الغاز في دير الزور متوافر وبأسعار رخيصة
غيث الأحمد
يُعتبر الغاز في مدينة دير الزور الأرخص على الإطلاق بين جميع محافظات المدن السورية ويبلغ سعره 350 ليرة سورية للجرة، بينما يبلغ متوسط سعر الجرة 2500 ليرة سورية أو أكثر في مناطق أخرى. مادة الغاز من الأمور اليسيرة على المواطنين في المناطق التي تخضع لسيطرة عناصر المعارضة المسلحة، وهي الأحياء التي تقع في جنوب المدينة مثل الرشدية، شارع سينما الفؤاد، شارع العام أو المطار القديم. والكتائب التي تسيطر على هذه المناطق كثيرة ولا تتبع جمعيها لفصيل معين، وهي: حركة أبناء الإسلام، جبهة النصرة، الألوية والكتائب التابعة للمجلس العسكري، لواء الإسلام وهو تابع لجبهة تحرير سورية الإسلامية، بالإضافة إلى لواء الفاتحين، لواء “لا إله إلا الله محمد رسول الله”، لواء جعفر الطيار، لواء مؤتة، لواء القعقاع، لواء أسود السنة، كتائب خالد ابن الوليد وتجمع كتائب العباس.
ويعود سبب توفر الغاز في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة إلى سيطرة عناصر “جبهة النصرة” على معمل الغاز الواقع في منطقة الطابية “كونكوCon-co” بريف محافظة دير الزور ويبعد المعمل 35 كيلومتراً عن المدينة وكان يتبع للقطاع الحكومي. وتتولى الجبهة حالياً الإشراف على معمل الغاز وجني عائدات بيع جرات الغاز.
أحد سكان حي الشيخ ياسين في مدينة دير الزورالذي يخضع لسيطرة كتائب “الجيش الحر” و”جبهة النصرة” ويدعى حسان العاني (50 عاماً) وهو موظف سابق يعتبر أن الغاز يتوفر بشكل جيد وبسعر ثابت وهو 350 ليرة سورية للجرة والتي تزن27 كيلو غرام. ويشير العاني إلى أن توزيع الغاز في تلك المناطق يتم عن طريق التسجيل لدى شخص يوصف بـ”المتعهد” والذي يتلقى مبلغ 25 ليرة سورية مقابل تسليم كل جرة. و”المتعهد” من اللجان الشعبية ومسؤول عن تسجيل الغاز للمدنيين ويوجد في كل حي متعهد خاص به. وطريقة التسجيل بسيطة ولا تحتاج إلى التعب والانتظارفي طوابير طويلة تضطر للوقوف فيها ساعات كباقي المدن السورية، حسب قول حسان العاني. وتتكون اللجان الشعبية في الأحياء المختلفة من أبناء المنطقة وهي صلة الوصل بين السكان والعناصر العسكرية المسيطرة على الأحياء.
منهل الصياح (36عاماً) يعّبر عن ارتياحه أيضاً. فقد عاد الصياح مع عائلته البالغ عددها 5 أفراد من مدينة الرقة التي كان نازحاً فيها، إلى بيته في منطقة الحميدية في دير الزور، والتي يسيطر عليها عناصر الجيش الحر. يقول الصياح إنه لم يعد يحمل همّ تأمين جرة الغاز للمنزل والتي تعتبر من أهم متطلبات الحياة وذلك على عكس ما كان عليه في محافظة الرقة، حيث كان الغاز مفقوداً بشكل كبير:”كنا ننتظرأياماً دون وجود غاز في المنزل ونضطر لشراء الطعام الجاهز من المطاعم وبأسعار باهظة لعدة أيام على التوالي. وعند الحصول على جرة غاز بعد عدة وساطات كان سعرها يصل أحيانا إلى 4000 ليرة سورية”.
ويشرح أبو عباس، أحد العاملين في معمل الغاز في الطابية، أن سعر جرة الغاز التي تزن 27 كيلو غرام من المعمل هو 50 ليرة سورية وتباع في داخل مدينة دير الزور بـ 350 ليرة سورية بعد إضافة تكاليف النقل وأجور العمال. وحسب قول أبو عباس فلا يوجد أرقام أو سجلات لمعرفة عدد جرات الغاز الموزعة على المدنيين في كل شهر وذلك لأن التوزيع يتم بشكل عشوائي وحسب حاجة المدنيين.
تحسنت الخدمات بعض الشيء في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة في دير الزور. وبعد أن كانت المحلات التجارية في الأسواق مغلقة بشكل كامل، أعاد عدد قليل من هذه المحلات فتح أبوابه، التي لم تتضرر خلال المواجهات المسلحة، ولكن لا يتعدى عددها أصابع اليد الواحدة. وبات بإمكان السكان تسوق بعض المواد الغذائية الأساسية مثل اللحم والطحين. ويعود سبب هذا التغيير إلى سيطرة كتائب المعارضة المسلحة على الطريق الذي يربط بين ريف دير الزور والأحياء التي تخضع للمعارضة في المدينة، فأصبح إدخال مواد أساسية ممكنا. وتصل جرات الغاز إلى دير الزور عبر هذا الطريق أيضاً. وقد زاد عدد المدنيين في دير الزور خلال الأشهر الماضية بعد رجوع جزء من سكان المدينة الذين كانوا قد نزحوا إلى الرقة.
يقلو أبو العباس العامل في معمل “كونكو”، والذي يقوم أيضاً بإيصال الغاز من المعمل إلى المناطق التي تسيطر عليها كتائب الجيش الحر في دير الزور، إن الطريق محفوف بالأخطار بسبب وجود قناصين على جانبي الطريق وارتكاب أي خطأ من الممكن أن يؤدي إلى إصابة الجرات وانفجار الحمولة كلها. ويتابع أبو العباس قائلاً إن “جسر السياسية”هو الجزء الأخطر من الطريق. ويبلغ طول الجسر 200 متر ويقع على الفرع الكبير لنهرالفرات، وهوجسر رئيسي لمرورالحافلات بكل أنواعها إلى دير الزور. ويتمركز قناصة في أبنية مقابل الجسر ما زالت تحت سيطرة قوى موالية للنظام. لذلك فإن سائقي سيارات النقل يعبرون ليلاً ويطفئون أنوار سياراتهم ويسوقون بسرعة لكي لا يستطيع القناصة استهدافهم، حسب قول أبو العباس. وسقط خلال الأشهر الماضية 27 قتيلاً و70 جريحاً، هم حصيلة ضحية قناصي الجسر، معظمهم من المدنيين، حسب إحصاءات المستشفيات الميدانية في دير الزور.
ويغذي معمل “كونكو” في الطابية محطات حرارية بالغاز تستخدم لتوليد الكهرباء ويوجد محطة داخل المعمل هي التي تساهم بتغطية حاجة دير الزور من الكهرباء مما أدى إلى تحسين تغطية المدينة بالطاقة.