دعم الزراعة المنزلية لتأمين دخل للعوائل المحتاجة
وبات الأهالي يزرعون حدائق منازلهم في ريف إدلب تصوير دارين الحسن
"المشروع شمل ألف مستفيد من العوائل الأكثر فقراً في ناحية معرة مصرين. استهدف المشروع ١٩ قرية منها حزانو، كللي، معربونة، كفتين، معارة اخوان، بير الطيب وغيرها. "
وجدت أم عمر (28 عاماً) في فسحة بيتها مكاناً مناسباً لزراعة بعض الخضار والبقوليات التي تحتاجها أسرتها، وتسويق الفائض بأسعار تؤمن لها ربحاً معقولاً، يتيح لها الاستمرار في هذا الإنتاج.
أم عمر استفادت من مشروع دعم الحديقة المنزلية الذي أطلقته منظمة إحسان للإغاثة والتنمية في ريف إدلب، سعياً لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الخضروات وتحسين المستوى المعيشي للأسرة باعتبارها مصدراً للدخل.
مدير مشروع الحدائق المنزلية في الريف الشمالي لمدينة إدلب المهندس عبد الحميد الأشقر (43 عاماً) يتحدث لـ”حكايات سوريا” عن أهداف المشروع قائلاً: “تسببت الحرب بشح الموارد الطبيعية وازدياد أسعار المواد الغذائية ونقص الأمن الغذائي”.
ويضيف الأشقر: “وجدنا أن الحديقة المنزلية مكملة لاحتياجات المنزل، وأردنا مساعدة الأهالي على زراعة الخضار الصيفية والشتوية في المساحات التي تحيط بمنازلهم واستثمارها بشكل مفيد بدلاً من إهمالها، وذلك من خلال زراعة محاصيل موسمية، من شأنها تحقيق الاكتفاء الذاتي للأسرة وتأمين احتياجات المنزل من هذه المحاصيل بأقل التكاليف وتحقيق دخل جيد جراء بيع الفائض عن الحاجة، على اعتبار هذه الزراعة لاتحتاج تخصصاً أو معرفة عميقة”.
وبحسب الأشقر المشروع شمل ألف مستفيد من العوائل الأكثر فقراً في ناحية معرة مصرين. استهدف المشروع ١٩ قرية منها حزانو، كللي، معربونة، كفتين، معارة اخوان، بير الطيب وغيرها. وقد حصل كل مستفيد على مستلزمات الإنتاج بالكامل. من بذار خضار شتوية وصيفية وخزان مياه وشبكة ري بالتنقيط.
ويؤكد الأشقر على أهمية إعادة إحياء الزراعة المنزلية بقوله: “أغلبية الأسر في ريف ادلب تمتلك مساحات من الأراضي حول المنازل، لذلك لابد من استثمارها بزراعة الخضار الموسمية، لأنها تكون زراعة عضوية تعتمد كلياً على الطبيعة وجهد المزارع”.
ويضيف الأشقر: “الخضار الناتجة عن هذه الزراعة تختلف عن مثيلاتها المغذاة بالأسمدة الكيميائية والهرمونات. لذلك تكون مختلفة في اللون والمذاق وحتى الرائحة، وتحتمل مدة تخزين أطول من الخضار المهرمنة، كما ينعكس ذلك على الجانب الصحي”.
“ما أجمل أن يقطف الإنسان ثمار عمله ويأكل مما يزرع” تقول أم عمر معبّرة عن سعادتها بعد استفادتها من المشروع، الذي شكل دخلاً رديفاً للراتب الذي يحصل عليه زوجها جراء عمله كمستخدم في إحدى مدارس بلدة كللي.
الأرملة أم سعيد (35 عاماً) من قرية بير الطيب في ريف إدلب. استفادت من المشروع، وعن ذلك تقول: “الارتفاع الكبير والملحوظ في أسعار الخضروات، دفعني وأسرتي للبحث عن وسيلة لتأمين متطلبات المنزل من خلال استثمار الحديقة الخلفية لمنزلنا التي تقدر بدونم واحد”.
وتضيف أم سعيد: “بعد حصولي على مستلزمات الإنتاج من المشروع قمت مع أبنائي بتنظيف الحديقة من الأشواك والحصى وتسويتها وفلاحة الأرض وزراعتها بخمس أنواع من الخضار الشتوية. وبهذه العملية نستطيع أن نوفر أكثر من ٢٠ ألف ليرة سورية شهرياً”. وتؤكد أم سعيد بأنها تستلهم من حديقتها الطبخات اليومية التي تكون بنكهة ريفية ونقية بامتياز.
عن طريقة الزراعة بحسب التدريب الذي حصلت عليه من المشروع، توضح أم سعيد: “أتأكد بداية أن المكان الذي اخترته للزراعة تصله الشمس بمعدل لايقل عن ٦ ساعات يومياً، ثم أقوم بزراعة البذار في التربة على عمق لايتجاوز ٢ سم، وأغطيها بالتراب وأرشها بقليل من الماء كي تستوي التربة حولها ثم ننتظم على ري النبات كل يومين”.
وتنبّه ام سعيد إلى عامل حالة الطقس “فإذا كان ماطراً فلا داعي للسقاية، أما إذا كان جافاً فيجب ري الخضار بشكل مستمر حتى لاتجف التربة وتموت الخضروات كما ننزع الاعشاب والحشائش الضارة التي تنمو بجانبها ونكافح أي حشرات قد تؤذي الخضار”. مبينة أن الزراعة تحتاج إلى الشعور بالمسؤولية لأن النبات يتفاعل مع الاهتمام المخصص له.
أبو عدنان(45 عاماً) يعمل بائعاً للخضار في مدينة معرة مصرين. يتحدث عن عمله قائلاً: “زراعة الحدائق المنزلية بالخضار يؤمن جزءاً كبيراً من الاحتياجات المنزلية، لأن الخضار من أهم الأغذية التي يستهلكها الأهالي بشكل يومي كمكونات أساسية في الطهي. كما أن هناك إقبال كبير على الخضار المحلية أو البلدية كما نسميها، لأنها تكون طبيعية وذات جودة عالية ونكهة مميزة .
أحمد العليوي (39 عاماً) من قرية كفرتعنور في ريف إدلب، استفاد من المشروع وتمكن من زراعة أرضه التي كفته الحاجة وأعانته على الاستهلاك اليومي للخضار بدل شرائها من الأسواق، معتمداً في ذلك على تجميع مياه الأمطار لتأمين احتياجات زراعته المنزلية من الماء.
ويقول العليوي: “أيقنت أن أفضل طريقة لحفظ الخضروات هي الزراعة المنزلية، لأن النباتات تفقد الكثير من قيمتها الغذائية بمجرد خروجها من التربة خاصة حين يطول وقت تخزينها، وقد ضمنت من خلال المشروع الحصول على خضار طازجة في أي وقت، كما أقوم ببيع الفائض للجيران وبائعي الخضار بأسعار مناسبة تضمن لنا الحصول على دخل جيد، كما أن الاخضرار حول المنزل يمنح الشعور بالراحة ويجدد النشاط ويريح الأعصاب “.
مدير المشروع عبد الحميد الأشقر يختم حديثه بالقول: “ساعد المشروع في إدارة الاقتصاد المنزلي بشكل جيد. وتأمين بعض الحاجات الغذائية الضرورية للأهالي من خلال استغلال المساحات الخالية في بيوتهم لزراعتها بالخضروات. وتوفير مصدر غذائي صحي في محاولة لإضفاء اللون الأخضر على الصورة حالكة السواد التي خلفتها الحرب”.