الشيخ العرعور: ظاهرة إعلامية أم شخصية ثورية؟
ورد العاصي
استطاع الشيخ عدنان العرعور الذي يبلغ الخامسة والستين من عمره أن يجمع قاعدة شعبية له في الشارع السوري. هذا الداعية السلفي يتخذ من برامج تلفزيونية في قنوات دينية منبراً له. يتميز خطابه بهجوم عنيف على النظام السوري، ويرى منتقدوه أن الطريقة التي يتكلم بها عن الشيعة والعلويّين تتضمن تحريضاً طائفياً. غادر الشيخ سوريا ومسقط رأسه حماة في بداية الثمانينات بعد المواجهات المسلحة بين النظام والإخوان المسلمين واستقر في المملكة العربية السعودية.
اليوم وبعد مرور سنتين على اندلاع الثورة، يبرز السؤال حول ما إذا كان الشيخ عدنان العرعور مجرد ظاهرة إعلامية أم أنه شخصية شعبية ذات مصداقية، ومستقبل سياسي في سوريا الجديدة.
آراء السوريين متضاربة حول الدور الذي يلعبه عدنان العرعور. سيما، على سبيل المثال، وهي من القابون في ريف دمشق وتدرس المعلوماتية، تنتقد الشيخ بحدة. تقول سيما إن الشيخ لا يمثلها وتعتقد أنه يخدم النظام لأنه يلعب على وتر الطائفية ويثير في خطاباته النعرات بين شرائح مختلفة من المجتمع السوري: “أعتقد أن سبب محبته أو تبنيه من قبل الشارع يعود إلى أنه منذ بداية الأحداث كان يخرج إلى العلن ويسّب بشار الأسد ويقف ضد النظام بطريقته. وكان الشارع يحتاج آنذاك لداعم وناطق.”
أما اليوم، بحسب رأي سيما، فإن الشيخ العرعور لم يعد يعني الكثير للسوريين.
“من أراد أن يشاركنا ثورتنا فعليه أن يترك منبره وينزل إلى الشارع ويساهم في تقديم العون لا التحريض،” تضيف سيما.
أما هدى، فتتخذ موقفاً مغايراً. الطالبة في جامعة دمشق تعتبر نفسها من مؤيدي الشيخ لأنه يمثل الجانب الحقيقي للحراك الإسلامي والذي يقوم على نهج السلف الصالح والدعوى المبنية على القرآن والسنة، حسب قولها. وتستطرد هدى قائلة: “لقد سخّر كل علمه لدعم الثورة ولم يبخل بأي نصيحة أو معرفة أوعلم. اجتهد في الفتوى بأمور الناس ومصالحهم لما فيه الخير لثورتنا المباركة من خلال برنامجه “مع سوريا حتى النصر”.”
الانتقادات الحادة التي وجهها عدنان العرعور إلى أهالي مدينة ديرالزور أشعلت نقاشاً حاداً بين السوريين حول مدى مواكبة الشيخ للحراك في المنطقة الشرقية من البلاد. وجاءت تصريحات الشيخ في وقت تعاني المدينة من حصار شبه دائم من قبل القوات النظامية ومن تدمير جزء كبير منها. في آخر نوفمبر/تشرين الثاني 2012 خاطب الشيخ أهل المدينة وريفها على الهواء مباشرة وقال:
“يا أهالي ديرالزور أنصحكم بالاستيقاظ، يا أهل العشائر حرضوا أبناءكم… انتهى النظام، سقط النظام. ورب الكعبة سقط النظام، انقذوا أولادكم من الضلال، انقذوهم من اتباع الطاغوت والكفران.”
تقول هدى إنها لا تعتقد أن كلامه عن ديرالزور مقصود فيه التقليل من شأن الحراك الثوري في المدينة: “أنا فهمت الخطاب كرسالة موجهة للذين ما زالوا يقاتلون في صفوف الجيش السوري ويطالبهم بالتوبة والعودة لصفوف الأبطال.”
جابر شاب في الثامنة والثلاثين من العمر متخرج من كلية الآداب ومن أبناء محافظة القنيطرة يؤيد الشيخ لأنه حسب اعتقاده يبذل جهده وماله وعلمه للثورة ولتوجيه الشارع السوري لما فيه مصلحتهم ولدرايته التامة ومعرفته الجيدة بالنظام. جابر متأكد من أن العرعور لم يقصد بكلامه الإهانة وإنما كان خطابه جاء “لكي يسحب من تبقى من الأهالي أبناءهم من الجيش الأسدي ويطالبونهم بالإنشقاق،” يقول جابر. “أتمنى عدم تخوينه بهذه السرعة وإعطاءه الفرصة للتوضيح والشرح، فأنا أجده شيخاً جليلاً كثير الحكمة.”
ردود الفعل من أهالي دير الزور مختلفة. فقد جاء في رسالة وجهتها صفحات فيس بوك المعارضة في محافظة دير الزور رفض لهذه الاتهامات من العرعور:
“شيخنا الجليل، لم نخرج ولم نقدم دماءنا حتى يقال عنا أننا فعلنا ولكنا خرجنا لله. ولكن تحاملك على محافظتنا وأبنائها وتكرارك مرارا أن على أهالي ديرالزور سحب أبنائهم من الجيش (يوحي) وكأن الجيش الخائن قوامه أبناء ديرالزور؟… راح نقولها بالديري: كافي تظلمنا ترا ما يكفي ظلم بشار إلنا، بدك تظلمنا أنتا.”
بعد سقوط الرقة في محافظة الحسكة في أيدي الثوار في بداية آذار/مارس 2013، غيّر العرعور لهجته تجاه أهالي المنطقة الشرقية بعض الشيء، فقد حيّا أهالي المدينة والجزيرة والعشائر، ولكنه لم يغيّر موقفه من أهالي دير الزور بشكل واضح.
الشيخ عدنان العرعور بالنهاية هو اسم ارتبط بالثورة من بدايتها كمؤيد لها وكأحد المعارضين الأشد كرهاً للنظام، ولكن لا مفر من الانتظار حتى نهاية الثورة لكي نعرف الدور الذي سيلعبه هذا الخطيب الماهر الذي دخل معترك السياسة في فترة عسيرة من تاريخ سوريا.