الخيل العربي في سوريا تراث يواجه الحرب

الخيل العربي في سوريا يواجه الحرب تصوير إيهاب البكور

الخيل العربي في سوريا يواجه الحرب تصوير إيهاب البكور

لم يتجاوز الأربعين العمر، تراه ينظر الى خيوله تعدو في المضمار، يلاحقها بعينيه خطوة خطوة، كأنه يراقب أطفاله وهم يلعبون. أودت الحرب في سوريا بأربعة من خيوله، كانت ثروة له، ولكنه تابع تربية الخيول، فهي أصبحت تجري مجرى الدم في عروقه.

محمد العلي (35 عاماً) ابن ريف ادلب الشرقي، صاحب مزرعة خيول “الهلبة”في ريف المعرة الشرقي، اكتفى بما لديه من خيول تبقت في ظل الثورة السورية، وترك وراءه كل شيء، ليعتني بتلك الخيول الأصيلة، ليرث عادة أجداده وليورثها لأبنائه.

يقول العلي: “كان لدي أكثر من هذا العدد من الخيول، ولكن بعد اندلاع الثورة، وخروج مناطقنا عن سيطرة النظام باكراً، لم يعد هناك اهتمام بمجال الخيول،وأهم شيء هو اللقاحات الخاصة بها،فكانت الخيول تمرض،ولا أجد لها دواء أو لقاح،و ذلك أدى الى موت أربعة خيول،لن يعوضني عنها شيء”.

ويضيف العلي “عندما يمرض أحد الخيول، كنت أقوم بمداواته بنفسي وبما لدي من خبرة، وأعطيه أدوية منتشرة وشائعة، فنحن لا يوجد في مناطقنا أطباء بيطريون مختصون بالخيل”.

الطبيب البيطري أحمد خلوف (38 عاماً) يقول: “ليس كل طبيب بيطري بإستطاعته أن يعاين الخيل، أو أن يداويها، والسبب في ذلك أن أعضاء الخيول الداخلية تشبه الى حد كبير أعضاء الإنسان الداخلية، ولذلك لابد من وجود أطباء بيطريين مختصين، لمعالجة الخيول”.

لم يعد النظام الحاكم في دمشق يرسل اللقاحات الدورية للخيول، ولا المستحقات من الأعلاف، ولا حتى تثبيت أو توثيق الخيول الوليدة، مما زاد من عبء تربيتها أضعافاً مضاعفة، ولكن ماالذي يجعل محمد العلي يتابع تربيتها؟؟!.

موفق العلي (37 عاماً) ابن عم محمد ويساعده في المضمار، يقول: “لم تكن خسارة محمد فقط في موت الخيول، بل إن سعرها قد انخفض بشكل كبير، دونك عن أن سعر رأس الخيل في مناطق النظام، يزيد عن سعرها في المناطق المحررة أضعافاً، فسعر رأس الخيل في مناطقنا يصل الى أربعة ملايين ليرة، بينما في مناطق النظام يصل الى 12 مليون ليرة سورية”.

حصان واحد من المجموعة التي يملكها العلي مسجل بأوراق نظامية ولديه جواز سفر، بينما باقي الخيول ليست مسجلة وليس لها هويات أو جوازات سفر. والسبب بحسب ابن عمه موفق “تجاهل النظام لمسألة الخيول، وجعلها بيد شخصيات مقربة منه” مشيراً إلى تقرير كان قد نشره “المركز الصحفي السوري” مفاده أن “هلال الأسد جعل من أرض مضمار الخيول داخل المدينة الرياضية في اللاذقية، معتقلاً للنساء السوريات بتهمة مناهضة النظام، فضلاً عن تسفيرالخيول ما بعد الحدود السورية، و تأكيداً على هذا، فإن محمد الشايب، مدير مكتب الخيول العربية الأصيلة في وزارة الزراعة التابعة لنظام الأسد، قال أنه سيتم منح جوازات سفر للجواد العربي المسجل في سوريا، و أن هذه الخطوة هدفها السماح للجواد بالتصدير والمرور إلى البلدان الأخرى”.

مزرعة محمد العلي تمثل نموذجاً مصغراً عن باقي المزارع في المناطق المحررة، وهذا يعني أن أعداد الخيول تواجه انخفاضاً ملموساً. وأشار تقرير نشره موقع “شام” الإخباري إلى أن “عدد الخيول الأصيلة في سوريا حالياً يصل إلى خمسة آلاف، وذلك وفق ما تم جمعه من عينات شعر لمواليد الخيول الجديدة في محافظات حمص وحماة ودمشق وريفها والحسكة وإدلب ودرعا، وبلغ مجموع هذه العينات 1200 عينة شعر”.

خيول محمد العلي هي :”صاهود، و الليث، والهنوف، ومزاحم،ولكل فرس منها “رسن”أو مايعرف بالأصل أو التسلسل،  وغالبية خيوله تعود الى سلالة “كحيلان، دعجاني، كاشر”.

علي العلي (12 عاماً) الأخ الأصغر لمحمد، أبدى استعداده لمتابعة تربية الخيول على الرغم من العقبات، وأن حلمه هو المشاركة في السباقات الضخمة على أحد خيول أخيه.

ايوب الشرتح (40 عاماً)  يعتقد “أن تربية الخيول افضل من التجارة بلحومها، ونحن كمسلمين لا يحل لنا اكل لحوم الخيل”. وهو ما يوافق عليه المصور سعد الدين زيدان معلنا رفضه التجارة بلحومها ويقول أيضاً “نحن لا نستطيع تربية اطفالنا فكيف نربي الخيول!”

عبد القادر المرعي وهو يعمل في إحدى منظمات الإغاثة كمترجم يقول: “تربية الخيول امر رائع ويمكن الاستفادة منها في التنقل كوسيلة رخيصة، ولكن تجارة لحومها لا ادري انه متواجد في مناطقنا، ولكن بغض النظر فلا اوافق عليه بتاتا”.

سليمان العيدو يعتبر أنه من الصعب تربية الخيول في المناطق المحررة نظراً للمخاطر والكلفة العالية رغم أنه يشجع على تربية الخيل. أما في ما يتعلق بالتجارة بلحومها فهو يصف هذا الأمر بالمقزز ويقول “لحمها حرام في شرعنا حسبما اتوقع”.

من أهم الأسباب التي تجعل محمد العلي  وعائلته في حالة إصرار على متابعة تربية الخيول بحسب موفق ابن عمهم، هو الحديث الشريف الذي يقول: “المنفق على الخيل، كباسط يده لايقبضها”. وكذلك حديث شريف أخر يقول: “الخيل في أعناقها الخير الى يوم القيامة”.