الخمار ظاهرة دخيلة على كفرنبل
اعتادت ريم أن تضع الحجاب عند خروجها من المنزل، وأن ترتدي لباساً طويلاً يكاد يلامس الأرض. هذا ما علّمها إياه أهلها منذ أن أصبحت في عداد النساء، وهذا ما هو متعارف عليه في المجتمع السوري المسلم. هذا ما كانت عليه الحال حتى انطلاق الثورة وما انضم إليها من فصائل من المجموعات المهاجرة من بلاد عربيه وغير عربيه.
تعترف ريم أن أخيها كان من أوائل الثوار، وانتمى لإحدى الفصائل المقاتلة الغريبة على المجتمع السوري. اقتنع أخوها بالأفكار التي يحملها هذا الفصيل، ومنها ما يدعو لارتداء الخمار )حجاب يغطي الرأس والوجه)، فطلب إلى ريم وأخته الأخرى أن تضعا الخمار واستجابت ريم وأختها لطلبه، بكل رضى كما تقول ريم.
ساره (26 عاماً) صديقة ريم، هي غير مختمرة حتى الآن. وبحسب ريم فالدين الإسلامي لا يفرض تغطية الوجه، وتعلل ذلك بالايه الكريمة التي تقول (وليضربن بخمرهن على جيوبهن)، والتفسير بالنسبة لها هو أن الله سبحانه وتعالى لم يقل على وجوههن، والجيب في اللغة هو أسفل الذقن أي الرقبه والصدر، والأماكن التي يمكن أن ترتسم في جسد المرأه وتسبب فتنة للرجل.
تختلف آراء الشرع في موضوع الخمار. الشيخ سعيد وهو أحد رجال الدين في كفرنبل وحسب فهمه للدين الاسلامي، يقول “أن آلله لم يفرض شيئاً إلّا لمصلحة الإنسان، وبالتالي الشرع أوجب الحجاب أصلاً حفاظاً على الاستقرار النفسي للعازب، والاستقرار العائلي للإنسان المتزوج. وأيضا فرضه منعاً للوقوع في خطيئة الزنا، التي تؤدي لضياع النسب وتشتت المجتمع. لأن تبرج المرأه وفتنتها تحرك مشاعر الرجل”. ولكن الشيخ سعد يعتقد “أن تغطية الوجه والكفين هو من المبالغة في الحجاب، والإسلام دين الوسطيه والاعتدال. لايستدعي هذه المبالغة والمساله تتعلق أولاً وأخيراً بالقلب والنوايا إن كانت سليمه ام فاسده”.
ميس وسعاد ولانا وغيرهن كثيرات، طالبات في الصف التاسع، بدأن بتلقّي دورات ثقافية، وأخرى شرعية في معهد التميز العلمي الشرعي، المدعوم مادياً من قبل المملكة العربية السعوديه بحسب ما يقول مديره إبن مدينة كفرنبل الشيخ فضل (30 عاماً) والذي يعتبر “ان الخمار واجب على كل مسلمة، مع تأكيده على عدم اجباريته.
ويتحدث الناس في كفرنبل عن فرض الهيئة الشرعية للقضاء في معرة النعمان الخمار على الوجه، وذلك عن طريق إصدار بيان لها موقع ومختوم يقضي ببدء تطبيقه على نساء معرة النعمان ثم ريفها تحت طائلة العقوبة. ما يتناقله الناس يقول عنه آخرون أنه ما دعت إليه جبهة النصرة من ضرورة إرتداء اللباس الشرعي المحتشم. ويبقى اللغط على أرض الواقع حسب القادمين إلى إدلب من معرّة النعمان، أنه لم يتم تحديد العقوبه التي سيتم تطبيقها على الرجل المسؤول عن المرأة في حال لم تلتزم بتوجيهات النصرة. فيما يعرب آخرون عن اعتقادهم أن النصرة لطالما لوحت بفرض عقوبات في قضايا مماثلة إلا أنها لم تنفذ تهديداتها حتى الآن.
سعاد (١٦ عاماً) تقول ان الدروس الدينية التي يخضعن لها في معهد التميز العلمي والشرعي تحض على ارتداء الخمار ولكن بدون إجبار. وقد امتثلت سعاد مع زميلتيها ميس ولانا وغيرهن من الطالبات بوضع الخمار، ولكن البعض الآخر لم يستجب بحسب سعاد.
لم تكن نور (31 عاماً) ترتدي الخمار، ولكنها وقبل 7 أشهر ارتدته. تؤكد نور أن أحدا لم يجبرها على وضع الخمار، لا زوجها ولا أهلها. “فجأة وجدت مجتمعي مليء بمختلف الأطياف من البشر، وبحكم عملي الذي يحتاج إلى السفر إلى القرى الممجاوره لكفرنبل، حيث توجد حواجز عسكرية، ومن بينها حواجز لجبهة النصرة، ارتديت الخمار حتى لا أتعرض للمساءلة من قبلهم وإرضاء لهم. تعتقد نور أن حبهة النصرة هي الوحيدة التي أثبتت مصداقيتها في مساعدة الشعب السوري المظلوم. تعترف نور وهي تحوز شهاده جامعية “أن الخمار لا يعني بالضرورة سوية اخلاقية لدى جميع النساء اللواتي يرتدينه، لأنه كم من مختمره تملك نفسا غير سوية والعكس صحيح”.
يامن (30 عاماً) لا يحبذ أن تضع خطيبته الخمار. هو يكتفي بأن تتحجب. أما ماجد (35 عاماً) استغل الظروف الحالية، ودعوة بعض الفصائل الاسلامية الإناث إلى وضع لخمار، وطلب من زوجته أن تتخمر، ففعلت، ماجد يغار على زوجته، ولا يريد لأحد غيره أن يراها. زوجة ماجد من جهتها لم تبدِ قناعة بالخمار، ولكنها وضعته إرضاء لزوجها ولأنها تحبه كما تقول.
تقول لينا (31 عاماً) “كنت في السابق أحب الخمار، ولكن لم يكن أحد يشجعني، ولم تكن هناك هناك من تضع الخمار في مجتمعي سابقاً، كنت أبدو الوحيدة التي تضع الخمار. ومع نزوح نساء من مختلف المجتمعات السورية إلى كفرنبل، وبعضهن يرتدين الخمار، تشجعت وارتديت الخمار. لأنني اعتبرتها الفرصه المؤاتيه لتحقيق رغبتي. تضيف لينا “انا أعتقد أن المرأه كقطعة الشوكلاته كلما غلفتها كانت أجمل وأبعد عن الأذى والتلوث”.
لميس صديقة لينا لها رأى مختلف، فهي ترتدي الخمار لأنها وجدته موضة وستايل مميز وجديد لا أكثر ولا أقل كي تشعر أنها مميزة. خاصة بعدما رأته جذابا حسب وصفها.
يرجح بعض أهالي كفرنبل أن نسبة اللواتي يرتدين الخمار لم تكن تتجاوز 5 في المئة خلال السنوات الماضية، ولكنها اليوم لامست الـ 40 في المئة. وبعض الأهالي يتخوف من إمكانية استغلال اللصوص والمندسين لهذه الظاهرة للتخفي وارتكاب الجرائم أو القيام بأعمال تجسس لصالح النظام.
وتخشى ملك (45 عاماً) من أن يؤدي ارتداء الخمار إلى مشكلة أكبر، وهي زيادة شغف الرجال ورغبتهم بملاحقة النساء. وهو ما لاحظته ملك في المجتمع الخليجي حيث عاشت في دولة خليجية لسنوات. وتنهي ملك كلامها بالقول “لم أكن أتوقع يوماً أن يصل الانقسام في مجتمعنا السوري المسلم الذي كان واحدا ليشمل مسألة اللباس والحجاب!!؟ “