أصوات تطالب الحكومة المؤقتة بالتعليم والوظيفة

عبد الله المحمد (22عاماً) طالب في كلية الحقوق في جامعة حلب، خرج مع المتظاهرين المنددين بالائتلاف الوطني والحكومة المؤقتة. هذه التظاهرة التي خرجت في بلدة حاس في ريف إدلب الجنوبي، تتهم المعارضة السورية بالتخلّي عن الطلاب الجامعيين وتركهم لمصيرهم المجهول. يخشى هؤلاء الطلاب الذهاب إلى الجامعات الخاضعة لسيطرة النظام. يقول المحمد: “مستقبلي يضيع أمام عيني وأنا جالسٌ أشاهده”.

ضمّت التظاهرة عدداً من المنشقين عن النظام وطلاب الجامعات الذين ينتمي بعضهم إلى الاتحاد العام لطلبة سوريا الأحرار. هتف المشاركون ضد الائتلاف الوطني والحكومة المؤقتة. ورفع المتظاهرون مطالبهم التي تتمحور حول أوضاعهم المأساوية، في ظل انقطاع رواتبهم منذ تركهم وظائفهم التابعة لمؤسسات النظام، وغياب فرص العمل. فيما رفع الطلاب لافتات تطالب الائتلاف بفتح جامعات من أجل أن يكملوا دراستهم، وخصوصاً هؤلاء الذين انقطعوا عن الدراسة  بسبب خوفهم من الاعتقال.

محمد الشيخ نجيب (25عاماً) طالب في كلية الهندسة الزراعية في جامعة حلب، انقطع عن دراسته منذ سنتين بسبب خوفه من الاعتقال، ويعمل الآن في مهنة الحلاقة. يقول: “تم اعتقال بعض أصدقائي في جامعة حلب، وتصفية بعضهم بشكل ميداني، فقط لأنهم من مناطق التي تنشط فيها التظاهرات السلمية، ولذلك  لم يعد بإمكاننا أن نأمن على حياتنا، قررت عدم الذهاب إلى الجامعة لأن حياتي أغلى من الدراسة”.

من إحدى التظاهرات التي خرجت لمطالبة الحكومة المؤقتة بفرص عمل تصوير أحمد السليم

يضيف الشيخ نجيب: “أكثر ما يشعرني بالحرج والحزن أننا أصبحنا عالة على المجتمع والوطن، بدل أن نكون نحن من يبنيه، فترك الجامعات جعل جميع الطلاب يبحثون عن عمل أو التحق بعضهم بجبهات القتال بدل أن يكونوا اليوم قد تخرجوا من جامعاتهم وحصلوا على شهاداتهم”.

من جهته يفضل عبد الرحمن الكامل (24عاماً) الطالب في كلية الأدب العربي، العمل العسكري بعد أن تم فصله من جامعته بسبب عدم ذهابه إليها، يقول عبد الرحمن: “واجبي أن أقدم شيئاً لهذا الوطن فاخترت العمل العسكري من أجل الدفاع عن أرضنا، وذلك بعد فقداني الأمل بالعودة إلى جامعات النظام أو حتى من تعويضنا في جامعات أخرى عن طريق الائتلاف الوطني، بعد الوعود المتكررة التي لم ننل منها سوى الجعجعة ولم نرَ طحيناً”.

لم يكن حال المنشقين العسكريين عن نظام الرئيس السوري بشار الأسد بأفضل من حال طلاب الجامعات، حيث تم تهميش عدد كبير من المنشقين من قبل الفصائل، أو حتى أنهم لم يتم ضمّهم إلى المؤسسات الحكومية التابعة للائتلاف كالشرطة الحرة. ما دفع بعضهم إلى بيع المحروقات على الطرقات من أجل كسب قوت اليوم لإطعام أطفاله، فيما ذهب البعض الأخر إلى المخيمات الحدودية أو المخيمات التركية.

أحد الضباط المنشقين عن قوات النظام ويدعى أحمد القدور(47عاماً) يقول: “نحن نطالب الحكومة المؤقتة بتحمل مسؤولياتها، تجاه هؤلاء الرجال الذين أبت نخوتهم وضميرهم إلا أن ينشقوا عن هذا النظام نصرة لهذا الشعب المظلوم، وقرروا أن ينضموا إلى صفوف جماهيرنا الثائرة في سبيل الحرية والكرامة “.

يضيف القدور: “نرجو منهم أن يهتموا بمصير هؤلاء الرجال، ضمن خطة عمل وبرنامج هذه الحكومة، بعيداً عن أي إقصاء أو تهميش لأي كان وضمن إمكانياتها، ودفع رواتب وتعويضات لهم لسد العوز عنهم وتحقيق الحد الأدنى من مستوى المعيشة” مشددا على “أهمية إعادة تأهيلهم ليكونوا جزءاً من نسيج هذا الوطن ولبنة في بنيان هذه الحكومة ونواة جيش وأمل لسوريا”.

أبو خالد (39 عاماً) انشق عن جهاز الشرطة التابع للنظام بسبب ما رآه من تعذيب وظلم بحق المواطنين. ولكنه شعر بالظلم بعدما تم تهميشه من قبل القوى الثورية الداخلية والخارجية. يقول أبو خالد: “كنا نمنّي النفس باليوم الذي سنترك هذا النظام ونتخلص من ظلمه، وحتى لا يشركنا بجريمته التي يقوم بها ضد الشعب السوري، تركت وظيفتي”.

يضيف أبو خالد :”عانينا في المناطق المحررة من التهميش والفقر، فكانت هناك بعض الوعود من قبل الثوار والمعارضين بأنه سيتم كفلنا إن تركنا هذا النظام، ولكن لم يتم تنفيذ أي من هذه الأمور وقد تركونا نقاسي صعوبة الحياة لوحدنا، ونعمل ليلاً نهارأ من أجل إطعام أطفالنا”.

من جهة أخرى يقول نائب رئيس المجلس المحلي في بلدة حاس أبو عبد الرحمن (38عاماً): “أن المجلس المحلي قد أنشأ مركزاً أمنياً في كل بلدة لتوظيف عدد من العسكريين والثوريين، يتقاضى بموجبه العنصر العادي  100 دولار و150 دولار للرتب الأخرى، ولكنه بنفس الوقت لا يستطيع استيعاب هذا العدد الهائل من المنشقين بسبب شح الدعم المادي المقدم من قبل الحكومة المؤقتة التابعة للائتلاف الوطني”.

وقد قامت مؤسسة الشرطة الحرة التابعة للائتلاف بتبني المراكز الأمنية في القرى، من أجل استيعاب أكبر عدد من المنشقين، وخصوصاً من انشقوا عن جهاز الشرطة وتسليمهم رواتب شهرية بالإضافة إلى بزات عسكرية  ومعدات تمكنهم من كشف الجرائم، ولكنها بنفس الوقت لم تستطع استيعاب إلا عدد قليل من المنشقين وبقي الكثير منهم دون عمل.

رئيس المركز الأمني في بلدة حاس عدنان المندو يقول: “بقينا لمدة سنتين دون رواتب نعمل بشكل مجاني، فالمركز تم إنشاؤه من قبل بعض المنشقين الذين عملوا بشكل تطوعي. كنا نتقاضى أجورنا من المبالغ البخسة التي نجنيها من المخالفات ونقتسمها بين بعضنا البعض. عرضنا حينها الانضمام على العشرات من المنشقين ولكنهم جميعهم رفضوا بسبب عدم وجود رواتب شهرية”.

وأضاف المندو: “بعد عملنا لمدة سنتين قامت الشرطة الحرة بتكليفنا بشكل رسمي، وقامت بدعمنا من خلال تخصيص رواتب شهرية، وتقديم معدات من أجل القيام بواجبنا دون الحاجة إلى عمل آخر من أجل تأمين معيشتنا”.