أسماك المزارع والأحواض تجارة سورية جديدة
"يختلف طلب أنواع الأسماك باختلاف المناطق السكنية، والحالة الاجتماعية التي يعيشها السكان، فالبعض يهتم بالجودة والطعم، والبعض الآخر يهتم بالسعر والكم."
وجد سكان الشمال السوري في تربية الأسماك في الأحواض الصغيرة وسيلة لكسب الرزق وتأمين لقمة العيش. هذه الظاهرة نقلها أهالي ريف حلب الغربي عن أهالي منطقة الغاب في ريف حماة الشمالي.
مصطفى (29 عاماً) وهو أحد مربي الأسماك في مدينة الأتارب يقول: “إن الأسماك التي تعيش في الأحواض الصغيرة البدائية والظروف المناخية للشمال السوري هي من نوعي السلور والكرب فقط. وهي تحتاج لدرجة حرارة تقارب 37 درجة مئوية، مما يجعل نموها ضعيفاً جداً وحتى معدوماً في فصل الشتاء. وكل متر مربع يتسع لما يقارب 20 سمكة، وتختلف الأعداد باختلاف الأنواع”.
يمتلك مصطفى حوضاً يتسع لنحو 1000 متر مكعب من المياه تقريباً، يعيش بداخله نحو 10 آلاف فرخ سمك صغير. يلفت مصطفى إلى أنه يشتري الفرخ الواحد بـ 7 ليرات سورية، وبعد تربيته لمدة أربعة أشهر يصبح صالحاً للبيع، ويقدر ثمن الكيلو غرام الواحد للتجار بــ 550 ليرة سورية، ليصل إلى المستهلك بــ 750 ليرة سورية (دولار ونصف الدولار تقريباً).
ويضيف مصطفى: “هذا المشروع يتطلب مراقبة الأحواض في بداية وضع الأسماك الصغيرة، ومراقبة طعامهم الذي يعتمد على نوعين علفي، ومخلفات الحيوانات. والتغذية العلفية تكون عن طريق إطعام الأسماك القمح المكسر والخبز اليابس وعلف الدجاج، إضافةً لتبديل المياه كل 48 ساعة على أقل تقدير”.
ويعتبر مصطفى “ان هذا المشروع يناسب العائلات التي لا تمتلك مزارع أو مصادر دخل ثابتة، وهو فرصة للحصول على دخل جيد وبخاصة أنه مشروع قابل للنمو. ولا خوف إلا من هجوم الأفاعي والضفادع البرية على الأحواض، وأكل جميع السمك الصغير في بداية نموه، كون هذه الأسماك نادراً ما تمرض”.
يختلف طلب أنواع الأسماك باختلاف المناطق السكنية، والحالة الاجتماعية التي يعيشها السكان، فالبعض يهتم بالجودة والطعم، والبعض الآخر يهتم بالسعر والكم.
أبو أنس (40 عاماً) وهو أحد بائعي السمك الجوالين في مدينة إدلب يقول: “نمتلك في أسواقنا أكثر من 10 أنواع للسمك، منها البحري كـالبوري والسردين والمشط البحري، وهي الأسهل عملاً بالنسبة لنا كبائعين كوننا نبيع الأسماك منظفة جاهزة للطهي، وهذا النوع من الأسماك يصل إلى مناطقنا مثلج وجاهز للبيع على الفور، وهي أكثر جودة وأكثر ارتفاعاً بالأسعار من غيرها، حيث يصل ثمن الكيلوغرام منها إلى 2000 ليرة سورية أي ما يعادل 4 دولارات أمريكية”.
ويضيف أبو أنس: “أما النوع الثاني النهري كالسلور النهري والبوري والمشط والجرّي، فيحتاج للعمل والتنظيف أكثر من البحري والزراعي (نسبة إلى سمك المزارع)، ونرى فيها تفاوتاً كبيراً في الوزن، على عكس البحري والزراعي التي تكون أوزانها متقاربة جداً. وهي ذات الطلب الأضعف في الأسواق، كون أسعارها قريبة من أسعار السمك البحري وهي أقل جودة منها، وتتراوح أسعارها بين 1000 و 1500 ليرة سورية”.
اما أسماك الأحواض او المزارع فيقول عنها أبو أنس: “أسماك المزارع كالسلور والكرب تتميز بطراوة لحمها ولا تحتوي بقايا غذاء في أحشائها، وتكون نسبة الدهون فيها أعلى من البحرية والنهرية بشكل كبير، وهذا ما يجعل طعمها أفضل عند البعض، وبالنسبة للأسعار فهي الأقل سعراً وتناسب الوضع المعيشي عند جميع سكان الشمال السوري، فلا يصل سعرها إلى 1000 ليرة في أكثر أيامها غلاءً”.
بينما يقول أبو جميل (55 عاماً) وهو بائع في ريف حلب الغربي لموقعنا: “من خلال عملي في مهنة بيع الأسماك لزمنٍ طويل، فإن أهالي حلب يفضلون أنواع المشط والجرّي. وهناك أيضاً نوعيات تكون ممتلئة بالحسك وهي من الأسماك النهرية. ولم تلق أسماك المزارع رواجاً في حلب وأريافها. أما من ناحية الطهي فيضاف إلى الأسماك النهرية والزراعية بعض المكونات للقضاء على رائحتها وهذا ما يسمونه التبلة بينما يكفي وضع مادة الملح فقط للسمك البحري”.
وتختلف آراء الأهالي حيال شراء أسماك الاحواض، منهم من يراها مناسبة و ألذّ طعماً من غيرها.
يقول أبو حسن (38 عاماً)، أحد أهالي مدينة أريحا: “سمك المزارع أفضل من غيره كونه أكثر دهوناً، أما الفرق بين السلور والكرب فهو السعر، فقد يصل ثمن سمك الكرب إلى ضعف ثمن السلور، ونسبة الدهون في السلور أكبر. أما بالنسبة للأسماك البحرية التي تصل إلى منطقتنا فهي رديئة جداً كـالبوري البحري. ونادراً ما يصل نوع السلطان إبراهيم، إضافة لارتفاع أسعاره”.
البعض الآخر من الأهالي يشكك بنظافة المزارع السمكية، وبطريقة إطعام الأسماك فيها، ويقول أبو عمر (34 عاماً): “أفضل شراء الأسماك النهرية والبحرية على أسماك المزارع، بعد أن سمعت أن بعض المزارع تعتمد على المياه الملوثة ولا سيما المختلطة بمياه الصرف الصحي”.
ويضيف أبو عمر: “سمعنا عن قيام بعض أصحاب الأحواض بإلقاء الطيور والحيوانات النافقة كبديل للأعلاف في المياه، ليتغذى عليها السمك، وليس لدي فكرة إن كانت تؤثر على الصحة بعد الطهي أم لا، لكن مجرد تخيل البيئة التي تعيش فيها أسماك المزارع يكفي للامتناع عن شرائها” ولا أعرف التمييز بين الأنواع النهرية والزراعية ألا من خلال لون اللحم حيث يميل لون السمك الزراعي إلى الاحمرار”.