السوريون على موعد مع أزمة محروقات على أبواب الشتاء

أحمد البوليلي

نتيجة لتوقف العديد من المصافي النفطية البدائية عن العمل فإن هناك تزايداً في الطلب وندرة في المشتقات

(دير الزور- سوريا) لم يكد يمر سوى أيام قليلة على استهداف قوى التحالف الدولية لمقرات “الدولة الاسلامية” في سوريا, حتى ارتفعت أسعار النفط الخام في دير الزور بمعدل الضعف. فتوقف العديد من المصافي البدائية عن العمل خوفا من استهدافها من طيران التحالف,  الأمر شكل ضغطا كبيرا في ظل الطلب المتزايد والحاجة والماسة للمشتقات النفطية في الحياة اليومية, ما أدى الى ارتفاع أسعارها.

توقف محمد محيسن (25 عاماً) عن العمل في إحدى المصافي البدائية (الحراقات) منذ استهداف أول ” حرّاقة” في بلدة بقرص بريف دير الزور الشرقي في 22 أيلول/سبتمبر الماضي. يعتقد محيسن “إن الغاية من استهداف أبار النفط ومصافيه البدائية المتوزعة في سوريا، هي المحافظة على الثروات الداخلية. تسعى أميركا وحلفاؤها للسيطرة على هذه الثروات بعد القضاء على مقاتلي الدولة. وبالتالي نحن

الحراقات أو مصافي النفط البدائية في دير الزور تصوير أحمد البوليلي
الحراقات أو مصافي النفط البدائية في دير الزور تصوير أحمد البوليلي

من ندفع فاتورة الحرب على الدولة الاسلامية”.

وأضاف المحيسن “نتيجة لتوقف العديد من المصافي النفطية البدائية عن العمل فإن هناك تزايداً في الطلب وندرة في المشتقات “.

دير الزور تحتوي على أكبر حقول النفط في سوريا وأهمها, وتقع جميع هذه الحقول تحت سيطرة مقاتلي الدولة الاسلامية ، تتوزع هذه الحقول تبعا لإنتاجها اليومي بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان :

1-حقل العمر يقع على بعد 15 كلم شرقي بلدة البصيرة ينتج يوميا 32 ألف برميل.

2-حقل التنك في بادية الشعيطات  ينتج 27 الف برميل يوميا.

3-حقل الورد متوقف عن العمل ما عدا بئر وحيد فيه يصل انتاجه الى 200 برميل يوميا.

4-حقل التيم ينتج 300 برميل يوميا.

5-حقل الجفرة متوقف عن العمل عدا بعض الابار التي يصل إنتاجها الى 1000 برميل يوميا.

وإضافة إلى الحقول في هذه المنطقة هناك محطات التكرير ومعامل الغاز ومنها: معمل غاز  كونيكو ينتج  3000برميل كوندنسات , و2000 اسطوانة غاز يوميا. محطة الخراطة التي تنتج 900 برميل نفط يوميا، ومحطة ديرو تنتج 1000 برميل يوميا.إضافة إلى محطة الـ “تي تو” وهي متوقفة عن العمل.

النسبة العظمى من آلاف البراميل المنتجة يومياً من الحقول والآبار المحيطة بها في دير الزور كانت تصدّر الى خارج سوريا منذ اندلاع الثورة. أما باقي الإنتاج فكان للاستهلاك المحلي.

أبو حسن (40عاما) كان يعمل في تجارة النفط يشتري النفط الخام من الآبار ويبيعه لأصحاب المصافي البدائية، كان يشتري برميل النفط الخام بسعر يتراوح بين ستة وثمانية آلاف ليرة سورية ليبيعه بين سبعة وتسعة آلاف ليرة سورية. توقف عن العمل بعد استهداف حقل العمر في 22أيلول/سبتمبر. ويقول أبو حسن “عندما استهدفت طائرات التحالف الحقل كنت على بعد 500 متر منه, بالطبع كنت هناك لشراء النفط الخام ولكن بعد ذاك الاستهداف المباشر عزمت الى ترك العمل بالنفط في هذه المرحلة”.

وأضاف أبو حسن “نحن اليوم بين سندان الحاجة الماسة للمشتقات النفطية وبين مطرقة طيران التحالف. فخوفنا على انفسنا من القصف يدفعنا الى الضرب بعرض الحائط بحاجة الأهالي”.
لطالما كان الأهالي في المناطق غير الخاضعة لسلطة الحكومة في دمشق يشكون من سياسة يمارسها النظام بحرمانهم من كافة المشتقات النفطية الاساسية في الحياة اليومية منذ اندلاع الثورة. يشكو الأهالي اليوم من استهداف قوات التحالف للآبار النفطية الأمر الذي يؤدي إلى نفس الحالة التي أرستها الحكومة التي يعلن الغرب وقوفه ضدها.

قوات التحالف عمدت الى استهداف الحقول النفطية من أجل ضرب العصب الاقتصادي ومصدر تمويل “الدولة الاسلامية”، بحسب تصريحات بعضها صادر عن وزارة الدفاع الأميركية، فما كان من أمير الدولة أبو بكر البغدادي إلا أن منح كل عنصر من عناصر التنظيم خروفاً ومئة دولار بمناسبة عيد الاضحى. ما بدا وكأنه الرد على الغارات بالتأكيد على متانة الوضع المالي للتنظيم. والنتيجة كانت ضرب مصالح المواطنين أولاً.

هناء موسى (45 عاماً) وهي ربة عائلة مكونة من ستة أفراد تقول”إنني أبحث يوميا عن مادة الكاز حيث نحتاجها لطهي الطعام ولكنني احصل عليها بصعوبة وبكميات ضئيلة وارتفاع في السعر، حيث كان الليتر يباع بـ 45 ليرة سورية اما اليوم فيباع بـ 100 ليرة”.

بديع محمد عضو في المرصد السوري لحقوق الانسان يؤكد ما جاء على لسان هناء بقوله “بطبيعة الحال فإن أغلب الضربات التي استهدفت حقول النفط كان لها دورا سلبيا في حياة المواطنين. قوات التحالف استهدفت المصافي البدائية التي تعود ملكيتها لأفراد يعملون من أجل توفير مواد أساسية في الحياة اليومية، لم يكن لها أي تأثير واضح ومباشر على مقاتلي الدولة الإسلامية”.

يخشى النازحون الذين يقطنون في خيام لا تقيهم حر الصيف ولا برد الشتاء أن يقتلهم البرد، إن لم تقتلهم الحرب. وسجل برميل المازوت ارتفاعا من تسعة الاف ليرة الى خمسة عشر الف ليرة سورية.

أبوحمزة مسؤول الإغاثة  في المجلس المحلي لبلدة البوليل يخشى المعاناة التي سيعيشها النازحون هذا العام إن بقي الأمر كما هو عليه. ويقول أبو حمزة “في ظل هذه الاوضاع المتردية من فقدان للمحروقات أو الصعوبة في تأمينها نتيجة لغارات التحالف، إضافة الى عدم وصول ألبسة وأغطية إغاثية سيواجه النازحون معضلة سيسجلها التاريخ، حيث من المتوقع ان يرتفع عدد الوفيات نتيجة لشدة البرد”.