“أبي حرمني وأخواتي البنات من الميراث”

غاردين أحمد

(كفرنبل-سوريا) نزحت أمل مع وزوجها وأطفالهما الثلاثة إلى كفرنبل بسبب الأوضاع الأمنية. أصبحت تنتظر مع عائلتها المعونات الإغاثية.  تقول أمل “أنا بأمس الحاجة للمال، ولكن أبي حرمني أنا وأخواتي البنات من حقنا الشرعي في الميراث، وأعطى كل شيء لإخوتي الذكور”.

يزعم أباها أن زوجها غريب وهم لا يعطون المال للغرباء. ويصعب على أمل تحصيل حقها في الميراث في ظل الثورة لـ”عدم وجود المحاكم النظامية وفشل المحاكم الشرعية”على حد وصفها.

من وجهة نظر قانونية يقول المحامي نزار برغل “لا تستطيع المرأة الحصول على حقها لأنها لا تملك القوة الكافية “. ويوضح برغل أن الآباء يحرمون بناتهم من الميراث بسبب طمعهم بالمال وخوفا من ذهاب الرزق لأزواجهن. قبل الثورة كانت المرأة تحصّل حقها بالقانون ولو بعد طول انتظار قد يبلغ 10 سنوات أحيانا, أما بعد الثورة فهي لا تأخذ حقها بالميراث أبدا إلا إذا لجأت إلى المحاكم الشرعية والوجهاء وفي هذه الحالة ستحصل على تعويض رضائي ولكنها لن تأخذ حقها كاملاً.

بحسب برغل “المحاكم الشرعية هي الخيار والعلاج في الوقت الحالي، بمواجهة العقلية التعصبية للرجال في مجتمع كفرنبل والمناطق المجاورة. ويتحدث برغل عن إحصائيات تشير إلى أن الإناث االلواتي أخذن حقوقهن بالمصالحة أو بالجبر 5% أما نسبة اللواتي لم ينلن حقوقهن فهي 95 % .

قصة أمل تتكرر بشكل متزايد في كفرنبل كما في غيرها من المدن السورية. أبو كريم حرم بناته من حقهم في الميراث بحجة أن البنت لا حق لها سوى أكلها وشربها في بيته أو بيت زوجها. يقول أبو كريم ” أبي فعل نفس الشيء هذه عاداتنا وتقاليدنا”.

أبو كريم أعطى ماله لأولاده الذكور، ولكنه يشعر اليوم بالندم لأنهم تركوه ولم يهتموا به بعدما أصبح بحاجة للعناية الصحية.

تقول سميرة إبنة أبو كريم “خجلي وقمع أهلي لي منعاني من المطالبة بحقي في الميراث الذي أعطاه أبي لإخوتي الذكور” . كلما تتذكر سميرة ظلم والدها لها تغضب علىيه وعلى إخوتها الذين قاطعوها لكي لا تطالب بحقها الذي أصبح لهم .حتى لو أرادت سميرة المطالبة بحقها والشكوى، فهي على الأغلب لن تحصل على حقها.

الشيخ محمد الحميد كان على المنبر يحض الأهل على ضرورة إعطاء بناتهم حقوقهن، داعيا من لم تحصل على حقها لتقديم شكوى إلى المحاكم الشرعية لتحصيل هذه الحقوق. وقال الشيخ الحميد “الحق المغتصب لا يجوز حتى الصلاة فيه، لأن الاغتصاب بالشرع محرم”. ويعتقد الشيخ أن جشع الإنسان جعله يطمع بحق ابنته أو أخته.

ويروي الشيخ حميد قصة عن زواج رجل بإمرأتين، ولكنه أعطى الثانية وأولادها معظم المال والأولى لم يعطها سوى القليل ولم يسلم المال فعليا. فقدمت الزوجة شكوى للمحكمة الشرعية التي حكمت بأن قسمته باطلة لأنه أعطى ولم يسلم الرزق. ولكن عندما ذهبت المحكمة للتنفيذ أخذ أبناء الزوجة الثانية بالترهيب والتهديد فلم تتجرأ المحكمة على تطبيق الحكم . هذا يعني أن المحاكم الشرعية غير قادرة على تنيذ أحكامها.

ويقترح الشيخ محمد الحميد حلولاً شرعية لهذه الأزمة ولكنها حلولاً توعوية ومنها “التوجيه من على المنبر في المسجد”. باعتبار هذا الأمر هو أساس وظيفة الدعاة. يلزم لهذا السلوك فترة زمنية طويلة ولا يتحقق في يوم وليلة.  ويستشهد الشيخ محمد الحميد بالآية القرآنية التي تحض على إعطاء المرأة ميراثها في سورة النساء قال تعالى (( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين )) .

“أمل وسميرة ضحيتان لمجتمع ذكوري، ضحيتا الأهل والعادات والأطماع. المحاكم الشرعية لن تساعد أمل ولا سميرة ولا غيرهن على أخذ حقوقهن في الميراث، والحل الوحيد هو تكاتف وتضامن النساء لأخذ حقوقهن” بحسب ما قالت مديرة مركز مزايا غالية الرحال.