مشافي كفرنبل تعمل بطاقتها القصوى

تخرج جمانا (30عاماً) من مشفى الحكمة على نقالة المرضى، يحملها اثنان من الدفاع المدني، تمت تغطيتها بشرشف بلّلته الدماء من كل جانب. تم نقل جمانة إلى سيارة الإسعاف التابعة للدفاع المدني في كفرنبل، وجهة الطريق هذه المرة تركيا.

مشفى دار الحكمة في كفرنبل تصوير مها رباح

عمل عناصر الدفاع المدني على إسعاف جمانا من بيتها الذي تعرّض للقصف في 20 نيسان/أبريل 2015، ونقلوها إلى مشفى الحكمة. ويقول أحدهم ويدعى محمد “طلب منا الدكتور باسل الأصفر نقلها الى تركيا، بعدما مكثت لديهم في المشفى نصف ساعة تقريبا”. مدير مشفى الأمل الدكتور أحمد الأقرع (60 عاماً) يؤكد أن حالات عديدة عولجت في مشفاه الذي يعمل وفق ما يملك من إمكانات. أما الحالات المستعصية فيتم تحويلها إلى تركيا”.

ويقول الدكتور الأصفر “إن حالة جمانا تحتاج الى تصوير طبقي محوري لإجراء العملية بسبب وجود شظية داخل الرأس، من جهة المخ. وجهاز التصوير الطبقي المحوري الوحيد في كفرنبل معطل منذ أكثر من شهر. لذلك طلبت منهم نقلها الى تركيا مباشرة”.

وتصف إحدى الممرضات حالة جمانا بالـ “حرجة جدا بسبب حملها الذي هو في الأشهر الأخيرة، وأي عملية تخدير ربما تؤثر على الجنين”.

يقول البعض في مشفى الحكمة، أن معظم حالات الإصابة نتيجة القصف التي حوّلها الدكتور المسعف باسل الاصفر والدكتور المسعف عبد الاله الاسماعيل إلى تركيا، توفي أصحابها في الطريق أو داخل المشافي التركية.

حالة جمانا مستقرة بعد مرور ثلاثة أيام على ذهابها ووصولها الى تركيا، حسب ما أفادت اختها التي عادت من زيارتها.

إبن قرية الرامي ياسر (22عاماً) أصيب بيده إصابة بالغة نتيجة القصف المدفعي، تم إسعافه الى مشفى اورينت في المعرة فما كان من طبيب العظام مازن سعود إلّا أن قطع يده وقام بتعقيم مكان الجرح. الدكتور مازن سعود وهو مدير مشفى أورينت (61 عاماً) يقول “أن معظم الحالات التي تأتينا للعلاج في مشفى اورينت، هي إصابات كسور عظمية جراء القصف. وبهذه الحالات نقوم بتجبير الكسر ما لم تكن الأعصاب مقطعة ومهشمة. وفي حال تقطيع الأعصاب نقوم بقطع اليد كما في حالة ياسر، ونتابع علاج المريض حتى يشفى”. وأضاف الدكتور سعود “بعد تهدم معظم المشافي في سراقب ووفاة أحد مدرائها وهو الدكتور سمير أطرش جراء إصابته بشظايا برميل متفجر، ازداد الإقبال على مشافي المعرة الخاصة والعامة. وأصبح الضغط على هذه المشافي أكبر”. ونبّه الدكتور سعود إلى أن الدعم لمشفى اورينت المعرة سيتوقف لأن الداعم ويدعى غسان عبود سيبدأ بدعم مشافي مدينة إدلب بعد تحريرها. وطمأن الدكتور أنه وعدد من زملائه الاطباء سيواصلون العمل تطوعيا ريثما يجدون مصدراً آخر للدعم.

وفي ما يتعلّق بالتجهيزات والمعدّات الطبية المتوافرة في منطقة كفرنبل وحولها يوضح الدكتور سعود أنها تقتصر على إيكو عادي، ايكو دوبلر ملون، أجهزة تصوير أشعة، أجهزة غسيل كلوي في جميع مشافي المنطقة. وأجهزة أوكسجين وإنعاش. وتتواجد أكثر من عشر مؤسسات طبية ما بين معرة النعمان وكفرنبل وما حولها، بعضها خاص والأخر عام. ويسعى الدكتور مازن مع زملائه إلى انتخاب مدير للصحة العامة، بعد تحرير إدلب. وتشكيل منظومة صحية خاصة بالعناية بالشؤون الصحية في كامل مدينة إدلب وريفها.

أخبر أحد الأطباء سعاد (40 عاماً) أنها بحاجة إلى عمل جراحي لاستئصال المرارة. سعاد لا تملك ثمن المبلغ المطلوب للعملية الجراحية وتخشى إجراءها في مشفى اورينت المجاني في كفرنبل بسبب تعرّضه للقصف المتكرر. حاولت الممرضة سها (27 عاماً) طمأنة سعاد وأخبرتها “أن اغلب القذائف تسقط حول المشفى وعلى سوره فقط. والأضرار اقتصرت على كسر زجاج النوافذ. باستثناء القصف الذي توفي نتيجته الدكتور محمود الزراب الذي كان حينها خارج بناء المشفى”. وتشير سها إلى أن هناك ما لا يقل عن 18طبيباً و30 ممرضاً وممرضة من كفرنبل والقرى المحيطة، بها يعملون في ذلك المشفى بالتناوب، وهم يقومون بأعمالهم على اكمل وجه.

وبحسب الدكتور عدنان (32 عاماً) وهو أحد أطباء الأمراض الداخلية “تتوفر في مشفى أورينت معظم الأدوية، وهي مجانية. يتم الحصول عليها من المنظات الانسانية مثل منظمة يداً بيد ((hand in hand المدعومة من دول أوروبية والائتلاف السوري”. ويشير إلى أن “فقدان بعض الادوية، وهي قليلة جداً”.

آمنة (25عاماً) أنجبت ابنها في مشفى الخطيب قبل شهر تقريباً. تصف مستوى العناية بالجيدة. وتثني على أداء الممرضات ا للواتي وفرن لها جميع ما يلزم من تدفئة وخدمة ونظافة. أشرفت على عملية الولادة الدكتورة خديجة  (45عاماً) من بلدة حاس. لم تقصد آمنة المشفى الخاص بالتوليد في كفرنبل، لأنه دائم الازدحام، بسبب كثرة حالات الولادة والمعاينة النسائية التي عادة تكون من خارج مدينة كفرنبل، أي من القرى المجاورة. وبسبب كونه المشفى الوحيد في المنطقة الخاص بالولادة.

الدكتور محمد مدير مشفى الخطيب (62 عاماً) يحمل الجنسية الفرنسية وهو خريج إحدى جامعات فرنسا يقول “نجري في مشفانا عمليات مثل استئصال المرارة، الزائدة، انغلاف الامعاء، كما نقوم بتجبير الكسور بأنواعها، قيصريات، إنعاش، تعقيم وخياطة جروح بانواعها، قسطرة، مع توفر جميع الاطباء المختصين”.

المسعف الطبي عبد الحميد السلمو (42 عاماً) من قرية كفر روما شرق كفرنبل يقول “لقد كانت ليلة يوم الاثنين ٢٧ نيسان/ابريل عام ٢٠١٥ حافلة بالاسعافات من قرية كفروعيد غرب كفرنبل، حيث قصف النظام المنطقة بغاز الكلور السام، قمنا انا ومجموعة من زملائي المسعفين بنقل المصابين إلى بعض مشافي كفرنبل “.

استهداف المنطقة بالغاز تحدث عنه البعض فيما غاب أي تأكيد له، وفي ما يتعلق بمعالجة حالات الإصابة بالغازات السامة، يقول الصيدلي نزار “ان اغلب المواد الاسعافية للمصابين بغاز الكلور متوفرة في الصيدليات. وهي غالبا مواد قلوية لإبطال مفعول الغاز. أما بالنسبة للحالات الشديدة كالاختناق، غالباً ما يتم علاجها عن طريق الأوكسجين. وتم بناء معمل كامل لانتاج الأوكسيجين تحت اشراف الدكتور محمد الخطيب، في مدينة كفرنبل وهو قيد الانتاج منذ الأول من آذار/مارس ٢٠١٥”.