أحمد اليوسف من لاجئ إلى فسيفسائي عالمي

من الحفل الذي نال فيه اليوسف التكريم في الأردن

ينهي أحمد اليوسف صنع لوحة الفسيفساء التي كان يعمل عليها في مشغل أرابا في العاصمة الأردنية عمان من أجل إرسالها إلى المعرض. وهو الشاب السوري الذي تم تكريمه من وزير التنمية الأردني موسى المعايطة.

اليوسف شاب السوري امتهن صناعة الفسيفساء قبل منذ عدة أعوام، ووصلت أعماله إلى عدد من معارض العالم بعد نجاحه في مهنته. وهو يبلغ من العمر (27 عاماً) من بلدة حاس في ريف إدلب الجنوبي. نزح هو وعائلته منذ بداية الثورة السورية إلى الأردن، بسبب انشقاق والده عن قوات النظام.

بدأ أحمد بالعمل في مجال الفسيفساء في منزله. فكان يصنع اللوحات ويعرضها في عدد من المعارض في الأردن عن طريق شركات أردنية. تم تصدير بعض هذه اللوحات إلى الخارج.

عن المراحل التي مر بها حتى وصوله إلى العالمية يقول اليوسف: “بعد وصولنا إلى الأردن ذهب أبي من أجل تحويل أمواله من العملة السورية إلى الأردنية، فتعرض للسرقة مما اضطرني للعمل في مطعم شاورما في أحد احياء مدينة إربد الأردنية، حيث كان الراتب الشهري 150 ديناراً أردنياً، في حين كان ثمن استئجار المنزل 140 ديناراً أي أن الراتب لا يكاد يكفي لسداد أجر المنزل”.

ويضيف اليوسف: “والدي كان يعاني من المرض ويحتاج إلى علاج مكلف، مما دفعني لترك عائلتي والذهاب للعاصمة الأردنية، حيث عملت في مهنة قص الحجر، ومن هنا أتت فكرة الفن التشكيلي، حيث قمت بتعلم المهنة من خلال بعض العمال المصريين الذين يعملون معي في نفس المهنة وذلك بعد انتهاء الدوام”.

ويوضح اليوسف: “قمت بالعمل مع شركة جدارة لمدة عامين، حيث استلمنا مشروع تجهيز قصر المؤتمرات هيلتون. وبقينا نعمل فيه لمدة عامين، وهنا تحسنت أوضاعي المادية، حيث قمت باستلام مشروعي الخاص، وبعد ذلك قمت بتأسيس شركة صغيرة، وإرسال اللوحات إلى كافة دول العالم، بالإضافة إلى تجهيز معارض في دول أخرى”.

وحول المعارض التي قام بالمشاركة فيها يجيب اليوسف: “قمنا بالمشاركة في معرض الخيمة الأردنية في دبي، ومعرض أراب أرت في الأردن، بالإضافة إلى فعاليات شعبية تكلفتها بسيطة، والتي تشمل التطريز والاكسسوارات حيث نقوم بجمعها وإيصالها للناس وخصوصاً أن مثل هذه الأفكار لا تلقى اهتماماً واسعاً”.

العمل في الفن التشكيلي لم يمنع اليوسف من مزاولة أعمال أخرى، حيث قام بإنشاء كادر وعمل دورات تدريبية وحصل على شهادة مدرب. وذلك بعد عمله مع منظمة الشرق الأوسط للطفولة والتي تقوم بجمع الطلاب السوريين الذين هم خارج المدارس، وتقوم بتأهيلهم ومن ثم إخضاعهم لدورات وتوزيعهم على المدارس في المدن الأردنية، حيث تم تأهيل ما يقارب 1500 طالب.

وعن جهوده في الوقت الحالي يفيد اليوسف: “نقوم بتدريب بعض العائلات السورية التي ليس لديها القدرة على القيام بهذه الإعمال، وخصوصاً الناس الذين لديهم إعاقة حركية وغير قادرين على العمل لدوام كامل، حيث نقوم بتدريبهم لمدة شهر ومن ثم إعطائهم مواداً للعمل في المنزل، ومن يستطيع الذهاب للمشغل نقوم بتأمين وسيلة نقله لإيصاله”.

من جهة أخرى يشعر إياد اليوسف والد أحمد، بالفخر بما حققه ابنه. ويقول لحكايات سوريا: “بعد وصولنا إلى الأردن كان الوضع مأساوياً بسبب المستقبل المجهول الذي ينتظرنا، والأمل في العودة في أيام أو أسابيع قريبة إلى سوريا، ولكن مع استقرارنا ودخول أولادي الجامعات وسوق العمل أصبحت المعيشة أفضل ومستقبلهم يصنعونه بتفوقهم”.

ويضيف إياد اليسوف: “استطاع ولدي أحمد الوصول إلى العالمية من خلال لوحاته التي باتت تنتشر بشكل كبير، حتى أنه حصل على ثناء من الحكومة الأردنية، في حين أن ولدي الصغير دخل إلى كلية الصيدلة بمعدل متفوق ويسعى لإكمال دراساته العليا”.

وتشكل الفسيفساء لوحات جدارية وأرضيات مختلفة الأحجام للعديد من المعابد والقصور والمساجد والكنائس القديمة. ويتم صنع لوحات الفسيفساء باستخدام قطع صغيرة من الرخام والأحجار والبلور والجرانيت والأخشاب والأصداف، التي يتم رصفها جنباً إلى جنب، ومتلاصقة لتعطي الشكل أو الرسم المطلوب.

وبحسب أحمد اليوسف فـ “إن عمليات التوثيق منذ الأزل كانت عن طريق الفسيفساء، وهذه المهنة كانت ضعيفة جداً في الأردن لذلك قمنا باختراعات جديدة من أجل إيصال الفكرة إلى الناس، وكذلك عملت في المواد الصناعية والديكور الخارجي”.

يذكر أن مهنة الفسيفساء لا زالت حاضرة في مناطق الشمال السوري، حيث يعمل العشرات من الأهالي في هذه المهنة والتي تعتبر مصدر دخل مهم لهم، حيث تتصدر مدينة كفرنبل في ريف إدلب الجنوبي تصدير اللوحات الفسيفسائية إلى دول العالم بالإضافة إلى أنها صنعت أطول لوحة تلخص سنوات الثورة السورية.