اتحاد للإغاثة والرعاية الطبية مجاناً
نشاط للأطفال في مركز كفرنبل للدعم النفسي تصوير ماهر العمر
"تأسس اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية "الأوسوم" في فرنسا عام 2012 بهدف مساعدة السوريين في الداخل وفي دول اللجوء."
رضوان الشيخ (12 عاما) يحاول التأقلم مع نظارته الجديدة التي حصل عليها مجانا من مركز الأوسوم للرعاية الطبية. رضوان كان يعاني من نحراف في عينه اليمنى نتيجة سقوط صاروخ على مقربة منه، وكانت نجاته أعجوبة.
رضوان من قرية حزارين، واحد من آلاف المستفيدين من خدمات اتحاد منظمات الاغاثة والرعاية الطبية المعروف اختصاراً بـ”الأوسوم”. وهو اتحاد يضم العديد من المنشآت والمراكز التي تهدف لتقديم الدعم الطبي المجاني في الداخل السوري، سواء بالأدوية أو الفحوصات الطبية او العلاج وحتى التدريب والتأهيل للكوادر الطبية.
والد رضوان ويدعى أحمد الشيخ (38 عاما) يقول: “نحن في قرية حزارين نعاني نقصاً في الخدمات الطبية لخلو قريتنا من المراكز المتخصصة. ولذلك كنا نقصد المناطق المجاورة بحثاً عن المساعدة الطبية المجانية”.
أحمد الشيخ يشكو وضعه المادي المتردي. فهو يعاني من آلام الديسك في ظهره. وهو عاطل عن العمل بسبب الظروف الصعبة الراهنة. ويلفت الشيخ إلى أن “افتتاح المركز في قريتنا أتاح لنا الاستفادة من خدماته المجانية. ليس على سبيل المعاينة فقط وإنما الأدوية والمستلزمات المرتفعة الثمن، فقد حصل ولدي على نظارة طبية لا يقل سعرها عن عشرة آلاف ليرة سورية لو كنت سأشتريها”.
تأسس اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية “الأوسوم” في فرنسا عام 2012 بهدف مساعدة السوريين في الداخل وفي دول اللجوء. دون النظر الى العرق أو الجنس أو الدين، وهو يعتبر من أكبر المنظمات الطبية العاملة في سوريا.
نائب المدير التنفيذي لشؤون التطوير في الأوسوم حسان الحلبي (41 عاماً) يقول لحكايات سوريا أن الاتحاد ركز اهتمامه بداية على قطاع المشافي، نظراً لكثرة الحالات الحرجة. ولكن ومع امتداد الصراع في الداخل السوري. وبعد ظهور الأمراض المزمنة التي وصفها الحلبي بـ “الموت الصامت” كأمراض الضغط والسكري، أنشأ الاتحاد مراكز للرعاية الصحية الأولية التي أهم ما يميزها على ما يقول “التخصصات النوعية المتواجدة، كالأمراض النسائية والداخلية والأطفال إضافة للدواء المجاني وخدمة المختبر”.
يعتبر مشفى باب الهوا التخصصي من أكبر مشاريع الأوسوم في الداخل وأهم ما يميزه هو”وجود كافة التخصصات الجراحية وأهمها العينية والعصبية إضافة للتجهيزات المتطورة” يقول الطبيب ياسر (32 عاماً) وهو أحد الأطباء الجراحين العاملين في المشفى. ويؤكد الطبيب أن هدف المشفى الأساسي هو التقليل من عدد الحالات الحرجة التي يجب تحويلها الى تركيا. وفي حال الاضطرار لتحويل أي حالة فالمشفى يتكفل بذلك وبشكل مجاني أيضا.
ويلفت الطبيب ياسر إلى أن المشفى استطاع مساعدة الكثير من هذه الحالات حيث بلغ عدد العمليات الجراحية حتى الآن ما يقارب الـ 1800 عملية جراحية.
أكثر من 12 مركزا خاصا بالرعاية الصحية الأولية تابع للأوسوم، موزعة بين ريف حلب وريف إدلب، هذا عدا عن العيادات المتنقلة والمجهزة خصيصا لمساعدة النازحين في المخيمات على امتداد الشريط الحدودي مع تركيا.
وليد علواني (22 عاماً) خضع لعملية استئصال للجيوب الأنفية في مشفى أريحا التابع للأوسوم يقول لحكايات سوريا “قصدت مشفى أريحا بعد أن عجزت عن دفع تكاليف العملية في المشافي الخاصة. ولكنني لم أكن لأتوقع أن ألقى تلك الرعاية والاهتمام في مشفى مجاني”. يشعر علواني بتحسن بعد اجرائه العملية ويشكر جميع أفراد الكادر الطبي الذين يتميزون بـ”المهارة الكبيرة والأخلاق العالية”.
وللاتحاد اهتمام بالجانب النفسي من خلال مراكز متخصصة. مركز كفرنبل التابع للاتحاد يعتبر رائداً في مجال الدعم النفسي. وفيه يتم تقديم الرعاية النفسية للطفل. ملك السويد (27 عاما) احدى المنشطات داخل المركز تقول لحكايات سوريا: “نعمل على انشاء مساحة آمنة للطفل، من خلال النشاطات الترفيهية والحركات الرياضية والمسرحيات، والنشاطات الأخرى التي من شأنها أن تساعد الطفل في الخروج ولو قليلاً من أجواء الحرب القائمة”.
يعاني أيهم (9 أعوام) من حالة نفسية مرضية، وهي حالة تتصف بأنها مضادة للمجتمع وصاحبها يصبح عدوانيا ومنزويا. غير أن أيهم شعر بتحسن واضح بعد حضوره إلى مركز الدعم النفسي في كفرنبل بحسب والدته التي ترجع هذه الحالة لمآسي النزوح والقصف المستمر .
نظراً لنقص الكوادر الطبية في الداخل السوري، وبالأخص التخصصات النوعية، عمل الاتحاد على رفد المنشآت الطبية بالكوادر اللازمة. وعمل على استدراك النقص الموجود من خلال تدريبات موجهة للأطباء لزيادة كفاءتهم، وتدريبات موجهة للاختصاصات النسائية. وتحديداً تدريب القابلات القانونية، وتدريبات أخرى موجهة لفنيي التخدير لزيادة عددهم. وذلك بعد أن أجرى الاتحاد دراسة تقييم احتياج ولمس فقدان هذه الاختصاصات حيث قام بتدريب أكثر من 8000 شخص ما بين طبيب وممرض وفني وقابلة .
أما فيما يتعلق بالدعم الذي يحصل عليه الاتحاد فيقول الحلبي “لأن الاحتياج في الداخل كبير جداً. وهو أكبر من قدرة الأشخاص أو حتى المنظمات فقد لجأنا لاستجلاب الدعم من دول ومنها أمريكا، كندا، فرنسا، ألمانيا ومؤخرا هولندا”.
ويركز الاتحاد على مشروع الشراكة المجتمعية استعداداً للاعتماد على الذات في حال توقف دعم الدول آنفة الذكر لأي سبب من الأسباب. تعتمد بنية الشراكة المجتمعية على عنصر أساسي وهي تأهيل بنية الكفاءات الوطنية للاعتماد عليها في إدارة المشاريع في الداخل أولاً، والانتقال من العمل الاغاثي المجاني إلى العمل التنموي ثانياً، وذلك بالتنسيق بين مختلف المنظمات العاملة في الداخل السوري كما أوضح الحلبي.
يعتبر قصف المنشآت الطبية في الداخل من أكبر التحديات. ا قام الاتحاد بتوثيق استهداف أكثر من 150 منشأة طبية خلال عام 2016 . ورفع التوثيق للمحاكم الدولية غير أن التجاوب من قبل المعنيين لم يكن بمستوى المعاناة التي تواجه السوريين. ومع ذلك فالاتحاد مستمر في تقديم خدماته الطبية، مشاركاً السوريين آلامهم ومتحدياً ظروف الحرب التي لم ترحم حتى الكوادر الطبية.