الدفاع المدني السوري ضحية العنف المسلح
آثار الدماء على الجدران في مقر الدفاع المدني في سرمين تصوير أحمد عبي
تعرض مركز الدفاع المدني السوري في مدينة سرمين لهجومٍ مسلحٍ في 12 آب/أغسطس 2017، ما أسفر عن مقتل المتطوعين المناوبين في المركز، بالإضافة لقيام المجموعة المهاجمة بسرقة بعض ممتلكاته.
نعت بلدة سرمين في ريف إدلب، خمسة متطوعين من أبنائها أثر الهجوم، كما زفت محافظة حمص أيضاً شابين، كانا قد تهجرا من حي الوعر ليتابعا عملهما الإنساني في الشمال السوري.
عمار فتوح (26 عاماً) وهو أحد عناصر الدفاع المدني السوري في مركز سرمين يقول لحكايات سوريا: “دخل أكثر من 10 مسلحين على المركز حوالي الساعة الثالثة فجر يوم السبت 12 آب/أغسطس. واغتالوا 7 متطوعين من عناصر المركز، مستخدمين مسدساتٍ كاتمةٍ للصوت، والوسادات الموجودة في المركز لإخفاء الصوت بشكلٍ أكبر”.
ويضيف فتوح: “لم يستطع الفريق المناوب الدفاع عن نفسه أو المقاومة لعدم امتلاك السلاح في المراكز، كما قامت المجموعة المسلحة بسرقة سيارتين مجهزتين بمعدات الإسعاف، إضافةً إلى 9 دراجات نارية وأجهزة اتصال لاسلكية وبعض الممتلكات الشخصية العائدة للمغدورين”.
ويتابع فتوح: “لم يكن الهجوم بدافع السرقة لأنهم قاموا بإحراق إحدى السيارتين. ولم يدخلوا المستودع الرئيسي للمركز بالرغم من أنه لم يكن مغلقاً. وإنما كان هذا الإعتداء للإنتقام من الدفاع المدني السوري الذي عمل على مساعدة المدنيين وفضح انتهاكات النظام السوري و مجازره”.
استنكرت المؤسسات المدنية في الشمال السوري كافة هذا الإعتداء مطالبةً الفصائل العسكرية بالعمل الجدي و السريع للقبض على الفاعلين، بالتزامن مع خروج مظاهرات للمدنيين في عدة مدن و قرى من محافظة إدلب تطالب الفصائل العسكرية بحماية المؤسسات المدنية من مراكز الدفاع المدني و المشافي ومقرات المنظمات الإنسانية تحت عنوان ” ليسوا هدفاً “.
رئيس المجلس المحلي في سرمين موسى الدياب يقول: “بعد الإنتهاء من تشييع الشهداء مباشرةً وجهنا نداء لقيادة “هيئة تحرير الشام” في سرمين كون المدينة تحت سيطرتها، وطالبناها بإرسال قوة عسكرية لحماية مراكز الدفاع المدني والمشافي في المحافظة”.
ويضيف الدياب: “قدمنا مبنى في وسط المدينة لنقل مركز الدفاع المدني إليه عوضاً عن المركز الواقع على أطراف المدينة والذي شهد الإعتداء، ونعتمد على أهالي المدينة لحماية المركز والمتطوعين بعد تقاعس الفصائل العسكرية عن حمايتهم، كما أرسلنا ورشات من المجلس المحلي لمساعدة عناصر الدفاع المدني في تجهيز المركز و تأهيله للعمل”.
بعد ساعات من الهجوم قال مركز إدلب الإعلامي أن إحدى السيارات المسروقة وجدت محروقةً على طريق “بنش_ سرمين” في ريف إدلب، منوهاً أن مدينة سرمين من أبرز معاقل تنظيم “جند الأقصى” قبل أن يحل نفسه و يتوجه عناصره إلى مناطق تنظيم ” داعش” في محافظة الرقة.
من جهة ثانية ذكر ناشطون من أبناء مدينة سرمين عبر مواقع التواصل الإجتماعي أن مساجد المدينة نادت عبر مكبرات الصوت بأسماء المتورطين بالهجوم ومن بينهم المدعو علي نوح قرعوش، القيادي في “هيئة تحرير الشام ” والذي قام بتهديد اثنين من عناصر الدفاع المدني المغدورين قبل عدة أيام من الإعتداء إثر مشكلةٍ شخصيةٍ بينهم.
“هيئة تحرير الشام من جهتها أصدرت بياناً نفت فيه أي علاقة لها بالهجوم، وتعهدت ببذل الجهد للقبض على المجرمين و محاسبتهم. مبديةً استعدادها لحماية مراكز الدفاع المدني في الشمال السوري المحرر.
لم يكد يهدأ التوتر في المنطقة حتى قامت مجموعة مسلحة في اليوم التالي بالهجوم على مقر الدفاع المدني في قرية بليون في جبل الزاوية جنوبي المحافظة.
مدير الدفاع المدني في إدلب مصطفى الحاج يوسف يقول: “وقعت الحادثة مساء يوم الأحد 13 آب/أغسطس حيث قام عدة عناصر بحصار مركز بليون. وقبل الاقتحام شعر عناصر المركز بتحركهم فقاموا بطلب المساعدة من الأهالي والفصائل العسكرية القريبة بواسطة القبضات اللاسلكية، فاستجاب الأهالي في المباني القريبة و جرى تبادل إطلاق نار بينهم و بين المسلحين قبل فرارهم”.
ويتابع الحاج يوسف قائلاً: “استكشف عناصر الدفاع المدني المكان الذي هربت منه المجموعة المسلحة باحثين عن إصاباتٍ بينهم ولم يجدوا شيئاً، كما قامت مجموعة أخرى في الوقت ذاته باستهداف سيارة للدفاع المدني في مدينة الدانا بالقرب من الحدود السورية التركية بالرصاص دون وقوع إصابات. وحتى اللحظة لم تعرف تبعية هذه المجموعات”.
بعد الطلبات الملحة على محاكم إدلب من قبل أهالي سرمين لإعادة تفعيل المحكمة والمخفر في المدنية بعدما اوقفتهما هيئة تحرير الشام، أقام شبان المدينة حواجز ليلية، وبدأت مجموعةٌ كانت تتبع لفصيل “جند الأقصى” سابقاً بالمتابعة و التحري، وبعد رصدٍ كبير قامت باكتشاف وكر لهذه المجموعة التخريبية وألقت القبض على ثلاثةٍ من أفرادها بعد اشتباكاتٍ راح ضحيتها اثنين من أفراد الخلية.
تم نشر أسماء و صور أفراد الخلية المتورطين في هذه الأعمال الإجرامية منهم محمد عمر غنوم الملقب بالبص، و هو متزعم العصابة، ومحمد علي نوح قرعوش هو قائد مجموعة منتسب لهيئة تحرير الشام، ويعتبر ذراع الهيئة في سرمين، و قتيبة أحمد المعري المنتسب لهيئة تحرير الشام أيضاً، وخالد عبد الرزاق و عمر عيد و رحمو خبير وعبدو الملقب بأرامة.
وتم بث تسجيلات باعتراف أفراد الخلية بعملية سرقة مركز الدفاع المدني في سرمين، والتي انتهت بقتل عناصر المركز. وبحسب التسجيلات لم تكن العملية الأولى جرائم سطو وخطف مقابل فدية.
بالنسبة للأهالي هنا تبقى دوافع ارتكاب مجزرة الدفاع المدني رهن إلقاء القبض على من خطط لها وكشف ما إذا كانت العصابة مرتبطة بجهات تحركها أم أنها مجرد عملية سلب وقتل، هذا ما يقع على عاتق من بيده ملاحقة المجرمين وإلقاء القبض على شبكاتهم المتوزعة على عدة مدن و بلدات.