الحكومة السورية تخلي كوباني عين العرب
هيفيدار ملّا
فاجئت مدينة كوباني (عين العرب) السوريين بعد ورود أنباء عن انتفاضة صبيحة يوم الخميس الماضي، أدت إلى الإستيلاء على جميع المؤسسات والدوائر الأمنية من دون قتال. الحواجز الأمنية التي تنتشر بكثافة على الطرقات المؤدية إلى كوباني جعلت التواصل مع النشطاء الميدانيين في المدينة عبر الإنترنت الخيار الوحيد للإطلاع على ما يجري داخلها.
مدينة كوباني لم يدخلها الجيش، حيث كان الأهالي يقومون بتظاهراتهم فيها دون تدخل أحد، وهي السياسة نفسها التي اتبعها النظام في المناطق ذات الأغلبية الكردية منذ بداية الحراك الثوري. يروي الناشط الإعلامي بارزاني أنّ الأهالي قد سيطروا فعلياً على القرى المحيطة بالمدينة قبل عدة أيام من عملية “التحرير”، بعد أن سيطروا على مخافر الشرطة في هذه القرى، ثم قاموا بالسيطرة على المؤسسات الحكومية مثل مركز التبغ ومركز الحبوب والمركز الثقافي.
جاء التفجير الذي أودى بحياة أعضاء خلية الأزمة في دمشق يوم الأربعاء ليشجع على التحرك باتجاه المقرات الأمنية، فسلم عناصر الفروع الأمنيّة أسلحتهم ومقارّهم في اليوم التالي بعد أن تمّ تخييرهم بين الإستسلام أو القتال، بحسب ما يقول بارزاني.
“قامت قوات لجان الحماية الشعبية التابعة لحزب الإتحاد الديمقراطي(PYD)، جناح حزب العمال الكردستاني، وبالتعاون مع المجلس الوطني الكردي والأهالي بالسيطرة على كافة مؤسسات المدينة وبهذا أصبحت مدينة كوباني أول منطقة محررة دون نزاع مسلح في سوريا،” يضيف بارزاني.
وقد سجلت مظاهرات في المدينة ضمن “جمعة رمضان النصر سيكتب في دمشق”، يوم الجمعة الماضي.
حول دور الجيش الحر في المنطقة، أجاب بارزاني أنه وبرغم مشاركة كتيبة الفرات الكردية في الجيش الحر في القتال في كل من ريف حلب ومنطقة تل أبيض في محافظة الرقة، بقي الجيش الحر خارج المدن ذات الأغلبية الكردية، لأنّ الجيش النظامي لم يدخلها. وقد تم الإتفاق مع الجيش الحر على بقائه خارج كوباني إثر الإنتفاضة.
إخلاء المقرات الأمنية كان فرصة لبعض الناشطين لجمع الوثائق. سرحت، وهو عضو في حزب الإتحاد الديمقراطي، كان يتحدث من داخل أحد هذه المقار.
“أنا الآن في مفرزة الأمن السياسي، نقوم بلملمة الوثائق. يجب أن نحمي تلك الوثائق فهي تفيدنا مستقبلاً،” يقول سرحت. “هذه المفرزة التي لطالما كنا نريد أن نعلم ما بداخلها كنا لا نراها إلا بلحظات الخوف والذعر حين [يتم استدعاؤنا للتحقيق].”
كوباني في ظل المجلسين
المدينة هي الآن تحت سيطرة كل من المجلس الوطني الكردي ومجلس الشعب لغربي كردستان التابع لحزب الإتحاد الديمقراطي، الذي تتهمه بعض قوى المعارضة بقربه من النظام السوري. الناشط جوان كوباني أفاد أنه تم الإتفاق بين المجلسين على “تشكيل لجنة متابعة لأمور المدينة مؤلفة من عشرين شخص. كل مجلس يختار عشرة أعضاء تساندهم التنسيقيات والحراك الشبابي، مهامهم تشكيل لجنة حماية شعبية ولجنة سياسية ولجنة خدمات.” وكان المجلسان قد أصدرا بياناً مشتركاً يوم الجمعة أعلنا فيه عن ضرورة وقف المظاهر المسلحة وعودة الموظفين الحكوميين إلى أعمالهم.
لم يخلُ الأمر من بعض المشاكل، كما يقول جوان، إذ ظهر خلاف سببه رفض مجلس غربي كردستان رفع أعلام الثورة السورية إلى جانب العلم الكردي.
وكان المجلسان قد وقّعا اتفاقاً في مدينة هولير في إقليم كردستان العراق في شهر حزيران/يونيو الماضي، برعاية رئيس الإقليم مسعود بارزاني، نص على التعاون المشترك واعتماد المناصفة بين الطرفين لدى تشكيل أي هيئة.
من جهته رحب حزب الإتحاد الديمقراطي، في بيان للجان الحماية الشعبية التي ألفها مؤخراً، بالتغييرات التي حصلت كما أشاد بالثورة السورية، ما يعد تطوراً في خطاب الحزب، ولكن البيان في الوقت نفسه حذر من “التدخل الخارجي،” في إشارة ضمنية إلى تركيا.
وفي ردود الأفعال المختلفة من قبل ناشطي المدينة، وجه رئيس مكتب حقوق الإنسان في المجلس الوطني السوري رديف مصطفى عبر صفحته الخاصة على فيسبوك إنتقاداً غير مباشر إلى حزب الإتحاد الديمقراطي، إذ قال إن الهجوم على المقرات الأمنية لم يكن بالتنسيق مع جميع القوى، وإنّ العناصر الأمنية لم يتم لا طردها ولا الإستيلاء على الوثائق التي بحوزتها. كما استغرب مصطفى عدم رفع أعلام الثورة إلى جانب الأعلام الكردية.