أسواق ومهن في مخيمات ريف إدلب الغربي

محمد (35 عاماً) من قرية عين القنطرة في ريف اللاذقية، كان يمتلك دكاناً في قريته، قبل أن يُجبَر على النزوح منها. استقر به الحال منذ سنة، في مخيم خربة الجوز، وهو أحد مخيمات ريف إدلب الغربي، حيث عاد ليفتحَ دكانه داخل المخيم.

يقول محمد: “كان الناس في المخيم يقطعون مسافات طويلة، لشراء ما يحتاجونه من بقّاليات. لذا قمت بفتح دكاني مجدداً، لتوفير ما يحتاجه الناس، وأكثرهم من أهالي قريتي، وكي يكون الدكان باب رزق لي ولعائلتي. كما قمت بتوسيع دكاني في ما بعد، بسبب تزايد أعداد النازحين الوافدين، وبسبب الطلب على مواد جديدة.”

محمد ليس الوحيد الذي فتح محلاً في مخيمات ريف إدلب الغربي… بل أُنشئت الكثير من المحال المتواضعة، التي أصبحت بعد ذلك أشبه بالأسواق التي يقصدها الجميع، وتتضمّن محال الأطعمة والألبسة ومحلات الذهب، وأكثر ما يمكن أن يحتاجه النازحون.

أبو خالد (50 عاماً) نزح في نهاية العام 2015 من بلدة الناجية في جبل الأكراد، إلى مخيم آخَر من مخيمات ريف إدلب الغربي.

قبل ذلك كان يعمل في قريته تاجرَ خضار. وقد كانت قريته، أشبه بمركز تجاري، يقصده معظم سكان المناطق المحررة بريف اللاذقية.

لكن بعدَ أن نزح لأكثر من مرة، أُجبر أبو خالد على ترك عمله… ليبدأ البحث عن مكان يمكّنه من العمل مجدداً، ويضمن مدخولاً لعائلته، المكوّنة من زوجته وخمسة أبناء. ما دفعه  للإستقرار في أحد مخيمات ريف إدلب الغربي.

وكحال محمد، كذلك أبو خالد، فإنّ أكثر سكان المخيم الذي يقطنه، هم من أهالي قريته. وفي المخيم، فتح أبو خالد محلاً للذهب.

عن سبب اختيار محل الذهب، يقول أبو خالد: “لم يعد بإمكاني العودة للعمل مجدداً في تجارة الخضار، فأنا أحتاج لمستودعات لحفظ الخضار، والتي يمكن أن يفسد قسمٌ منها، إن لم يتم تصريفها بشكلٍ مباشر. أما الذهب، فهو مهنة لا تخسر، وربحها مضمون. وبدل أن يتوجّه الأهالي الذين يريدون أن يخطبوا لأبنائهم، إلى مدينة جسر الشغور لشراء الذهب، أصبحوا ي

مخيم الأنصار بالقرب من قرية خربة الجوز عند الحدود السورية التركيةتصوير أحمد حاج بكري
مخيم الأنصار بالقرب من قرية خربة الجوز عند الحدود السورية التركيةتصوير أحمد حاج بكري

قصدون سوق المخيم، وصرنا نسترزق منهم”

وفي حال كان يخشى على محله من السرقة، يجيب أبو خالد: “لا يوجد شيء يدعو للخوف، فجميع السكان هنا من أبناء قريتي أو القرى القريبة منها. ونحن هنا يدٌ واحدة نتساعد، على أمل أن نعود إلى قرانا في الأيام المقبلة.”

إبراهيم (30 عاماً)  يقطن كذلك في أحد مخيمات ريف إدلب الغربي، وهو حارس في الجيش الحر، كان قبل الثورة يعمل حلاّقاً، فيقول: “لم أكن أفكّر بالعودة إلى مهنة الحلاقة مجدداً، بعدما التحقت بالجيش الحر. لكنّ الظروف المعيشة الصعبة، دفعتني لفتح محل حلاقة في سوق المخيم، أعمل فيه في وقت فراغي، حين لا يكون لدي حراسة.”

ويضيف إبراهيم: “المحل يؤمّن لي مصروفي. وأنا أسكن في مخيم، أكثريته من أهالي قريته، ويحتاجون لحلّاق. فأمضي وقتي إمّا على الجبهة، أو بين أهلي في محل الحلاقة.”

معظم سكان جبلي الأكراد والتركمان نزحوا عن قراهم بعد التدخّل الروسي وتقدُّم قوات النظام على جبهات الساحل، لتسيطر على غالبية القرى التي كانت تحت سيطرة الجيش الحر. فنزح الأهالي إلى مخيمات عشوائية في غابات ريف إدلب الغربي على الحدود السورية التركية، لُيضافوا إلى النازحين السابقين. وتتزايد الأعداد وقد تجاوزت الثلاثين ألفاً، ويتوزعون على أكثر من عشرين مخيماً.

ووأغلب النازحين يريدون أن يتعايشوا مع أوضاعهم الجديدة، عادوا للعمل، على أمل أن تنتهي أزمة النزوح.