استعراض لأبرز مناقشات وسائل الاعلام الاجتماعية 27-10-2011

عصيان مدني

أعلنت التنسيقيات عن القيام يوم الأربعاء 26 تشرين أول/أكتوبر بعصيان مدني تضامناً مع أهالي حوران التي أعلنت العصيان لعدة أيام واستنكاراً لوصول وفد الجامعة العربية الى دمشق:

“ليكن عصياناً عاماً في أحياء دمشق وحمص وحلب وإدلب وحماه وحتى في البلدات التابعة للمحافظات. إن هذا كفيل بجرّ الجهات الإقتصادية التي تدعم بقاء النظام لمراجعة حساباتها. المسؤولية الأكبر تقع على عاتق الموظفين الحكوميين الذين عليهم أن يعرفوا أنهم عامل حسم في أي قرار شعبي للعصيان المدني .ليشمل أيضاً طلاب الجامعات والمعاهد، لكن ليملأوا الساحات بشكل رمزي دون حضور الدروس ودون تجمع مرتدين ملابس سوداء. لتتوقف السيارات الخاصة عن السير في الشوارع ولنمتنع عن إستخدام وسائل النقل العامة والخاصة. لنتقاطع أي متجر بإستثناء المخابز والصيدليات. ليكن العصيان طوعياً دون إكراه أو تهديد ودون بناء حواجز أو إعتراض أي يكن كي لا تتكرر مأساتنا في حماة”.

وبالفعل تضامنت العديد من المدن والقرى في مختلف أرجاء سورية مع درعا وقراها. فنرى إقفال المحال التجارية وخلو الشوارع في حمص وعامودا والبوكمال والقامشلي وسراقب وبعض أحياء اللاذقية وإدلب وبعض القرى في محافظة إدلب والكسوة في ريف دمشق وغيرها. ونقرأ في صفحة “اتحاد تنسيقيات الثورة السورية” وصفاً للإضراب في حي صلاح الدين في حلب:

“بدت معالم الإضراب واضحة في حي صلاح الدين كما شهدناها ولكن لم تكن بالمستوى المطلوب بالمقارنة مع حي سيف الدولة الذي كان له الأسبقية دائماً إن كان من ناحية التظاهرات (…) فالمحلات المغلقة ظاهرة للعيان رغم أنها متفرقة وشاهدنا أيضاً زيادة ملحوظة في عدد البسطات التشبيحية التي تحاول إشغال الأماكن أمام المحلات المغلقة بمحاولة للإيهام بحالة طبيعية لكن من يعلم حي صلاح الدين سيلاحظ الفرق. (…) وهذه الإستجابة الجيدة ستكون مقدمة لإضربات أعم وأشمل تؤدي نحو العصيان المدني. فحلب كما يعلم الجميع هي المدينة التجارية الأولى في سوريا وسيكون فيها الفصل إن قدر الله لها ذلك. والخطوات التصعيدية يجب أن تكون مؤثرة، فحلب اليوم في يوم الإضراب ليست حلب في أيامها العادية. فالشارع الحلبي محقون جداً من ممارسات النظام الأسدي  ولن تكون هذه المرة الأخيرة بل ستكون هناك إضرابات أعم وأشمل”.

فيديو إضراب جزئي في حي صلاح الدين/حلب

فيديو إضراب في حي سيف الدولة/حلب

فيديو إضراب عام في القامشلي

المدرّسة كافي بكري من محافظة الحسكة تعلن تضامنها مع العصيان المدني:

“تلبية ً لنداءكم في الأضراب العام وتجنباً للخروج للمسيرة المؤيدة لنظام الطاغية غداً من المدرسة التي أدرس فيها وجميع مدارس المحافظة أعلن أنضمامي اليكم أنا المدرسة كافي بكري من محافظة الحسكة وأدرس في المدرسة المهنية الفندقية السياحية أمتنع عن الدوام يوم غد ذلك لأيماني بأن السكوت على جرائم النظام جريمة أخرى بحق شعبنا ولا أشك خوفي باعلاني الصريح هذا ولكن دعونا لا ننسى أن الله معنا”.

أما “الحلم العربي” فيرى أن إعلان العصيان المدني أو الأضراب خطوة سابقة لأوانها: “لأن غداً ممكن حلب ودمشق لايشتركوا في الاضراب وهيك بزيد شق الخلافات بينهم وبين باقي المحافظات ولاسيما حلب. أنا كنت أتمنى أن يقوم الجيش الحر بضربات موجعة للشبيحة في حلب والشام لكي نوقف تدخلهم في الأهالي. أنا أتوقع غداً أن يقوم الأمن والشبيحة في حلب ودمشق بكسر درابيات بعض المحلات فيهرع الناس لفتح محلاتهم وهيك بتنتهي القصة وتظهر البلد كأنها عامرة في الحركة وخاصة حلب ودمشق المحلات تحوي بضائع بمبالغ كبيرة”.

“ربيع الشهداء” مقتنع بأن العصيان المدني وسيلة ناجعة لإسقاط النظام:

“العصيان المدني هو من اجل كسر شوكة النظام بدون اي دماء (…) ما في حركة لا سيارة لاباص لا بيع ولا شراء، اسبوع وسوف ينهار امام العالم، ولو دخلوا بيوتكم لا تحكو معهم لا تتطلعوا فيهم ولا كأنهم موجودون، هيك بيسقط النظام غصبن عنه ويالله ارحل يا بشار”.

وأعلن المحامي والمعارض هيثم المالح المتواجد حالياً خارج سورية عن تضامنه مع الإعلان عن العصيان المدني وقال في تسجيل فيديو:

“(…) إن العصيان المدني هي الخطوة الراهنة والأساسية لإسقاط النظام بعد أن أفلس بآلته القمعية (…) ستسرعون في رحيله إذا أقدمتم على عصيان مدني في سورية. إنني أناشد السوريين، أناشد التجار، أناشد الصناعيين، أناشد الجميع أن يوقفوا أي دعم لهذا النظام عن طريق العصيان المدني، عدم دفع الضرائب، عدم دفع قيم فواتير المياه والكهرباء، إغلاق المتاجر، تفريغ الساحات العامة والشوارع الرئيسية من الناس. إجلسوا في بيوتكم، حصنوا أنفسكم وسترون في القريب العاجل كيف سينهار هذا النظام!”

فيديو هيثم المالح

إعتقال المدون حسين غرير

خرج المدون السوري حسين غرير من منزله في دمشق يوم الاثنين ٢٤-١٠-٢٠١١ ولم يعد ولا يعلم عنه شيء حتى الآن، بهذه الكلمات تبدأ الصفحة التضامنية في الفيسبوك التي أنشأها ناشطون وناشطات ومدونون ومدونات من سوريا لتوجيه الأنظار إلى مصير المدون الشاب.

وقام مدونون سوريون بصياغة بيان تضامني مع زميلهم:

“لم يعد الصمت ينفع بعد اليوم، لا نريد وطناً نسجن فيه لقول كلمة، بل وطناً يتسع لكل الكلمات. آخر ما طالب به المدون السوري حسين غرير على مدونته, وها نحن اليوم ندوّن بأسى خبر إعتقال زميلنا حسين، من دون معرفة أسباب الإعتقال أو المكان الذي تم اقتياده إليه. حسين، ذو الثلاثين ربيعاُ, متزوج وأب لطفلين, شارك في العديد من حملات التضامن مع الأخوة الفلسطينيين في حرب الكيان الصهيوني على غزة, ودوّن عن حرب الكيان ضد لبنان في 2006 وكان من البارزين في تنظيم حملة “مدونون سوريون من أجل الجولان المحتل” منذ سنوات، والمشاركين في حملة اليوم العالمي للتضامن مع ضحايا جرائم الشرف”.

ويطالب المدونون في البيان السلطات السوريّة بالكشف عن مصير حسين وجميع الأصدقاء الآخرين الذين يعرفونهم شخصياً أم ﻻ، من أسرى الرأي والإفراج الفوري عنهم لما في اعتقالهم من مخالفة للقانون ولحقوق الإنسان: “ونطالب أيضاً بوقف اﻻستقواء المخزي على أصحاب الرأي والكلمة. فالقوّة العمياء، مهما كبر حجمها، تبقى عمياء: تتعثر بنفسها وتسقط”.

وإحدى التدوينات الأخيرة التي قام بها حسين غرير هي المطالبة بحرية التعبير عن الرأي:

“كمدونين لا نملك غير قلمنا لنعبر عن جزء يسير جداً مما يعتمل في قلوبنا من خوف على الوطن من هذا الوحش الذي يسمى فساداً والمحمي بقوة القانون الأمني الذي لا يعلوا فوقه قانون”.

صفحة “الحرية للمدون السوري حسين غرير”

مدونة حسين غرير

حكايات الثورة

يتمتع السوريون لأول مرة منذ عقود بحرية التعبير عن رأيهم رغم أنف السلطة. تمكنوا من انتزاع هذا الحق خلال شهور من التحركات الشعبية والعصيان المدني والمقاومة السلمية. تنعكس هذه الحرية في العالم الإفتراضي بشكل خاص حيث نقرأ الكثير من النصوص التي تسعى إلى تناول التجارب اليومية التي يعيشها السوريون هذه الأيام. مثال على ذلك مدونة الشابة زينة أرحيم، المقيمة في إدلب، المدينة والمحافظة الواقعة في شمال غربي البلاد والتي شهدت حراكاً شعبياً واسعاً. تكتب زينة عن تجربتها كشابة في الإشتراك في مظاهرات إحتجاجية ضد السلطة:

“عدّة رجالٍ وبشكل متتالٍ طلبوا مني أن أمشي على الرصيف “يا أختي الله يوفقك، هي امرأة هناك امشي معها”، سألت أحدهم ولمَ أمشي على الرصيف؟ ردّ “أخاف عليك”، فأجبته “أتخاف علي منكم وأنتم أهلي؟ أم أنك تخاف علي من الشهادة وتريد أن تستأثر بها لنفسك؟”. ثانٍ برّر طلبه بأن “بعض الشباب الزعران ينسلّون للمظاهرة وقد يزعجونني بكلمة”، فيما دفعني ثالثٌ لأن أصرخ “إذا كنت أنت أيضاً تريد أن تتحكم بي سأمشي على الرصيف وأهتف للنظام!”.

تتابع زينة وصف انخراطها في المظاهرة وتراقب الرجال والنساء الذين يسيرون معها جنباً إلى جنب:

“سيدةٌ لطيفةٌ بوجهٍ ورديّ كانت ترمي السكاكر على المتظاهرين، فقال لها احدهم “سوسّتوا لنا أسناننا يا خالتي حاج”، فأجابته “هذه لتليّن حناجركم، لئلا ننحرم من أصواتكم الجميلة”. طفلٌ نحيلٌ اقترب منها وقد قعّر كفيه فملأتهما بالحلوى ثم دخل في المظاهرة ليوزّعهم، وعاد لمكانه قربي وفيهما سكّرةٌ واحدةٌ، دون تردد، أعطاها لي.

سألته “آكلها الآن أم أنتظر حتى يسقط النظام؟” فكّر قليلاً ثم قال “كُليها الآن، لأن أبي سيوّزع شعيبيات على إدلب كلها عند سقوط النظام والشعيبات أطيب”.

(…) تلك الليلة انقطعت شبكة المحمول مع الإنترنت لتلحق بها الخطوط الأرضية، حالةٌ من الهلع بدت واضحةً بالشوارع، سياراتٌ تتحرك مسرعةً، تركن عند منزل لبضع دقائق قبل أن تتحرك لآخر، لتحذّر الناشطين من حملة مداهماتٍ واعتقالاتٍ محتملة. الجيش الباسل انتهى من “تطهير” سرمين، القرية الأقرب إلى مدينة إدلب، وكل المؤشرات تدّل أن دور مدينتي قد أتى، وخاصةً أن الدبابات كانت قد حاصرتها الشهر الماضي قبل أن تغير رأيها وتنسحب لحماة”.

مدونة زينة إرحيم

مثال آخر على كتابات تتمحور حول الثورة السورية في الشبكة هي مدونات شيرين الحايك صاحبة “طباشير”. تكتب الحايك عن مدينة حمص وضحايا الاحتجاجات التي تسقط يومياً برصاص رجال الأمن:

“(…)  أكتب الآن و أنا أجلس ُ تحت رزخ رصاص ٍ يقتل الصديق الذي يقف بجانبي فقط. أجلسُ هنا أحاولُ أن أتحسس جسدهُ من على صفحات الإنترنت لأعرف ما الذي يجري الآن في حمص. مدينتي، أصدقائي، أهلي، عاصمة ثورتي. أنا هنا و كلّ ما أملكُ في هذه اللحظات يعيشُ هناك، تحت رصاص ٍ لن يقتلني بشكلٍ مباشر ابداً. لا أعرف حقيقة الذي يجري في حمص، كلّما أعرفهُ هو أنّ شيئاً ما يحتلّ شوارع المدينة والأخبار تتراوح وتختلف وتتضارب، تكبرُ وتصغر، كنبض القلب.

يقول أحدهم انها عملية مداهمات للبيوت تستهدف الشباب، تعتقلُ بشكلٍ عشوائيّ كلّ شيء، يقول آخر على التويتر بأنّ سوريا تستعيدُ ذاكرتها في حماه الـ 1982 الآن في شوارع حمص، و أنّ ملكَ الموت يتجوّل الآن في شوارع حمص كبابانويل يزور كلّ بيت ويخرج منه بعباءة حمراء دامية، دون أن يتمكن أحد من إسعاف جريح أو انقاذ غريق يحشرجُ بدماءه.

أفكّر للحظات، ربما كان كل هذا إشاعات الهدف منها نشر الأكاذيب، ربما كان كل ذلك إشاعة الهدف منها ترهيب وإخافة النفوس الكرام في حمص… ربما لا تكون اشاعات، ماذا لو أنّ كل هذا ليس اشاعات؟”.

مدونة طباشير

روزا ياسين يوسف من أبرز الكاتبات الشابات في سورية وهي تتابع اليوم إلى جانب عملها الإبداعي كتاباتها في الشبكة عن حياة الناس في الأحداث:

“الله أكبر…” بدأ مؤذّن الجامع الدعوة للصلاة. فبدأ الأطفال الأربعة بالبكاء والصراخ بذعر: “العسكر سيأتون ويقتلونهم… سيأتون”. حينما رأت الأم أن نداء الله أكبر صار يعني لصغارها المرعوبين نداءً للموت قررت مغادرة الكسوة. كانت البلدة تحت حصار أيلول، والحملة الأمنية العنيفة مازالت مستمرة. وبما أن أطفالها كانوا خائفين على الدوام، فصوت الرصاص والقذائف ورؤية الدبابات والمدرعات أمام البيوت لم يكن بالأمر الطبيعي، فقد كان بيت أختها في قدسيا أكثر هدوءاً وأماناً إلى حدّ ما!

في الصباح التالي كان أطفالها وأولاد خالتهم يلعبون في الصالون في قدسيا بأمان. دقّ الباب وكان إبن صاحبة البيت مجنداً في درعا آت بعد زمن في إجازة. حين لمح الصغار لباس المجند إنفجروا بالبكاء. واحد منهم تبوّل في ثيابه، وآخر راح يركض ليختبئ تحت الصوفا. ثم طفقوا يصيحون بجنون: “سيقتلنا… أتى العسكري ليقتلنا”. لم يهدؤوا حتى بدّل الشاب ثيابه في مدخل البيت، وعاد شخصاً طبيعياً بدون لباس الجيش.

هذه الصورة المشوّهة عن الجيش (حماة الديار) التي راحت تتشكل في وجدان السوريين، وخاصة في ذاكرة أطفالهم، قد تتحوّل معضلة حقيقية، لا أحد يعلم كيف ستتبدد فيما بعد، أو كيف ستمحى من الذاكرة، فالحامي الرمزي تحوّل في هذه الثورة إلى أداة للقتل! وعلى الرغم من حالات الإنشقاق المتوالية إلا أنها ما تزال انشقاقات فردية أقرب إلى حالات إنتحار. وأعتقد أن التخريب الممنهج لصورة الجيش سيقطف النظام وحده ثماره: فصم عرى الثقة بين الشعب وجيشه. (…)”.

صفحة مثقفون أحرار لسورية حرة

أسبوع الطلاب المعتقلين

دعت صفحة “الأسبوع السوري” الطلاب في جامعات دمشق الخاصة والحكومية إلى إرتداء اللون الأبيض والأسود خلال يومي الأربعاء والخميس 26 و27 أكتوبر/تشرين الأول والتواجد في ساحات الجامعة دون تجمع وذلك في أوقات الفراغ وبين المحاضرات “تعبيراً عن رفضنا لإعتقال أصدقائنا ومطالبتنا بإطلاق سراحهم كانوا على مقاعد الدراسة. كنا نمضي الأوقات سوية. حتى أن بعضهم أصبح فرداً من العائلة. نتشارك الأحلام والآمال. نحلم بلحظة تخرجنا. نحلم بلحظة عملنا. نحلم بالغد المشرق. لكنهم آمنوا بأن الغد المشرق لا يأتي دون حرية دون كرامة دون عدالة (…) النسيان هو أسوأ ما يمكن أن يعيشه المعتقل، وروح المتابعة هي الصديق الأوفى لكل مظلوم. مقاعدهم ما زالت فارغة… الحرية للطلاب المعتقلين”.

“الطالب الحر” يكتب معلقاً:

“انا ع كل الاحوال عم البس اسود مشان المعتقلين والشهداء من بداية الجامعة… ورح كفي هيك حتى سقوط نظام القمع”.

كريم الحموي يسأل لماذا توجه الدعوة إلى طلاب دمشق فقط:

“طيب ليش هي الفكرة محصورة بجامعة دمشق بس ليش مو بجامعة حمص كمان وكل جامعات سورية؟”

و”الأٍسبوع السوري” يجيب: “صديقي كريم نظن بأن حمص تجاوزت هذه المرحلة وإضافة إلى أننا لانعرف أشخاص ميدانيين في تلك الجامعات لمساعدتنا”.

أما زياد فهو محمس لنقل الفكرة إلى حلب: “وددت لو ضمت هذه الحملة مدينة حلب. رؤية الطلاب للآخرين المناصرين للمعتقلين (بمعنى آخر: ضد النظام) وعددهم قد يكسر حاجز الخوف بالمدينة. ربما هذا ما يجب فعله لتحريك حلب، اشياء تستطيع رؤيتها ولكن لا تستطيع محاربتها تقوي عزيمة الأخوة في حلب ليعرف الجميع هناك ان عدد كارهي النظام في حلب يكفي لإشعالها وقيام مشروع (بركان حلب) الفعلي”.

صفحة الأسبوع السوري