“بيت ألفة” عائلات سورية تكفل أخرى
“بيت ألفة” عائلات سورية تكفل أخرى
فيان محمد
تقوم عائلة مقتدرة بكفالة عائلة فقدت زوجها أو معيلها، عن طريق إدماج العائلات السورية المغتربة مع العائلات المقيمة
(غازي عنتاب-تركيا) بيت قديم في مدينة غازي عنتاب التركية، ما أن تدخل إليه حتى تتخيل نفسك قد عدت إلى بيت من بيوت الشام القديمة، حيث يستقبلك الأطفال وهم يلعبون في أرض الدار بضحكاتهم
التي تعلو إلى السماء علها تنسى المآسي التي شهدوها قبل نزوحهم من سوريا.
“بيت ألفة” مبادرة أطلقتها عائلة سورية من بلدة أريحا (تتبع إداريا لمدينة إدلب) لاجئة في تركيا منذ ما يقارب السنتين، يهدف المشروع لرعاية أرامل وعوائل من قضوا خلال الثورة السورية. ففي البيت الذي يقع في غازي عنتاب القديمة تقيم أربع عائلات، مع التكفل بمعيشة 16 عائلة, مقيمين في أماكن مختلفة من غازي عنتاب.
المبادرة التي أطلق عليها أصحاب الفكرة إسم “ألفة” رغبة منهم في الألفة التي يودون أن تكون بين قاطني البيت, يعتمد على كفالات عائلات حيث تقوم عائلة مقتدرة بكفالة عائلة فقدت زوجها أو معيلها، وذلك عن طريق إدماج العائلات السورية المغتربة مع العائلات المقيمة في البيت.
تتكفل العائلة المغتربة بتلبية احتياجات العائلة من ناحية المدارس و المعيشة اليومية, وتؤكد ديمة حاج درويش التي تقف خلف هذه المبادرة بأنها لم ولا تتلق أي دعم مادي من منظمات دولية, بل تعتمد على الكفالة التي تقدمها العائلات السورية المغتربة, وفي البيت لا يتم استقبال إلا العائلات التي فقدت معيلها ومع تقديم أوراق تثبت صحة ذلك.
بعد تأمين المسكن لهؤلاء اللاجئات اللاتي أتين الى تركيا, البلد المجاور لسوريا، والذي بات ثانيا بعد لبنان، من حيث استقبال اللاجئين السوريين في تقرير المفوضية السامية لشؤون اللاجئين الذي صدر في شهر آب/اغسطس الفائت بعدد تجاوز ال800 ألف لاجئ, حاول اصحاب المشروع المساعدة في تمكين هؤلاء النسوة اقتصاديا، فالكفيل قد يتخلى عن العائلة المعيلة في أي لحظة.
لا مفر أمام هؤلاء النسوة من الاعتماد على أنفسهن، وهنا التحدي الذي واجهته القاطنات في البيت. أغلب اللاجئات جئن من مناطق سورية محافظة، ولم يسبق لهن العمل ولم يتمكن من إكمال تعليمهن. فكانت فكرة “مطبخ ألفة” والتي تتلخص بقيام ساكنات البيت بتحضير الطعام وطهيه ليصار إلى بيعه للمنظمات والفعاليات السورية الموجودة في غازي عنتاب.
أم رشيد(في الستينات من عمرها) تسكن مع أحفادها الثلاثة في إحدى غرف البيت تقول “لا استطيع ترك احفادي لوحدهم والذهاب إلى العمل خارجا, فهم يتامى وصغار (والدهم معتقل وقتلت أمهم برصاصة قناص في حلب فالتجأت الجدة الى تركيا)”. بعد أن سكنت في بيت ألفة بدأت بالعمل مع النسوة في مطبخ ألفة مع أنه توجد عائلة تكفلت بأحفادها. وتضيف “اشارك في الطبخ علني استطيع ادخار شيء من النقود كي اتمكن من توكيل محام لابني المعتقل لدى سلطات الأمن السورية منذ سنتين”.
بعض النساء وجدن صعوبة في البداية بسبب عدم مزاولتهن لأي عمل في السابق، أم أحمد النازحة من مدينة حلب حيث قضى ابنها, كانت تعتمد على بعض النساء، يساعدهن في أعمال المنزل، على حد قولها ولكن الظروف تغيرت ورغم الوضع الجديد تقول: “أشعر بالرضا عندما يثني أحدهم على الطبخ الذي أقوم بإعداده”.
العديد من المنظمات والفعاليات السورية المقيمة في غازي عنتاب ما أن سمعت بالمشروع حتى بدأت بطلب الأكل من المطبخ, كمكتب قناة الجزيرة, جمعية الشام لرعاية وكفالة الايتام. كما اعتاد موظفو مؤسسة هوا سمارت على طلب الأكل من مطبخ ألفة, فعلى حد تعبير أحد موظفيها وهو وائل الخالد فكرة المشروع ممتازة “وهي خطوة ايجابية للمساهمة في تمكين المرأة السورية في بلد اللجوء”.
وللمساهمة في تمكين شريحة أكبر من النساء، يعكف بيت ألفة حالياً على دراسة مشروع مشغل ألفة وهي فكرة أضافتها صاحبة الفكرة الأساس ديمة حاج درويش.
وخلال كتابة هذه السطور في بيت إلفة كانت النساء بصدد إعداد 100 كيلغرام من كبيس الباذنجان (مكدوس) للعائلات السورية المقيمة في غازي عنتاب التركية.