فيصل فإن هدف ضعفاء النفوس من المزارعين من زراعة مادة الحشيش هو كسب الأموال الوفيرة وذلك بسبب غلاء أسعاره وكثافة الطلب عليه من قبل التجار وقلة زراعته، وذلك خوفاً من إلقاء القبض عليهم من قبل الفصائل العسكرية المسلحة الموجودة في تلك المنطقة.
وسبق أن داهمت مجموعة عسكرية تابعة للجيش الحر، مزرعةً تحوي معدات لتصنيع مواد مخدرة في ريف إدلب الشرقي. وتمت مصادرة جميع المعدات، وكميات من المخدرات واعتقال الموجودين في المعمل وجرت مصادرة كميات كبيرة من الحبوب المخدرة كانت معدة للتصدير والاستهلاك. كما شنت جبهة النصرة حملة مماثلة ضد زراعة الحشيش في وقت سابق من هذا العام.
القائد العسكري في جيش الفتح أبو تميم (32عاماً) يقول: “علمت الفصائل المسلحة بوجود عدّة مزارع في ريف إدلب، تزرع المواد المخدرة ، وكان شكل المزروعات غريباً على سكان المنطقة، ما دفع ببعض المدنيين إلى التقدم بشكوى للمحاكم القريبة، وتبين لنا بأنها نبتة الحشيش المخدرة”.
ويذكر أبو تميم أن قوة من جبهة فتح الشام شنت في وقت سابق حملات على زراعة الحشيش في محافظة إدلب، وأطلقت حملة ضد مزارعي القنب الهندي والمزارع المشبوهة بعد شكاوى من الأهالي تفيد بوجود أراض مزروعة بالحشيش في منطقة الحدود الشمالية، إضافة إلى مستودعات تخزن بها المادة المخدرة.
وتزداد نسبة السوريين ممن يتعاطون الحبوب المخدرة بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية خلال الحرب، حيث يشير بعض الأطباء إلى أن أجواء الحرب هي السبب الأساسي في توجه بعض السوريين وخاصة من هم في عمر الشباب والمصابين بسبب الحرب، إلى تعاطي الحشيش المخدر.
أبو حمود (53عاماً) مزارع من منطقة سهل الغاب يقول “أن هروب عشرات المزارعين من أراضيهم من تلك المنطقة وبقاء عدد قليل منهم وذلك بسبب المعارك المستمرة بين قوات النظام والفصائل المسلحة، أتاح للبعض الفرصة في زراعة هذه المواد المخدرة نظراً لبعدها عن أعين الناس”.
ويؤكد أبو حمود: “أن من شأن زراعة هذه المواد أن تدر الأموال الوفيرة على المزارعين وذلك بسبب الطلب عليها من قبل التجار الذين يشترونها كمواد أولية، ويقومون بتصنيعها وطرحها بالأسواق وبيعها للمهربين بشكل سري “.
ويروي أبو حمود أنه قبل سيطرة قوات جيش الفتح والجيش الحر على تلك المناطق كان جنود النظام يسمحون بشكل علني لبعض المزارعين بزراعة الحشيش المخدر مقابل حصولهم على الأموال، بالإضافة إلى أن بعض الجنود كانوا يتعاطون الحبوب المخدرة وذلك من أجل تقوية قدرتهم على القتال.
الصيدلاني أبو الخير (44عاماً) يقول: “المخدرات والحشيش تنتشر بشكل أوسع في المناطق المحررة، كما هو الحال في معظم مناطق سوريا، إضافة إلى الأد
وية التي تساعد على السهر طويلاً والتي يستخدمها البعض من مقاتلي المعارضة والنظام، وذلك خلال نوبات القتال ليلاً، حيث تباع المواد المخدرة والمهدئة في الصيدليات والمحلات التجارية خصوصاً في ظل الفلتان الأمني “.
ويضيف أبو الخير “أن من غذى انتشار هذه الظاهرة الفلتان الذي تعيشه المناطق المحررة وانعدام الرقابة وانتشار الصيدليات الغير مرخصة”.ويحمّل أبو الخير المسؤولية لبعض الصيادلة الذين ساهموا ببيع مثل هذه المواد من خلال الحبوب المهدئة عن طريق صرفها بدون وصفة طبية، وما ساعد على ذلك أيضاً أن الكثير من القائمين على الصيدليات حاليًا هم من غير الحاصلين على شهادة تخصص بالصيدلة، أو قد استأجروها من صيدلي آخر، من أجل كسب الأموال.
وتعتبر ظاهرة الحبوب المخدرة في سوريا في مناطق النظام والمناطق المحررة مؤشرًا خطيراً ولا سيما بالنسبة لانتشارها بين من هم دون سن 18 عامًا، وهي حالة تستدعي دق ناقوس الخطر من قبل الفصائل الموجودة في المناطق المحررة لمعالجة هذا الأمر.
وقد أعلن أخيراً عدد من الشباب المتطوعين عن نيتهم تنظيم حملات شعبية من أجل توعية الأهل والأبناء على خطر تعاطي مثل هذه الأنواع من الحبوب المخدرة، والتي من شأنها أن تزيد نسبة الجرائم والعادات السيئة في المجتمع السوري المنهك من الحرب الدائرة منذ أكثر من 5 سنوات.
إيهاب أبو يوسف شاب متطوع في العديد من الحملات التوعوية في المناطق المحررة يقول: “الصمت عن الأشخاص الذين يتعاطون مثل هذه الحبوب المخدرة سيؤدي إلى زيادة التعاطي عند الشباب، وكذلك إعطاء صبغة شرعية لهذه الفعل المنحرف في المجتمع حيث أننا سنواجه شباباً مشبعاً بالمخدرات “.
ويضيف أبو يوسف بأن الدور الأكبر يجب أن يكون على عاتق خطباء المساجد وطلاب العلم، من خلال إبراز خطر هذه العادة السيئة والتي تخالف الشرع الإسلامي. وكذلك على الأطباء دور أخر يقضي بمنع إعطاء تلك الأدوية للأشخاص المشكوك في أمرهم والذين لا يمتلكون وصفات طبية من الطبيب المختص.
من جهته يقول أبو سليمان الشرعي وهو لقب يطلق على من يحمل شهادة الدكتوراه في الشريعة الإسلامية: “لا شك في تحريم المخدرات من الحشيش والأفيون والكوكايين وحشيشة القنب الهندي حيث أنها تغيّب العقل وتخامره وما كان ذلك فهو حرام تبعاً لحديث الرسول: كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام، ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها ولم يتب لم يشربها في الآخرة “.
ويشير الشرعي: ” بأن المخدرات لها ضرر شخصي ولا يتوقف عند الأمر الديني فله أثر كبير في تدمير الصحة والأعصاب والعقل والفكر ومختف أعضاء جهاز الهضم وغير ذلك من المضار والمفاسد التي تفتك بالبدن كله”.