اقتصاد المسيرات

هنا بسطة أحذية وهناك بسطة أفلام أباحية، وبينهما بسطة يباع عليها صور للرئيس السوري بشار الأسد، مع بعض الأعلام الوطنية التي تتضمن أيضا صورة للرئيس الشاب تعبيراً عن ولاء تام في وقت بات فيه ذكر رئيس الدولة إما غير مقبول أو إشارة إلى الرغبة في التمسك به كاستمرارية لحكم عائلة الأسد.

كثرت البسطات مع تنامي التجمعات في مختلف المدن والبلدات السورية، إما بشكل مسيرة أو مظاهرة. يؤدي هذا إلى إغلاق للطرقات، وعرقلة لحركة السيارات التي يرمي أصحابها الكثير من الشتائم للسائرين في الطريق، بطريقة الصمت أو الجهر، حسب نوع التجمع.

العلم بـ 200 ليرة سورية (4 دولار) والصورة 250 ليرة سورية (5 دولار) أما القبعة يالألوان الوطنية فـ 150 ليرة سورية (3 دولار). المرحلة السياسية الحالية في سورية أفرزت طبقة من التجار والصناعيين المتخصصة في هذا النوع من البضائع. يقول أبو زياد صاحب مطبعة في دمشق: “اشتريت المطبعة الحرارية عام 2007 بمناسبة الاستفتاء الذي شهدته سورية في تلك الفترة، ولم أجد لها عمل آخر غير طباعة صور الرئيس أو الأعلام. الفرصة الآن سانحة للعمل مرة أخرى، فهناك الكثير من المسيرات، وهناك أيضاً الملايين من الليرات التي ينفقها حزب البعث واتحاد شبيبة الثورة التابع للحزب، عدا عن المؤسسات الحكومية التي تجبرها الدوائر الأمنية على شراء الأعلام والصور. وبذلك نجد أن صناعتنا ازدهرت في هذه الأونة”.

ويوافقه أحد مدراء المؤسسات الحكومية (الذي يرفض التصريح عن اسمه) بأن الدوائر الأمنية وحزب البعث يجبرهم على صرف الكثير من الأموال على الأعلام والصور لتوضع في مكاتب الموظفين.

المسيرات التي تنظم كرد على التظاهرات المناهضة للنظام ولأساليب عمله، تخرج في العديد من المدن السورية في أوقات الدوام الرسمي للموظفين. باتت المسيرة بالنسبة لهم سبيلا للتخلص من رتابة العمل اليومي. ترى الموظفة سمية (28 عام) أن المسيرات التي تجري في منتصف النهار تدخل بعض التغيير في الروتين ولكن بدأت الآن تمل من تكرارها: “أخرج من الوظيفة إلى المنزل فوراً. ما الفائدة من وجودنا بالشارع، فهناك الكثير غيرنا!”

الموظف حمدي (35 عام) يعتقد أن المسيرات تضيع الكثير من الاموال والوقت هدراً، في حين أن الحكومة والدوائر الرسمية في هذه الأوقات بأمس الحاجة إليهما: “بما أنهم يتحدثون عن مؤامرة، فيجب ان يتعاملوا معها بحكمة وليس بإضاعة الوقت والمال!”

ويؤكد خبير اقتصادي أن ما تخسره سورية في فترة المسيرات يتجاوز ما خسرته في موسم القمح السابق الذي تجاوز حسب الإحصائيات الرسمية المليار والنصف مليار ليرة سورية.

ومع إغفال الفواتير المالية لكافة المؤسسات الحكومية والأهلية التابعة لحزب البعث، يخرج أحد الساخرين بالقول : “أن عناصر النظام ومن خلال المسيرات التي يخرجون بها سيسقطون النظام بالهدر المالي الذي يقومون به”.