الروح التطوعية في حملة “سراقب بيتنا”

فتيان يعملان بشكل تطوعي ضمن حملة سراقب بيتنا

فتيان يعملان بشكل تطوعي ضمن حملة سراقب بيتنا

“أنا سعيد جداً بالتنظيف وأريد أن أرى مدينتي جميلة” هكذا يعبّر الطفل عيسى (11 عاماً)، عن سعادته بالمشاركة في حملة “سراقب بيتنا”. والتي انطلقت في 18 تموز/يوليو 2016 عبر فريق سراقب التطوعي، بهدف تنظيف الشوارع وإزالة الدمار الذي خلّفه قصف قوات النظام على مدينة سراقب في محافظة إدلب، كما تهدف إلى زراعة الأشجار على جوانب الطرقات وتقليمها.

يشارك في الحملة الصغير قبل الكبير، لأهميتها والحاجة إليها في ظل غياب الجهات الحكومية منذ 5 سنوات. ويؤكّد القائمون على الحملة، أنها مستمرة طالما هناك حاجة إليها، وذلك بالرغم من القصف المستمر على المدينة.

مؤيد الحسين (32 عاماً) أحد القائمين على الحملة يقول: “سراقب بيتنا، وجِدَت من أجل تجميل مداخل سراقب وتنظيف شوارعها. والقائمون عليها شباب متطوعون دفعتهم إليها نخوتهم وغيرتهم على مدينتهم والرغبة في نظافتها وأن يكون فيها أوجهاً حضارية”.

ويؤكد الحسين أنَّ حملة “سراقب بيتنا” لا تتبع لأي جهة أو منظمة، بل هي نتاج مجهود عدد من الشباب المتطوع. ويقول “إنَّ تمويل الحملة يكون فقط، من خلال تبرعات الشباب المشاركين فيها والتبرعات من الأهالي أنفسهم. في حين أنَّ أدوات الحملة متواضعة، تقتصر على شراء المعدات اللازمة من مكانس ومجارف وغيرها، أو التبرع بها بشكل عيني”.

ويتابع الحسين: “الحملة تحفّز الأهالي من أجل الحفاظ على نظافة مدينتهم، ولذا أسميناها “سراقب بيتنا”، كما ترفع حملاً عن المجلس المحلي في جهوده في التنظيف. والحمد لله يسود جو من السعادة الغامرة بين الجميع أثناء العمل، لأنه عمل نابع من القلب”.

وعن البدايات يقول الحسين: “بدأنا 25 شاباً، ثمّ صارت المشاركة تتزايد باستمرار، والجميع يشارك في هذه الحملة من أطفال وشباب ورجال”.

المشاركون نسوا القهر من جرّاء القصف والتدمير والموت. الحملة مستمرة، مع أنها تتوقّف لفترات عديدة، بسبب الغارات الجوية الكثيفة التي تطال المدينة. ويقول الحسين بعزيمة: “لكنّ هذه الغارات لن توقفنا”!

ويتنوع المشاركون، بين متطوعي فريق سراقب التطوعي، وناشطين في الثورة، وكذلك عدد من أفراد شرطة الجيش الحر، والدفاع المدني. وجميعهم يشاركون بصفتهم الشخصية، وبدافع التطوع. في حين أنّ النسبة الأكبر تبقى للمدنيين بما فيهم الأطفال الصغار.

يونس الأحمد (45 عاما) من المشاركين في الحملة يقول: “الحملة مدتها ساعتين، وهي أقرب للنزهة، حيث يجتمع أكثر من 50 شاباً في كل مرة ونعيش أجواءً جميلة يسودها الفكاهة والمرح. والحمدلله شهدت الحملة بأولى مراحلها إقبالاً كبيراً”.

رامي سليمان (28 عاماً) أحد المشاركين في “سراقب بيتنا” وهو أحد ناشطي الثورة في المدينة، يقول: “نحاول من خلال هذه الحملة كناشطين أن نجمع بعضنا البعض من جديد في نشاط تطوعي فقدناه منذ أكثر من ثلاث سنوات، حيثُ العودة إلى بدايات الثورة حيث كانت الجهود المبذولة بدون أي مقابل. كما أدعو كل شخص في المدينة للإنضمام إلى الحملة أو التنظيف أمام منزله على أقل تقدير… فكل شخص قادر على إنتاج شيء ما إيجابي”. ويقول رامي: “رغم القصف سنبني وطناً”.

كما شهدت الحملة تواجد عدد من رجال الدفاع المدني وعناصر الشرطة التابعة للجيش الحر. أحمد الأحمد (23 عاماً) أحد عناصر الدفاع المدني، يقول: “اشتركت في الحملة، لأنَّ ذلك واجب علينا، ولأنها تطوعية وغير مسيّسة أو تابعة لأي جهة، وهي بدون أي مقابل. وإنَّ المظهر الجميل لمدينتنا، يدل على وعي وثقافة قاطنيها”.  ويؤكّد أحمد أنَّ مشاركة عناصر من الدفاع المدني مستمرة.

رامز سليمان (32 عاماً) أحد عناصر الشرطة الحرة في المدينة، يقول لموقعنا: “التحقنا كعناصر من مخفر شرطة سراقب في هذه الحملة، انطلاقاً من واجبنا الثوري وهو أننا في خدمة المواطن أولاً. كذلك يهمنا أن يكون مظهر مدينتنا حضارياً، لتكون في أبهى صورة ممكنة، رغم القصف والدمار الذي تتعرض له بشكل مستمر”.

من جهته، عضو في المجلس المحلي لمدينة سراقب ناصر العليان (40 عاماً) ، يثني على الحملة ويقول أنّ مثل هذه الحملات، تساعد المجلس في عمله، وبشكل خاص في موضوع التنظيف، لعدم قدرة المجلس على تغطية المدينة بأكملها لوحده. كما يؤكّد العليان على دعم المجلس لهكذا مشاريع.

شباب يتمتعون بعزيمة عالية، تدفعهم إلى العمل من أجل وطنهم دون أي مقابل، ما جعلَ أهالي المدينة يثنون على الحملة ويؤمنون بها.

وتستمر”سراقب بيتنا” بمشاركة فعاليات شبابية متطوعة، بالرغم من قصف النظام المستمر. فقد حققت الحملة إنجازات عديدة في تنظيف مداخل المدينة وشوارعها الرئيسية وغرست الأشجار. ولتتحوًّل حملة التنظيف في ما بعد لمرحلة أولى من مراحل “سراقب بيتنا” ضمن عمل فريق سراقب التطوعي في رفع غبار الحرب عن المدينة والمشاركة في تنميتها.

نسرين الأحمد، (33 عاماً) من كفرنبل في ريف ادلب. أم لولدين توقفت عن دراستها الجامعية في السنة ثالثة أدب عربي بسبب الأوضاع الأمنية.