أول زواج مدني في القامشلي إطاره القانوني غير واضح

فيان محمد

(القامشلي، سوريا) – قام رشو سليمان وهمرين محمد بخطوة يُعتقد أنها الأولى من نوعها في سوريا. بعد أن قررا الارتباط، وقعا عقد الزواج أمام شيخ الجامع القريب من بيتهما في منطقة العنترية في القامشلي، ولكنهما لم يسجلا الزواج لدى المحكمة الشرعية في المدينة كما هو معتاد، وكما تقتضي القوانين الرسمية السورية. في 30 تشرين الثاني/ نوفمبر 2013 عقد الزوجان الكرديان المسلمان قرانهما مدنياً في مقر البلدية بحضور رئيسة البلدية سيما بكداش ورئيس المجلس المحلي معاذ عبدالكريم واللجنة المسؤولة عن مكتب الزواج الذي استحدث مؤخراً في البلدية. وتتألف لجنة الزواج من محامٍ وموظف سجل مدني وموظف آخر في البلدية.

رشو سليمان وهمرين محمد يعقدان قرانهما أمام "مكتب الزواج" في المجلس البلدي في القامشلي - يوتيوب/ العربية
رشو سليمان وهمرين محمد يعقدان قرانهما أمام “مكتب الزواج” في المجلس البلدي في القامشلي – يوتيوب/ العربية

يقول رئيس المجلس معاذ عبدالكريم إن عقد القران في البلدية هي خطوة من الخطوات المدنية للأكراد. وجاءت هذه الخطوة بعد أن أعلن “حزب الاتحاد الديمقراطي” ذو التوجه العلماني في منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر عن اعتماد الإدارة الذاتية في المناطق ذات الأغلبية الكردية في سوريا التي يتمركز الحزب فيها، أي في محافظة الحسكة، بالإضافة إلى مناطق عفرين وكوباني (عين العرب) في محافظة حلب. ويقول الزوجان الشابان إنهما لم يترددا في سلوك هذا الطريق إيماناً منهما بنشر ثقافة الزواج المدني في مدينتهما وتشجيع البلدية على القيام بدور أكبر. وتعمل همرين محمد موظفة في البلدية وتبلغ الرابعة والعشرين من عمرها.

لا يوجد في سوريا زواج مدني، بل تنبثق قوانين الأحوال الشخصية من التعاليم الدينية المسيحية أو الإسلامية. أما إجراءات الطلاق والميراث فستتولى أمورها محكمة تبت على أساس قوانين شخصية مدنية، أي أن الزوجين استغنيا عن المحكمة الشرعية، حسب قول عبد الكريم.

وتوجد في القامشلي محكمة أنشأتها “حركة المجتمع الديمقراطي”، التي ينضوي “حزب الاتحاد الديمقراطي” ضمن أطرها التنظيمية، تسمى “محكمة الشعب”. وهي من ضمن المؤسسات التي تسعى “حركة المجتمع الديمقراطي” من خلالها إلى وضع أرضية لحكم ذاتي كردي، إلا أن هذه المحكمة، حتى الآن، تترك قضايا الأحوال الشخصية والملكية لمحاكم الدولة السورية.  

ولا ينص الزواج المدني الذي طبقه رشو وهمرين على عقد الزواج (كتب الكتاب) أمام رجل دين كما فعل الزوجان. ويصف عبد الكريم “كتب الكتاب” بأنه عُرف لدى السكان وأن البلدية لا تتدخل في هذه الأمور، مضيفاً: “نحن لا نتدخل بأمور المهر وماذا سيكتب في العقد.”

لم تتم صياغة قانون مدني للأحوال الشخصية بعد، ويقول معاذ عبد الكريم إن محامين سوريين يقومون حالياً بصياغة قانون مدني للأحوال الشخصية يضمن المساواة بين الجنسين، بعد الاطلاع على تجارب دول أخرى وسيطبق هذا القانون في المناطق الخاضعة لسيطرة “حزب الاتحاد الديموقراطي”. لذلك فإن زواج رشو سليمان وهمرين محمد ليس كاملاً. فلم يستلم الزوجان دفتر العائلة كإثبات رسمي للزواج ولتأسيس عائلة معترف بها في الدولة السورية وفي الخارج. ويشكك المحامي رضوان سيدو من القامشلي، وهو ناشط في مجال حقوق الإنسان، بقانونية الزواج الذي قام به همرين ورشو بسبب عدم وجود هذه الأوراق الرسمية. ويشير معاذ عبد الكريم إلى أنه سيتم منح الزوجين مستقبلاً دفتر عائلة، كما سيتم تسجيل الزواج في سجل مدني سيلحق بالبلدية لاحقاً أيضاً، لكنه لم يحدد جدولاً زمنياً لهذه الخطوات الضرورية.

هذا الزواج المدني غير المتكامل لا يشجع شباناً وشابات آخرين على سلوك طريق رشو وهمرين. فلم يسجل مكتب الزواج في بلدية القامشلي إلا عقد قران واحد فقط. وما زال سكان القامشلي يتبعون الطريقة التقليدية في الزواج، أي كتب الكتاب ثم التسجيل لدى المحكمة الشرعية.

وهناك الكثير من الأصوات المنتقدة للمبادرة التي قام بها “حزب الاتحاد الديموقراطي”. المحامي رضوان سيدو على سبيل المثال يؤيد هذه الخطوة من حيث المبدأ كما يقول، ولكنه يعتبرها متسرعة ولم تحسب عواقبها المستقبلية، مثل عدم إمكانية تسجيل الولادات الجديدة لأن الزوجين لا يحوزا أوراقاً رسمية تثبت زواجهما. كما أنه ليس من الواضح إذا كانت دول أجنبية تعترف بالزواج المدني في المناطق الكردية. أما المحامية وفاء فؤاد شيخموس فتشير إلى استمرار وجود محاكم الدولة في المدينة وعملها بشكل كامل وتتساءل عن كيفية حصول الزواج المدني على شرعية كاملة بينما المحاكم الأخرى معترف بها.

يبقى أن هذه العوائق البيروقراطية لم تمنع همرين محمد ورشو سليمان من التمسك بهذا الزواج المدني الأول، وهما بانتظار صدور دفتر عائلة من بلدية القامشلي.