“أجيال” لتعليم الطلاب مجاناً في كفرنبل
محمود محمد العبي
هناك هدايا للتلاميذ الملتزمين بالدوام والذين يحصلون على علامات جيدة، بهدف تحفيز الطلاب على الدراسة والمثابرة والالتزام بالدوام.
(كفرنبل- سوريا) أبدى محمد أحمد العكل (42 عاماً) وهو شرطي منشق سروره لتحسن المستوى الدراسي لابنته حلا العكل (10 أعوام) نتيجة انضمامها لمركز “أجيال” للتعليم المجاني، بعد أن حُرِمَت
من التعليم لثلاث سنوات نتيجة الوضع غير المستقر للمدارس في ظل الحرب التي تشهدها البلاد.
مركز “أجيال” في كفرنبل هو مبادرة من مبادرات منظمة “اتحاد المكاتب الثورية” الناشطة في ريف إدلب إعلامياً وتنموياً وثقافياً، من أجل الارتقاء بمستوى التلاميذ الضعفاء.
رئيس قسم الدراسات والتخطيط في “اتحاد المكاتب الثورية” أسامة محمود الأحمد (32 عاماً) يرجع المبادرة الأولى لدعم مركز أجيال إلى الفنانة التشكيلية رافية قضماني، التي تبرعت بمبلغ 6 آلاف دولار أميركي، ويوضح الأحمد: “أن هذا المبلغ غطى معدات المركز من المقاعد إلى الألواح والطاولات والكراسيوليس انتهاء بمولّد الكهرباء… “.
خصص المركز العطلة الصيفية الحالية للنهوض بمستوى 80 تلميذاً من الصف الرابع لم يتلقوا التعليم اللائق منذ ثلاث سنوات؛ بناءً على تقارير من مدارسهم الحكومية، ووفر المركز القرطاسية المدرسية من دفاتر وأقلام وغيرها بشكل مجاني. وهناك هدايا للتلاميذ الملتزمين بالدوام والذين يحصلون على علامات جيدة، بهدف تحفيز الطلاب على الدراسة والمثابرة والالتزام بالدوام. ويعمل المركز حالياً على دورات للصف الثالث الإعدادي انطلقت مع بداية العام الدراسي لنحو 80 طالباً وطالبة، وتستمر الدورة حتى الأول من نيسان/أبريل 2015.
مدير المدرسة وسيم النايف (28 عاماً) أبدى تصميماً على الاستمرار في التعليم واستيعاب تلاميذ أكثر في المستقبل، وقال النايف: “كلنا أمل بالارتقاء بداية بمستوى تلاميذ الصف الرابع الضعفاء ذكوراً وإناثاً إلى المستوى الطبيعي قدر الإمكان، خلال مدة ثلاثة أشهر، وإنقاذهم من خطر الأمية، أما ما يخص طلاب الثالث الإعدادي، فأجر الدورة في المعهد الخاص 12 ألف ليرة سورية، وهو مبلغ مرتفع نسبياً بالمقارنة مع الحالة المادية للأهالي، لذلك كان لا بد من افتتاح دورة مجانية لمساعدة أهالي الطلاب في ظل الظروف الراهنة”.
وأعرب مدرس الرياضيات أسامة حمدو البيوش (28 عاماً) عن سعادته بهذه التجربة، وقال أنه من خلال التقييم الأسبوعي لاحظ أن مستوى التلاميذ يتحسن. البيوش يعتقد أن فرصة هؤلاء التلاميذ في الوصول إلى المستوى الجيد مازالت موجودة، بشرط بذل المزيد من الجهد من قبل المعلمين.
ويقول مدرّس اللغة العربية خالد أحمد العثمان (25 عاماً): “مستوى الطلاب أقل من الضعيف، ويجب علينا أن نبذل قصارى جهدنا حتى يصل التلميذ إلى المستوى الطبيعي”.
وأبدت التلميذة حلا العكل سعادتها بالذهاب إلى المدرسة، خاصة وأنها في قبو أقل عرضة للقصف من مدرستها الحكومية نوعاً ما، وقالت مبتسمة: “الصف نظيف والمقاعد جديدة.. تعامل المدرسين معنا أفضل مما هو عليه في المدرسة (الحكومية).. الدراسة ممتعة.. لا أملّ من المدرسة”. حلا لفتت إلى أن الدوام يوم الخميس يكون في المبنى المجاور لمركز “أجيال”، وهو مركز تابع لمشروع “باص الكرامة” الخاص بالترفيه عن الأطفال.
يطالب الأهل بضرورة توفير مثل هذه الدورات لمختلف المراحل التعليمية والعمرة، ويقول أبو محمد والد أحد التلاميذ: “هذه الخطوة جيدة، ولكن ينبغي على المركز أن يهتم بالتلاميذ من كل الصفوف، لأن الوضع التعليمي من سيئ إلى أسوأ…”.
ويبدي أحمد محمد البيوش (46 عاماً) والد الطالبة سديم سروره لافتتاح دورة لصف الثالث الإعدادي، وقال: “إن دورة للصف الثالث الإعدادي هي خطوة رائعة ومنقذة في نفس الوقت، لأن ثمن الدورة في المعاهد الخاصة يتراوح بين 10 و 12 ألف ليرة سورية والأوضاع المادية لمعظم الأهالي سيئة للغاية”.
المركز هو عبارة عن قبو مؤلف من خمس غرف في إحدى بنايات الحي الجنوبي من مدينة كفرنبل، ويعمل فيه عدد من المدرسين لصفوف الرابع ابتدائي والثالث إعدادي ومتوسط رواتبهم الشهرية تتراوح بين الـ 17 ألف و38 ألف ليرة سورية. يدفع هذه الرواتب “اتحاد المكاتب الثورية” في مدينة كفرنبل، والطلاب يدرسون بشكل مجاني. كما تكفل الاتحاد بدفع أجر المركز لمدة سنة بما يعادل 120 ألف ليرة سورية، وكل ما يتعلق بالمستلزمات التي يحتاجها المركز.
المسؤول المالي “لاتحاد المكاتب الثورية” عبد الوارث حسين البكور (34 عاماً) يقول: “أن دعم مركز أجيال يأتي من ريع المشاريع التي تقوم بها منظمة “اتحاد المكاتب الثورية””، وهدف هذا الدعم هو التعويض عن تسرب الطلاب من المدارس؛ بسبب حالة الحرب وخاصة عندما يشن الطيران غارات ويلقي البراميل المتفجرة”.
مدير مركز “أجيال” وسيم النايف يقول: “أتممنا مدة الثلاثة أشهر، وودعنا التلاميذ. ونأمل أن يلقى هذا المركز دعماً أكثر لاستيعاب عدد أكبر من الطلاب”.