الدولة الإسلامية تفرض جمع الزكاة

“ها نحن بإذن الله أعدنا العدل والأمان الى الأمة المسلمة في ديار الإسلام، وسنسعى جاهدين إلى دحر ظاهرة الفقر. سنعيد زمن الخليفة ابن عبد العزيز” هكذا قال أبو مريم الجزراوي أحد خطباء المساجد ممن بايعوا تنظيم الدولة الإسلامية في خطبته التي ألقاها في مسجد الحسين في مدينة الميادين بريف دير الزور الشرقي. بهذا المنهج وبتلك الأفكار يسعى تنظيم الدولة الإسلامية إلى رفع المستوى المعيشي في ديار الإسلام (في إشارة إلى المناطق التي تقع تحت سيطرتهم).

لعل متابعة خطبة الجزراوي توضح للجميع سبب الحقد الذي يكنه مقاتلو الدولة ضد المدنيين بشكل عام. إذ يرى الجزرواي أن الناس إن امتنعو عن تأدية زكاة أموالهم فهذا أمر يخرجهم من الإسلام.

الحديث عن رفع المستوى المعيشي في مناطق سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية يدفع بالكثير من الأهالي والناشطين إلى القول أن التنظيم هو من أردى بحالتهم المعيشية من المتوسطة إلى ما تحت الصفر.

من حملات الدولة الإسلامية الدعائية عن توزيع الزكاة على المحتاجين

أبو عائشة أحد أهل العلم الشرعي في ريف ديرالزور ورداً على كلام الجزراوي يقول “عامة الناس هنا يؤدون الزكاة لمستحقيها. لا أنكر أن هناك تهاون من قبل البعض وهم نسبة ضيئلة ، وأقول لمن يريد إعادة زمن الخليفة عمر ابن عبد العزيز، إعلم أن عمر حقق ما حققه بالعدل وليس بجمع الزكاة فقط “. يضيف أبو عائشة “يستذكرني هنا قول الإمام الشعراوي، إذا رأيت فقيرا في ديار المسلمين فاعلم أن هناك غنيا سلب حقه. العدل أساس الملك ولما عدل عمر في رعيته لم يبق في رعيته من يستحق الصدقة أو الزكاة”.
المزارع محمود الخلف (65 عاماً) يقول “منذ نشأتنا اعتدنا على تأدية حق الله من أموالنا، سواء أكانت الزكاة أو غيرها. هذا ما ترعرع عليه أبنائني بل وعامة الناس هنا هذا هو مبدأهم”. يتابع الخلف حديثه عن اتهام البعض لهم بتقصيرهم بأداء الزكاة “طالما كان هذا حق الله عندنا فالله أعلم بنا، هل أدينا حقه أم لا، فإذا تحدث البعض عنا واتهمنا بما يريد فلا نقول إلّا حسبنا الله ونعم الوكيل”.
عيسى السراوي  (45 عاماً) إبن بلدة محكان في ريف دير الزور الشرقي، يعمل السراوي في رعاية الماشية وهو يقول “اعتدنا كل عام أن نخرج الزكاة عن الأغنام، وهي رأس من الغنم عن كل أربعين رأس، لكن ديوان الزكاة التابع للدولة الإسلامية طالبنا بمبلغ مالي قيمته 22 ألف ليرة سورية عن كل مئة رأس”. أضاف السرواي “لا أعلم لما خالفوا السنة النبوية في إخراج الزكاة، فهم اخذو منا معدل رأس من الغنم عن كل رأس، بالنهاية نحنا اظطررنا إلى إعادة إخراج الزكاة وإيصالها لمستحقيها ولم أحسب ما أديته لمكتب الزكاة”.
بعيداً عن المغالطات والتغيير في قواعد السنة النبوية لإخراج الزكاة، عمدت مكاتب الزكاة إلى تشكيل لجان في كل القرى والمناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم لإحصاء من هم مستحقي الزكاة .
أم رهام أرملة فقيرة، نزحت من مدينة دير الزور إلى مدينة الميادين. تقول أم رهام “ذهبت إلى المكتب حيث هناك العديد من الرجال كي أسجل طلبا لديهم كي أنال نصيبي من الزكاة. دخلت المكتب فوبخني أحدهم، لم اعرف السبب حتى قال لي أحد ممن يجلس بجانب ذاك الرجل الكبير الجسم وطويل اللحية، لا بد من إحضار محرم معك”. تتابع أم رهام حديثها “اضطررت الى الرجوع سيراً على الأقدام مسافة 1500 متر إلى حيث يعمل ابني الوحيد أجيراً لدى أحد أصحاب المحلات. اصطحبته وذهبنا للمكتب”. تعتقد أم رهام أن التسجيل في هذا المكتب لايضمن لها حصولها على حقها بشكل كامل. وتضيف “طلبت منهم أن يعطوني وصلاً بأنني سجلت لديهم، ولكنهم رفضوا وطلبو مني مراجعتهم لدى سماعي بتوزيعهم للزكاة”.
بيقين تام ترى أم شديد في الثلاثينيات من عمرها، وهي من أهالي مدينة الميادين، كانت تعيش في مدينة الرقة العام الماضي. وحضرت توزيع الزكاة هناك “نفس الطريقة التي يتبعها التنظيم هنا اتبعوها العام الماضي في ريف الرقة، من تم تسجيله سيحصل على حقه بشكل كامل، أنا تلقيت العام الماضي مبلغ 110 آلاف من مكتب الزكاة، وأنا لدي ولدين وستة بنات”.
هنا يتساءل الجميع، إن كان التنظيم فعلا يحاول إعادة زمن الخليفة الراشدي، ويسأل البعض لماذا منع الموظفين ممن يقطون في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم من استلام رواتبهم الشهرية من المؤسسات التابعة للنظام؟ أم إن إعادة زمن الخلافة هي مجرد حقنة إنعاش، يحقنها مقاتلو الدولة الإسلامية  للمدنيين في شهر رمضان؟

عمر أنور (31 عاماً) أحد مناصري التنظيم يوضح ردا على بعض هذه التساؤلات “ان الأخوة يسعون جاهدين لتحقيق العدل والأمان، وللتخلص من حالات الفقر. وهذا ما رأيته بأم عيني حيث لم نعد نرى المتسولين كما هو كل عام، والكسب الحلال هو ما يحاول مقاتلو الدولة إيصال مفهومه لعوام المسلمين. ومن هذا الباب منعوا استلام الرواتب من النظام”. يتابع أنور “اطلعت على عمل اللجان التي تقوم بإحصاء الفقراء، ورأيت في عملهم العدل حيث قاموا بجرد المستحقين الفعليين، وبهذا العمل فعلاً تصل الزكاة إلى مستحقيها. ففي الأعوام الماضية كان هناك فقراء، واغلب أصحاب رؤوس الأموال يوصلون الزكاة إليهم بينما يتناسى الجميع الكثير من الفقراء الذين لا يمدّون أيديهم إلى أحد كي يسد حاجتهم”.