هربنا من قصف الأسد إلى قصف الجيش الحر
من حي السكري في حلب. صور من حلب بعدسة: مجاهد أبو الجود
"كان مصدر القصف مواقع تابعة للجيش الحر في منطقة داريا. استهدفوا حواجز ومناطق عسكرية للنظام في صحنايا"
بعد عودتي من المدرسة في حي السبينة في ريف دمشق يوم الخميس 6 ديسمبر/كانون الأول 2012، كانت الأجواء طبيعة في حي السبينة.
طلبت من أمي أن تأخذني لزيارة أختي التي تسكن في منطقة صحنايا هي وزوجها وأولادها. وافقت أمي، وذهبنا. فوجئت بتواجد كثيف لعساكر من نظام الأسد. تابعت المسير بعدما قررت التعامل مع الأمر على أنه مسألة اعتيادية. عندما وصلنا إلى منطقة صحنايا، أبلغنا أخي أن جميع مداخل ومخارج حي السبينة قد أغلقت بأمر من النظام، لأنهم علموا بأن الجيش الحر قرر أن يهاجم حاجز الفرن القريب من منزلنا.
استمر حصار الحي 15 يوماً ونحن خارج المنزل. عندما فكوا الحصار عن الحي ذهبت إلى هناك. كان الوضع غير مستقر نوعاً ما.
وفي يوم الأحد 20 يناير/كانون الثاني 2013، كنت ارتدي ملابسي لأذهب إلى المدرسة، وإذ بمجوعة كبيرة جداً من عناصر الجيش الحر تدخل الحارة التي اسكن فيها. كانوا يرددون شعارات “الله أكبر” و “لا إله إلا الله” وشعارات عديدة غيرها. كانوا يحملون أسلحة وذخائر وعند اقترابهم أكثر فأكثر من الحاجز الملقب بالفرن، بدأت اشتباكات قوية جداً وسماع دوي انفجارات، وقذائف الهاون تتساقط على أسطح المنازل.
شعرت بالخوف الشديد، لقرب منزلنا من الاشتباكات والقصف. وبعد عدة ساعات انتهت الاشتباكات. عمّ الهدوء في السبينة. وما إن حلّ الظلام حتى بدأ القصف الشديد من جديد. جاء اليوم التالي وأغلق جيش النظام جميع مداخل ومخارج سبينة. لا طعام ولا شراب ولا دواء يدخل الحي، ويمنع على أي أحد الخروج من منزله.
انتهى الحصار بعد عدة أيام. ذهبت مرة أخرى إلى صحنايا لأنني عانيت الكثير من الحصار والقصف. كانت صحنايا منطقة لا تقصف ابداً. حيث كان النظام يتواجد بها بكثرة، وكانت أيضاً من المناطق الآمنة بالنسبة للسكان. عندما أذهب إليها أشعر بالأمان.
بقيت في صحنايا عدة أشهر. وفي أحد أيام شهر حزيران/يونيو 2013، بينما كنت أتجول أنا وأمي في صحنايا وبالقرب من بلدية صحنايا وإذ بقذيفة هاون تسقط فوق سطح البلدية. لا ندري من أين أتت. سقطت على الأرض وبدأ زجاج المحلات التجارية تطاير بكل الاتجاهات. أصابتني شظايا الزجاج بجروح طفيفة.
أعقب القصف انتشار لعناصر من جيش النظام. القذيفة سقطت على مقربة من الحاجز الملقب بحاجز الطيارة. في منطقة أشرفية صحنايا. بدأت سيارات الإسعاف بالوصول إلى المكان. طلبوا أن أذهب معهم إلى المستشفى. رفضت ذلك، كنت خائفة، لا أدري ما الذي اصابني.
ذهبت إلى المنزل ما إن مضت الساعة أو الساعتين، حتى بدأت تتساقط قذائف متتالية على صحنايا، بالقرب من المنزل الذي أسكنه. كان مصدر القصف مواقع تابعة للجيش الحر في منطقة داريا. استهدفوا حواجز ومناطق عسكرية للنظام في صحنايا.
تزعزع الأمن في صحنايا. أصاب الخوف جميع سكانها. وعندما أصبح وضع صحنايا مشابهاً لوضع السبينة قررنا العودة إلى منزلنا في السبينة. وبعد عودتنا بأيام عديدة سقط صاروخ في الحارة التي اسكنها في السبينة، على مقربة من منزلنا. سقط على أثرها مدني وعدد من الجرحى من الجيران.
بدأ الوضع يسوء أكثر فأكثر. لا ندري أين نذهب جميع الطرقات أغلقت أمامنا. طلبت من والدي أن نبقى في السبينة ولا نذهب إلى أي مكان أخر، ريثما يهدأ الوضع. لكن والدي كان مصراً على مغادرة السبينة بإتجاه بلدتنا في ريف إدلب، بعد اشتداد القصق من الطرفين.
ذهبنا إلى صحنايا لكي نودع أختي وبعدها انتقلنا إلى ريف إدلب. وقبل مغادرتنا صحنايا علمنا أن جيش النظام امر بإخلاء حي السبينة من المدنيين. كان هذا القرار عبارة عن صدمة تلقاها جميع سكان السبينة. وبعدها أصبح حي السبينة منطقة عسكرية تابعة للنظام، لا يسمح لأي شخص بالدخول إليها.
ذهبت إلى إدلب وكنت حزينة جداً. لم يعد لي من عودة إلي دمشق مرة أخرى بسبب قصف الطرفين لبعضهما البعض .
نادين المحمد (21 عاماً)، درست في كلية التربية حيث كانت تقيم في ريف دمشق، ثمَّ بسبب الأوضاع الأمنية تركت دراستها وانتقلت مع عائلتها إلى ريف إدلب.