في مفردات الأقليات

ملاذ الزعبي

لا تستخدم الأقليات في المشرق العربي كلمات معاصرة لتجسيد خوفها من أخوها “الأكثري”، فتبرير الخوف يتطلب مفردات بعينها تستحضر ماضٍ سحيقٍ، أو حتى ماضٍ غير موجود في بعض الأحيان، ساد فيه إبن البلد “الأكثري” على إبن بلده “الأقلوي”. إذ تزخر مواقع التواصل على الشبكة العنكبوتية والنقاشات الشفهية بكلمات، تتكرر بلا هوادة، حول خوف الأقليات على مستقلبها.

مصدر الصورة: FreedomHouse2 موقع Flickr

في الحديث عن البدائل المطروحة مستقبلاً في حال ذهب “حُماة الأقليات”، يزخر حديث “الأقلوي” الخائف بكلمات من قبيل “السيف” و”السبي” و”الجزية” وما إلى ذلك.

يصبح السيف رمز الظلم والقتل المنتظر، ليست بندقية الكلاشنكوف ولا فوهة المدفع ولا راجمة الصواريخ أو قذيفة الهاون، فأدوات الفتك هذه لا ترتبط بالإسلام في ذهن الأقلية الجمعي، ولو كان لأبناء المشرق العربي، وخاصة في سورية ولبنان والعراق، نصيب أكبر من عاشقي الكلاشينكوف ومغرمي الستينجر العائدين من أفغانستان، فلربما وجد هذان السلاحان الحديثان طريقهما إلى معجم الخوف “الأقلوي”.

السيف هنا، بالطبع، ليس سيف الحجاج بن يوسف الثقفي المسلط على رقاب الرعية جميعاً، على سبيل المثال لا الحصر؛ هو بالأحرى ذلك السيف الذي تحدث عنه البابا بنديكتوس السادس عشر في محاضرته الشهيرة عن الدين الذي انتشر بقوته.

أما الصواريخ التي تدك المدن، وقذائف الهاون التي تمطر البيوت بلا تمييز بين مسلح ومدني، بين كبير وصغير، فدعك منها؛ لم يستخدمها عبد الرحمن الداخل في فتح الأندلس ولا معاوية بن أبي سفيان في دخوله بلاد الشام. لا داعِ للحديث في هذه الأسلحة التي لا تخيف، والكلام عن مسؤولية أخلاقية وإنسانية ووطنية، وربما دينية، حول ما يجري لأخوة الوطن سيبدو نوعاً من الترف، أو ربما خيانة للإنتماء الديني.

يُختصر الربيع العربي وتجلياته بالنسبة إلى الكثيرين بأسئلة تشي بخوف من منع الكحول وفرض الحجاب وفرض الجزية على المسيحيين، أما نزيف الدم المستمر، فالأسئلة عنه مؤجلة إلى حين، لأنه بالنسبة إلى كثيرين ليس ذا أولوية.

الآراء الواردة في هذا المقال تخص الكاتب ولا تعبر بالضرورة عن سياسة الموقع التحريرية